القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية كانت أنثى الفصل الأول والثاني والثالث بقلم لولي سامي

 رواية كانت أنثى الفصل الأول والثاني والثالث بقلم لولي سامي





رواية كانت أنثى الفصل الأول والثاني والثالث بقلم لولي سامي




البارت الاول

المرأة مثل الرجل بل هي افضل منه.

فإذا كان الرجل يتميز بالذكاء والقيادة، فالمرأة الان استطاعت أن تكون سفيرة ووزيرة بل قاضية .

وإذا كان لديه القدرة على إتقان اي عمل ،فالمرأة لديها القدرة على إتقان أكثر من عمل في آن واحد.

فلتقدري ذاتك يا عزيزتي .

واعلمي أنك قادرة على فعل كل شيء واي شيء ، ولم تحتاجين الرجل في شئ .

كوني استقلالية فإنتي تملكين كل مقومات الاعتماد على الذات.

هذه كانت مقدمة مقالي الذي كتبته في يوم من ايام عملي من أجل إدراجه بعمودي الاسبوعي في المجلة.

نسيت ان اعرفكم بنفسي/ أنا شروق الحسيني كاتبة ومحررة بمجلة نسائية بتهتم بقضايا المرأة وبنزل فيها كل اسبوع مقال .

بتكلم فيه عن دعم المرأة وعن قوتها وصفاتها وقدراتها.

وقد ايه هي مهمة في المجتمع لحد ما طلع عليا لقب مروجة فكرة  independent woman .

وطبعا سعيدة جدا للي وصلتله، واللي كان هدفي في يوم من الأيام اني اثبت فكرة جديدة عن المرأة ، غير أنها تكون مدلله وقدراتها محدودة في الإغراء وانتقاء الازياء وتربية الأطفال.

ومحدش يفتكر اني معقدة ولا وحشة بالعكس انا امتلك قدر من الجمال ليس بقليل....

أنيقة ولي ذوق خاص في اختيار ملابسي، ولكن انشغالي بعملي يبعدني قليلا عن الاعتناء الكامل بذاتي....

ولكن لم يهمني فأنا الان اصبحت ذو مركز مرموق بالمجلة

بجانب كل هذا مهتمة جدا بمنزلي، فانا زوجة وأم لثلاث اطفال ،والحمد لله بهتم بيهم جدا ، بجانب عملي وغير مقصرة في أي شئ علشان بس اقدر أثبت أن المرأة قادرة على النجاح في كل حاجه،

لدرجة اني أرى نفسي امرأة قوية جدا وكاملة،

برغم كم الإرهاق الذي أشعر به ولكني مستمرة بالسعي للوصول لهدفي وهو ( أن المرأة قادرة على كل ما يفعله الرجال ....)

حتى جاء اليوم الذي هدم كل أفكاري ومبادئي في الحياة وكأني كنت أنظر للحياة من منظور واحد خاص بي أنا فقط .

لأعود مجددا واعيد التفكير في كل ما مضى واتذكر كل المواقف والتجارب والحروب التي افتخر أنني خوضتها بل وفزت بها.

لاصعق حين اجد كل ما مضى لم يندرج تحت مسمى فوز بل هو الخسارة بعينها .

.....................

اجلس على مكتبي اتابع كتابة مقالي بحماس تام فيجب أن انهيه اليوم واقدمه حتى يتم مراجعته ،

ليندرج بعمودي الاسبوعي بالمجلة.

فقد وصلت بعد مجهود مضني أن يكون لي عمود خاص أدون به مقالاتي.

وهذا عمل شاق لم يصل له أي كاتب أو محرر ببساطة .


دلف ساعي المكتب  بعد أن طلبته ويسمى العم مصيلحي لاطلب منه  قدح من القهوة ، فانا احتاج مزيدا من التركيز ولكنه لم يذهب لإحضار القهوة ، 

تعجبت من مكوثه واقفا بمكانه فرفعت وجههي متعجبه وسألته / خير يا عم مصيلحي في حاجة ؟؟

أبتلع ريقه العم مصيلحي وقال بتلعثم / انا اسف يا استاذة شروق .... عارف انك مشغولة ومش عايزة اعطلك ...بس ...بس.

_ خير يا عم مصيلحي قول على طول انا مش فاضية .

_ في واحدة برة مصرة تقابلك وبتقول عندها مشكلة ومحتاجاكي ضروري .

تعجبت مما استمع له فانا محررة وكاتبة لست قسم الشكاوي لاوضح له ربما اختلط عليها الأمر / هتلاقيها متلخبطة يا عم مصيلحي وجهها لقسم الشكاوي .

وعدت ثانية أصب تركيزي على ما بيدي لأجد العم مصيليحي يقول لي / مانا قولتلها يا أستاذة بس هي مصرة عليكي ده حتى طلبتك بالاسم.

لارفع راسي مجددا وانظر باندهاش وعقلي يفكر

لما تصر علي هكذا ؟ 

بل لماذا تطلبني بالاسم ؟

ربما كانت أحدا يعرفني....

لاتخذ قراري واترك قلمي لارى من هذه التي جاءت خصيصا لي ، فقد زاد فضولي لمعرفتها ومعرفة إصرارها علي / خليها تدخل يا عم مصيلحي بس هاتلي القهوة وحاول تفهمها اني مستعجلة .

اومأ العم مصيلحي وأدخل السيدة لتبدو امامي امرأة ذو ملامح جميلة ولكن ينقصها الاعتناء بنفسها قليلا......

لا يهم فانا مثلها تقريبا .

مددت يدي وحيتها ثم أشرت لها بالجلوس .

جلست وهي تنظر للاسفل وتفرك بيدها لاحظت التوتر الشديد عليها ولكني في عجلة من امري فحاولت إنهاء هذه المقابلة فتحدثت انا بلباقة قائلة / عم مصيلحي قالي أن حضرتك طلبتيني بالاسم، 

اتفضلي انا سمعاكي.

رفعت السيدة وجهها المحتقن لي من أثر التوتر وابتلعت ريقها قبل أن تتحدث قائلة / انا بصراحة من أشد المعجبين بمقالاتك،

وتقريبا بشتري المجلة علشان اقرا مقالك بس ،.....

ثم أكملت بحزن / اصلي مش هيهمني الموضة والاكلات اللي سعر محتوياتها غالي........

ولا اخبار مين عمل ايه!!!

اومأت براسي كتحية على اشادتها لعملي، ولكنه بالنسبة لي كان أمرا عاديا فقد اعتدت سماع هذه الاشادات ، ومن المؤكد أنها لم تطلبني بغرض الإشادة فقط لاحثها على استكمال الحوار / كملي سمعاكي.

أطبقت شفتيها ثم اردفت قائلة / انا معجبة بمقالاتك علشان هي اللي بتساعدني اني اكمل اللي بعمله،  بس انا جاية هنا علشان أسألك السؤال اللي مش لاقياله إجابة .

قطبت حاجبي لاجدها تسال قائلة / ثم بعد ؟ 

سألتها بدوري مستفسرة عن معنى سؤالها / نعم !؟

لاجدها تسال مجددا ولكن بايضاح / ثم بعد ؟؟ 

يعني بقيت امرأة عاملة، وأم شاطرة ، وست يعتمد عليها اللي رايح واللي جاي لدرجة أنها شالت كل المسؤوليات اللي تخصها واللي متخصهاش .

وأثبتت للكل جدارتها وتفوقها في كل المجالات ........

ثم بعد ؟؟

لم اسأل نفسي علي مدار حياتي الشخصية أو العملية هذا السؤال .... ثم بعد ؟؟

ما الهدف خلف كل هذا ؟؟؟ 

مجرد إثبات للمقدرة على اي شئ وكل شئ !! .... 

ثم بعد؟؟

رمشت باهدابي غير واعية بماذا اجيبها لتكمل هي رسم الصورة التي لم اراها من قبل / يعني بعد ما أثبت أن اقدر اعتمد على نفسي ، واقدر احل مشاكلي.

في ناس هتسيبني من غير حتى ما تسأل انا عملت كدة ازاي ؟ وتعبت ولا متعبتش ؟

وناس تانية هتشوفني هيرو فهتحملني مسؤولياتها هي كمان .

والمشكلة مش في كل دول !! 

أثارت فضولي أكثر من اللازم لتكمل بذكر المشكلة التي لم أصل لها حتى الآن /  المشكلة الأكبر اني مش هلاقي نفسي..

هتوه زي مانا تايهه دلوقتي!!

اللي قدامك دي كنت في الاول شيك جدا في لبسي واناقتي ،

كنت لازم اخلي الشنطة تليق مع الجزمة ، والاتنين يليقوا على اللبس اللي لابساه،  وكل لبسي يليق على المكان اللي رايحاه والوقت كمان ...

دلوقتي انا بحاول البس اي كوتش على اي لبس علشان الحق الشغل ....والحق العيال .....والحق السوق .....

وكمان علشان رجلي تستحمل بعد كل ده أن أقف عليها اكمل عمايل اكل في البيت .

لم أشعر بذاتي سوى أنني أرجعت قدمي للخلف كمحاولة من جسدي لاخفاء الحذاء الذي ارتديه فهو بنفس المواصفات التي ذكرتها المدعوة.

قطع حديثنا دلوف العم مصيليحي الذي ذكرني بمقالي بهدف استعجالها كما طلبت منه.

لأجد نفسي أغلق الدفتر الذي أدون به مقالي الجديد وكأني اخفي جُرم ما.

وضع العم مصيلحي القهوة امامي قائلا ما اتفقنا عليه لإنهاء هذه المقابلة سريعا / المدير بيستعجل المقال سيادتك أقوله ايه ؟

أدركت السيدة مقصد العم مصيليحي لتستقيم واقفة وهي تقدم لي بيدها ظرف ما قائلة / بعتذر إني عطلتك عن عملك ، وعلشان كده كتبت لك قصتي اتمنى انك تقريرها بتمعن.

ومنتظرة إتصال من حضرتك لو في اي استفسار او لو وصلتي لإجابة عن سؤالي عن اذنك.

استقمت بدوري لاسلم عليها وطلبت منها رقم هاتفها  .

دونت رقم هاتفها بورقة من أمامي وذهبت وتركتني وانا مشوشة الفكر .

ذهبت دون أن أعرف قصتها أو سبب سؤالها!! 

ذهبت دون أن أعرف حتى اسمها!!

ولكن اسمها ليس بالأمر العسر أو مهم فمن المؤكد أن صورة تحقيق شخصيتها متواجدة مع الأمن بالاسفل ، الاهم هي قصتها تُرى ماذا خلفها .

زفرت انفاسي واخذت أتطلع لخطابها هل افتحه الآن أم اتركه لوقت اخر .

توصلت لفكرة عدم فتح الخطاب وانا بهذا الفكر المشوش ربما أثر ما بخطابها على مبادئي.

فيجب التوصل لإجابة سؤالها اولا من وجهة نظري ... ثم بعد؟؟ 

قبل أن أواجه مشكلتها فلانتظر قليلا حتى يهدأ عقلي من التفكير واكون بحالة مزاجية تسمح بالتدبر.

جلست على مقعدي وارجعت راسي للخلف احاول التفكير في كل ما ذكرته ، كما احاول مقارنته بكل ما مضى وما وصلت إليه .

ثم بعد ...!؟

تُرى هل أسعى خلف سراب ؟؟

لملمت أوراقي واخبرت الساعي أن يخبر اعتذراي عن عمود الغد فالأمر يتطلب قليلا من التفكير حتى انتبهت على أنه قد حان موعد الانصراف .

هرولت لالحق بحضانة ابنتي ونعود سويا للمنزل قبل وصول حافلة مدرسة اولادي .

استقلت سيارة أجرة ولكن في طريقي للحضانة القريبة من منزلي وجدت اتصال من مشرفة حافلة اولادي قبل ميعاد وصولهم وهذا معناه إما وصلوا قبلي أو حدث مكروه لا قدر الله .

لاجيبها على الفور والقلق يبدو من نبرة صوتي / أيوة يا مس سماح .... في حاجة بعد الشر !؟

سمعت صوتها أكثر توترا مني وهي تخبرني قائلة / استاذة شروق .... عايزة حضرتك تيجي عند شارع (x) اللي جنب المدرسة .... ابن حضرتك باب الميكروباص قفل على أيده .

ورحت بيه الصيدلية بس الصيدلي شايف أنه يروح مستشفى افضل .

صفعت وجنتي من أثر الخضة وأبلغت السائق بالتوجه مباشرة للعنوان المنشود وانا مازلت معها بالمكالمة ،

حاولت تهدأتي وطمأنتي أن الموضوع بسيط ولكني لم اطمئن قبل أن أرى ابني بنفسي.

فسألتها لحين الوصول حتى استطيع تفهم الامر/ ميكروباص ايه اللي قفل على ايد الولد انتوا مش كنتوا مروحين في باص .

حاولت المشرفة تبسيط الأمر مع وضوح تام في اضطرابها فقالت / باص المدرسة عطل واضطريت اوقف ميكروباص وبعد ما ركبت الاولاد كلهم وقولت أتمم عليهم وعدتدهم، وانا بقفل الباب علشان اركب جنب السواق قدام لاقيت ابن حضرتك صرت جامد علشان كان حاطط أيده وقفلت الباب على صوباعه .

فتحت الباب بسرعة ورحت بيه لأقرب صيدلية .... متقلقيش والله الصيدلي قالي بسيطة .

بدأت دموعي تنهمر على وجنتي وانا اتخيل الموقف والألم الذي عاشه ابني .

بينما عقلي يتوقع دائما الاسوا لتحاول التخفيف علي حالي فسألتها حتى اهيئ عقلي لما ساراه / العقلة .... العقلة طارت .

أسرعت بالإجابة لا اعرف هل لمجرد طمأنتي ام انها الحقيقة / لا والله... لا لا لا خالص بقولك بسيطة والله.

تذكرت أخيه كيف نسى عقلي لاسأل عليه سريعا / وأخوه اخوه فين ؟

اجابتني بثقة / اخوه في الميكروباص وراكن اهو قدام الصيدلية متقلقيش.

أغلقت معها والسيارة على وشك الوصول لاحاول رسم الثبات.

فكفكفت دموعي يجب أن يراني اولادي قوية حتى لا يفزعوا يكفيهم رعب الموقف .

دلفت السيارة للشارع القريب من العنوان ،

لأجد اتصال من مسؤولة الحضانة تبلغني أنني قد تأخرت عن موعد استلام ابنتي،

لاصفع جبهتي على ذاكرتي واعتذر منها واطلب منها تسليمها لإحدى العاملات بالحضانة .

وعند عودتي سادفع لها مبلغا كتعويضا عن التاخير .

ثم أمسكت بهاتفي واحاول الاتصال على مازن زوجي وانا على يقين أنه لن يجيب على اتصالاتي ولكن قولت ربما .

وصلت الصيدلية بعد أن أعدت الاتصال عليه مرتين لاغلق الهاتف واحاول الصمود والتعامل مع الموقف بكل حكمة .

هرولت تجاه الحافلة لاستلم ابني مروان ثم دلفنا لداخل الصيدلية ليهرع أنس مرميا باحضاني.

بكى بشدة وانا احاول تهدأة حالي والمشرفة تحاول تهدأته بينما الصيدلي جلب لي كوبا من الماء ولم اكذب فانا كنت في احتياج شديد له .

ارتشفت نصف الكوب وهدهدت أنس ثم سقيته نصف الكوب هو الآخر .

وبدأت امسك يده لاتطلع عليها ولكنها كانت ملفوفة بشاش قطني.

نظرت تجاه الصيدلي باستفسار فانا اريد الحقيقة ولكن لا اريد اخافة ابني ليحاول الصيدلي طمأنتي فقال لي / بصي الموضوع بسيط جدا بس انا شايف تروحي مستشفى علشان اعتقد هتضطروا تشيلوا الضوفر..

بس علشان ميعملش التهاب تحته ولا حاجه بعد الشر.


حاولت التماسك بشدة فانا حتى الآن لم أرى إصبع ابني بعيني بعد.

لاحاول تهدأته فقدت شعرت بذعره لمجرد ذكر نزع الظافر .

استقلنا سيارة اجرة وابلغتها بالعنوان ليتوجه مباشرة بحضانة ابنتي التي استلمتها واعطيت العاملة تعويض عن تأخري ثم طلبت من السائق التوجه لأقرب مشفى .

بالفعل طلبت طبيب جراح وتم إزاحة اللفافة من علي يد انس ليقرر بالفعل ضرورة نزع الظافر .

استنشقت اخيرا الهواء واعتبرت أن هذا كرم من الله أنها انتهت لهذا فقط ولم تصل لقطع العقلة .

اجلست أنس بمقعد بالمشفى فقد كان مرعوبا حقا فور استماعه للفظ إجراء عملية ونزع الظافر .

ركعت أمامه كمحاولة لتوصيل المعلومة فقلت له وانا اصطنع اللامبالاة / العملية بسيطة جدا يا أنوس مش هتحس غير بحقنة البنج بس .

كان يتحدث وسط تشنجاته من أثر البكاء فسألني بذعر / يعني أنا هكون مع الدكتور لوحدي ونايم يا ماما ؟؟ 

ما ممكن يقطع صباعي كله.

ابتسمت كمحاولة لطمأنته قائلة / لا يمكن اسيبك يا قلبي وكمان الحقنة هتكون في صباعك علشان متحسش بالجرح، 

لكن مش هتنام ولا حاجه ومتخافش هكون جنبك.

بالكاد حاولت إقناعه أنه من الضروري إجراء هذه العملية البسيطة.

ولكن هيهات أن تعقد اتفاقا مع طفل فهو أشبه بالكتابة علي رمال شاطئ البحر.

فبعد لحظات ينتهى كل ما تم الاتفاق عليه .

فور دلوف الطبيب عاد أنس بالبكاء ثانية بل أشد من الاول حاولت احتضانه بعد أن أكدت علي الطبيب عدم خروجي من الغرفة .

كان الطبيب يعتقد أنني لم استطيع التحمل لذلك نصحني بالخروج وإلزام أمر امساك الطفل لممرضة.

ولكني رأيت أنني كلما أصبحت بجوار ابني وشددت  باحتضانه فسأكون مطمأنه له اكثر من الممرضة .

فاخبرته بإصرار أنني ساتحمل بل إنه لم يستطيع التحكم به بدوني .

وبالفعل شددت باحتضان أنس وهو الاخر شدد باحتضاني.

بينما الممرضة حاولت تثبيت يده الأخرى ليبدأ الطبيب بالعمل.

وكان مما أثار تعجب الطبيب أنني اشاهد ما يفعله بإصبع ابني ولم ادير وجههي . 

كان كل خوفي أن يخطأ فأردت التحمل من أجل طمأنة جوارحي .

بهذه اللحظة دلف علينا طبيب آخر وقف يلاحظ ما يتم ...

عرض تقديم المساعدة وينحيني عن هذه المهمة ،ليرفض أنس أن اتركه فطمأنته باني لم اتركه قط.

أنهى الطبيب ما يفعله وقام بتغطية الجرح ، ودون لي قائمة بالدواء اللازم والتعليمات اللازمة عند التغيير عليه .

خرجت من غرفة الجراحة البسيطة ليهرول علي مروان وبيده أخته اللذان اجلستهم بالخارج لحين إنهاء عملية أخيهم .

ركعت بمستوى ارتفاعههم لاحتضنهم جميعا واحاول تهدأتهم بأن كل شيء بخير.

استمعت لرأي الطبيبان بالداخل وهما يتحدثان بأمري .

_ مين الطلقة اللي كانت هنا دي؟

_ ده والدة الطفل حاولت أخرجها علشان متضعفش بس هي ما شاء الله أثبتت جبروتها ، ده كانت بتشوفني وانا بنزع ضوفر ابنها متهزتش.

_ملامحها جميلة محتاجة بس شوية اهتمام بنفسها ، ده اكيد يا مطلقة يا أرملة.

_ اشمعنى!؟

_  علشان اتعودت تقابل صعوبات وتفضل ثابته كدة .

الست اللي في حياتها راجل بيكون لها السند اللي بتترمي عليه في صعابها ، لكن أنها تتحمل الصعاب ولوحدها يبقى مفيش راجل في حياتها واضطرت لكدة.

_ أو ممكن يكون مسافر !؟

_ احتمال برضه.

استقمت مع اخر جملة استمعتها ربما مسافر !!

فوجوده أشبه بعدمه ولكن هل هذا بسبب تقصير منه ام ان أسلوبي الاعتمادي والاستقلالي من جعله كذلك.

حملت شمس ابنتي وامسكت بيدي أنس وطلبت من مروان السير بجوارنا فالمشفى لم تكن بعيدة عن المنزل بل كانت بالشارع المجاور .

وصلنا المنزل بعد يوم ملئ بالاحداث المرهقة فكريا ونفسيا وجسديا .

لم اطلب من الاولاد شئ من قبيل تغيير ملابسهم أو حتى غسل أيديهم أو وجههم.

ربما لاني قدرت مدى إجهادهم فأرتموا حرفيا كلا منهم على فراشه وراحا في سبات عميق ، 

أو ربما هذا ما كنت أريده وهو الاختلاء بذاتي.


دلفت غرفتي لاغير ملابسي وقفت لحظات أمام المرآه فشعرت بانهياري التام لاهبط جالسة على مقعد المرأه.

اخذت ابكي وأبكي .

بكيت بقدر ما احتجزت البكاء 

بكيت بقدر صلابتي التي تصنعتها

بكيت وقد اشتقت لضعفي 

فادعاء القوة بوقت الوهن لأمر جلل .

اخيرا كفكفت دموعي وبدأت بنزع ملابسي لانظر لملابسي بعين التقييم وعقلي يسترجع كلام الزائرة المجهولة اليوم لاسأل ذاتي ما هذا الذي توصلت إليه ؟

اهذا ما كنت أسعى خلفه؟ 

الإهمال بذاتي لهذه الدرجة ؟

صدحت بأذني جملة الطبيب / (محتاجة بس الاهتمام بنفسها شوية) ماذا لو كان هذا رأي مازن أيضا ؟

اتسعت حدقتي غير مصدقة أمن المعقول بعد كل ما أفعله يصل به الأمر لهذا الرأي !!

ولما لا ؟

وهو لا يرى مني سوى الإهمال بذاتي حتى لو اهتميت باولاده أو بمنزله .

فمهما ارتديت بالمنزل ولكن يصبح المنظر النهائي غير محبذ ،

فالشعر ململم لإنهاء مهامي ،

والوجه لم يطأه اي مستحضرات تجميل .

فلم امتلك من الوقت ما يجعلني اقوم بذلك .

وربما غفيت قبله من كثرة الانهاك اليومي الذي اعيشه.

نظرت لنفسي لاسأل ذاتي مجددا / لحظة ...

ماذا افعل ؟؟ 

انا من أكثرت علي بالمهام .

انا من أردت إثبات أنني قديرة على تحمل كل شيء،

بل وسعيت بتحقيقه لأصل لهذا المستوى إهمال ظاهري واجهاد داخلي .

وياريت العائد مربح في اي جهة من الجهات؟؟


تحاملت على ذاتي فاليوم حقا كان مرهق ولكن يجب أن أعد وجبة دسمة للاولاد تعويضا عن يومهم الصعب .

غيرت ملابسي وذهبت للمطبخ لابدأ بإخراج مستلزمات الطعام وقد شعرت بالوهن الشديد.

طرأ لعقلي لماذا لم اطلب طعام من الخارج واريح جسدي قليلا ؟

ولكن أجابت حافظة نقودي على عقلي فراتبي لم يتحمل كل هذه المصاريف في يوم واحد .

لأعود التفكير ثانية هل هذا ما كنت اتوق إليه ؟

السعي خلف الإجهاد دون تحقيق أي سبل من الراحة !!


اقضي نصف يومي بالعمل والنصف الآخر بإنهاء الأعمال المنزلية والدراسة لاولادي؟

لينتهي اليوم وقد خارت كل قوايا وكأنني كنت بحرب عاتية .

حتى راتبي الذي افتخر بحصولي عليه لم اهنأ علي راحة بسببه.

فهو لم يتحمل توفير عاملة لتنظيف المنزل .

ولم يتحمل شراء طعام غداء من الخارج .

وأحيانا كثيرة لم يتحمل شراء ملابس جديدة لي .

كل ما يوفره مواصلات جيدة للغدو والعودة من العمل، 

ووجبة الافطار التي والحمد لله اهنأ بها قليلا.

ضحكت بسخرية في عز حزني فشر البلية ما يضحك .

وللحق واجهت ذاتي بما جنيته.

أنني وصلت لمركز مرموق بالجريدة وأصبحت ذو واجهة اجتماعية جيدة نوعا ما ، حتى أصبح لي متابعين من خارج الجريدة ينتظرون مقالي .

أهذا ما سعيت خلفه الواجهة الاجتماعية وربما القليل من الشهرة ؟؟

ضحكت بسخرية مجددا من ذاتي فيا ليتهم ينتظرون مقالي ويقتنعون به ويؤثر عليهم ؟

بل يدخلهم بصراع نفسي بين ما يقرأه لي وما يروه بالواقع هكذا كان ملخص الزائرة المجهولة .

انتبهت على لسعة من النار باصبعي وكأنها توقظني على نيران الواقع لاربت على حالي وانا اقول / يالا علشان تبقى كملت.

انهيت الطعام وايقظت الاولاد لاعطي انس الدواء ويبداوا في تناول طعامهم ثم استذكار دروسهم لحين قدوم والدهم الحاضر الغائب..... المسافر.

انتهى يومي ولكن لم ينتهي يوم والدهم بعد فقد عاد بالأمس بعد عناء بالعمل فهو يعمل صباحا كمحاسب بإحدى المصالح الحكومية ومساءا يعمل بإحدى المكاتب الحسابية .

يعود بعد أن أُنهك جسديا من الفترة التي يقضيها خارج منزله فهي فترة تتعدى الأربعة عشر ساعة يوميا ،

يعود كالطفل الذي ينتظر الحلوى على حسن أعماله تتحول الحلوى كل يوم لعقاب لا يعلم سببه .

فور وصول مازن للمنزل وجد هادئا على غير العادة فسأل عن أطفاله فاعلمته أنهم نائمين ليشتعل الحماس بوجهه ويقبلني على وجنتي طالبا منى الاستعداد للقاء حلم به طوال اليوم .

وتوجه للمرحاض للاغتسال بينما أنا كدت اشتعل من الغضب، 

فلم يسالني حتى عن سبب اتصالي به .

تصنعت التجاهل وعدم الاهتمام لادلف لغرفتي اتدثر بغطائي دون حتى أن أعد له طعامه .

خرج من المرحاض فلم يجد أحد نادى علي بصوت خافت وبرغم استماعي لصوته الا أنني لم اجيبه .

دلف الغرفة ليجدني قد غفوت ،

اقترب مني واعتبرني امازحه ليرفع فجأة الغطاء عني لازمجر به قائلة / في ايه يا مازن عايزة انام !!

نظر لشكلي وملابسي ليقول لي والتعجب يكسو ملامحه / ايه ده مغيرتيش ليه ؟ 

اعتدلت بجلستي وجلست القرفصاء فقد أثار غضبي بهذا السؤال لأنهره قائلة / واغير ليه ها؟؟

سالتني عاملة ايه طول اليوم؟ 

تعبانة ولا مرتاحة  قبل ما تطلب مني البس ؟

اطمنت على يومي كان كويس ولا كان منيل ؟

سألت حتى أنا اتصلت بيك ليه؟

بالرغم انك مردتش ولا حتى اتصلت تطمن يمكن اكون في مصيبة .

تحولت ملامحه السعيدة الي مقتضبة ليخرج هو الآخر ما يشعر به قائلا / يعني بعد يوم طويل عريض من الشقاء مش من حقي ارجع الاقي مراتي مستنياني ؟؟

دايخ من هنا لهنا علشان ارجع الاقيكي مصدرالي النكد علشان متصلتش ولا رديت على تليفونك ؟

وكمان هيكون ايه اللي حصل يعني مانتي كويسة اهو..

افتح ليه مجال للنكد زي ما بتعملي ؟

وابدا اسأل كنتي بتتصلي ليه؟  

علشان تفتحي اسطوانة يعني انت رديت أو اتصلت !!

مليون مرة بقولك انا شغلي حسابات يعني لو غلطت في صفر هضيع .

نظرت له بعين الخزي لأسأله والأسى يغلف نبرتي / يعني احنا لما نضيع ده عادي عندك؟؟

رأي الحزن بعيونها واستشعر أن هناك خطب ما بصوتها دب القلق اوساره ليجلس قبالتها ماسكا بكف يدها قائلا بنبرة هادئة / بعد الشر عليكم .....

مقدرش اعيش من غيركم اصلا.....

كل الفكرة اني عارفك انك قوية وبتقدري تتصرفي....

فبعتمد عليكي مش اكتر ،....

مش انتي دائما بتقوليلي متشيلش هم طول مانا موجودة ..... 

انا بتصرف  

تغلغت الدموع في مقلتي وانا ارى الإجابة أمامي بوضوح نعم أنا السبب ....

أنا من أوصلته أني بدونه استطيع فعل كل شيء واي شئ. 

وكل ما فعله هو ترك لي المجداف كليا دون الأخذ بالاعتبار ما إذا كانت هناك أمواج عاتية لم استطيع انا على مجابهتها.

أغلقت عيوني وكفكفت دموعي ليدب الزعر بقلبه لأول مرة يرى دموعي المصطحبة بالصمت بهذا الشكل .

مسح دموعي بيده ورفع وجهي إليه سائلا بقلق بادي علي صوته وملامحه / مالك يا شروق قلقتيني ؟؟

حقك عليا يا ستي بس طمنيني ايه اللي حصل ؟

سحبت نفس عميق ثم قلت بكل هدوء / أنس باب الميكروباص قفل على أيده .....

لم ينتظر استماع باقي حديثي خوفا من أن يكون الباقي أكثر قبحا .

استقام سريعا ليهم بالذهاب لابنه فأمسكت انا بيده محاولة تهدأته فقد علمت ما حلق بخياله / متقلقش مفيش حاجه بعد الشر.

استدار بخوف يستشعر صدق حديثي من ملامحي ليجدني اطمأنه بإماءة من عيوني.

ثم بدأت اسرد عليه احداث اليوم وكيف تحاملت على ذاتي وانا في قمة رعبي لاحاول فقط أن أطمئن أبنائي ولا اشعرهم بالذعر .

قبل جبهتي قائلا بأسف / حقك عليا....

انا فعلا المفروض اكون موجود ، وانا اللي اتصرف وكفاية عليكي تهدي الاولاد وتهدي نفسك كمان .

بجد كتر خيرك انك قدرتي تتصرفي وانتي مرعوبة بالشكل ده ومعاكي اطفال كمان .

قبل جبهتي ثانية وعدل لي الوسادة قائلا بابتسامة/ نامي انتي عقبال ما أطمن علي أنس .

لم تمر لحظات إلا وقد غفوت حتى أنني لم اشعر بعودته .

لم اشعر إلا بصوته بالفجر يوقظني قائلا / يالا يا شروق قومي لبسي الاولاد اتاخرنا.

تركني ودلف للمرحاض بينما أنا اخذت افكر هل اذهب للعمل أم انتوى عمل إجازة اليوم.

شعرت بانهاك جسدي ومن المحتم أن انس لم يذهب للمدرسة إذا فهي الإجازة اليوم واريح نفسي وجسدي واريح أبنائي.

لاسحب الغطاء ادثر نفسي ثانية .

خرج مازن من المرحاض متعجبا فوكزني بغرض ايقاظي لاخبره من أسفل الغطاء بعدم ذهابي اليوم فانا مجهدة وبالتأكيد أبنائي مجهدين .

سمعت تمتمته وهو يقول / طب مادام هتاخدي إجازة كنا قضينا ليلتنا امبارح وغيبتي بالمرة ....

استغفر الله العظيم....ستات نكد بصحيح.

كدت أن اقفز من نومي الكمه في وجهه هذا المتبلد عديم الاحساس،

ولكني أثرت إراحة جسدي فلكمه يحتاج لطاقة وانا افتقدها حاليا.



#كانت_أنثى

#لولي_سامي

البارت الثاني

المرأة نصف المجتمع ...

بل هي المجتمع كله ...

فهي نصفه عندما تمثل دور الزوجة والاخت والابنة والخالة والعمة ...

وهي كله عندما تمثل دور الأم فتصبح مسؤولة عن تربية الرجال ....

هكذا كان عقلي يترجم افعالي مع ابنائي ، 

فعند استيقاظ انس قبلته وبدأت في تغيير على الجرح / يالا يا أنوس يا حبيبي علشان اغيرلك على الجرح...

 فور استماعه للفظ جرح حتى ارتعب قليلا ....

لم أنكر أنه كان يصرخ قبل أن المسه حتى ولكني حاولت أن أبث بداخله روح التجلد والتحمل ...

واقنعته أنها من شيم الرجال لاعطيه مثال حي ...

فطلبت منه أن يريني مدى قوة تحمله إذا جرح وكانت أخته الصغيرة بحوزته ...

هل سيترك مسؤولياته تجاهها ؟؟

مما قد يعرضها للخطر !!

او يتألم أمامها لتشعر بالذعر وعدم الامان ؟؟

ام سيتحمل لحين وصوله لحل يخفف من الالامه أو وصول أحد منا فيخف عنه الحمل؟؟

خلال محادثتنا هذه استطعت أن اغير جرحه بهدوء..

 وللحق هو تحلى بالصبر والمثابرة للفخر...

 فتاكدت أنه سيصير رجلا يتحمل كافة الصعاب .

لانظر له بابتسامة فخر واقبل وجنته .

الحادث نفسي أن هكذا تربية الرجال يجب أن أفتش بداخله عن معنى الجلد والتحمل حتى لو كان طفلا..


بدأت بإعداد الطعام ولم انسى الحلوى الذي يعشقها انس فحقه أن يثاب على تحمله .

انتهينا من وجبة الإفطار وطلبت منهم المذاكرة قليلا حتى يتسنى لي قراءة الخطاب الخاص بالعمل .

لا اخفي عنكم سرا حاول الاولاد خداعي بأنهم يذاكرون فانا أعلمهم جيدا ...

لا يبدأون بالمذاكرة بدوني ولكني تصنعت أنني التقمت خدعتهم وذهبت لإعداد قهوتي ،

ثم أحضرت حقيبتي لاخرج منها خطاب الزائرة المجهولة وجلست وانا احاول أصب كل تركيزي على فحوى الخطاب .

فتحته وبدأت اقرا

....................

انا هناء أو صفاء أو رجاء مش مهم الاسم المهم المعنى ...

انا اللي طلبت ان حكايتي تتكتب وبالتفصيل لما حسيت اني توهت ....

توهت ومبقتش عارفة انا ايه في الأساس....

بس اللي متأكدة منه وفكراه كويس اني كنت انثى.

قبل ما اقولكم حكايتي لازم اعرفكم أن الحكاية ده هتقابل رفض من البعض وانا متقبلة ده جدا لاني بصراحة حكايتي بتخاطب فئة معينة من فئات المرأة العاملة .

الفئة الأكثر طحنا أو من تتخذن المسؤوليات على عاتقها حقا...

 وليعلم حاملي شعار ( الانبدنتدت ومن والذي كنت أنا من مروجي هذه المفاهيم من قبل) 

أن هذه المسألة لم ولن تروق لهم ولكنها بكل أسف الحقيقة  .....

الحقيقة التي نهرب منها والتي لطالما هرولنا خلفها لأسباب اوهمونا أنها تعود للحرية...

وربما ابتاعوا لنا أكذوبة إثبات الذات ....

لنكتشف فيما بعد أنها من أكثر القيود التي اخترناها برغبتنا ....

وأنها بعيدة كل البعد عن مفهوم تحقيق الذات .

هذه قصتي أردت أن اتلوها عليكم لتعلموا بدواخل الأمور ربما عدتن لرشدكن وتنحيتن عن أفكار بثها البعض لاجندات خاصة بهم .

قبل الدلوف بالقصة واحقاقا للحق لي كلمة للفتيات...


الانثى خلقت لتكرم وتصان فهى كالزجاج الرقيق إذا تهشم لم تلتئم جزيأته مرة أخرى .....

ولذلك أقول لك عزيزتي ليس العمل هو من سيحقق ذاتك....

 ولا ركضك خلف وسائل المواصلات للحاق بالعمل هو من سيثبت قدراتك ومهاراتك...

 ولكن لكل قاعدة شواذ فهذا لم ينفي احتياج البعض للعمل من أجل توفير الاحتياجات الضرورية للحياة...

 وأؤكد على لفظ الاحتياجات الضرورية فإذا كان عملك أساس لتوفير هذه الاحتياجات فهنا تحطم القاعدة ويصبح سعيك ضروريا...

 ولكن حاولي حينها اختيار أدناهم ضررا واقلهم شقاءً .

أما إذا كان من أجل الترفيه ،أو تحقيق الذات، أو توسيع دائرة معرفتك!!

 فاعلمي أن جميع هذه الأسباب وهمية ولن تتحقق..

 فالترفيه سيحطم مع اول يوم تهرولي خلف سيارات الأجرة للحاق بالموعد المحدد لك والا خصم منك وتم تكديرك بألفاظ لم تتقبليها من قبل من ذويكي...


أما اذا كان الغرض تحقيق الذات فاعلمي انك ستنسي ذاتك وانتي تحاولين تسديد الخانات هنا وهناك حتى تظهري بمظهر الغير مقصرة في بيتك وعملك واطفالك...

 وستعودي لرشدك حين تفاجأي أن كل ما سعيتي إليه وكل ما جاهدتي من أجله لم يتحقق بل والادهي لن يذكر لك أحدا جميلا أو حتى مجرد مدح على الجهد التي تبذليه ....

وستجدين نفسك تدورين بدائرة مغلقة ، 

اما بالنسبة لهدف اتساع دائرة معارفك فنعم هذا ما ستحققينه في الواقع .....

ستتعرفي على مجموعة من البشر الذي لم يتوقع عقلك أنهم يعيشون بهذه الحياة من الأساس...

 لكم الوضاعة التي ستجدينها منهم ..

وهنا تتمني أن لو كانت أصبحت دائرة معرفتك تقتصر على الأقارب التي بالكاد تستطيعين التعامل معهم واتقاء شرهم.

فلتسمعي عزيزتي معضلتي ولتحكمي بنفسك 

من أحداث واقعية حدثت بالفعل بكل تفاصيلها ...


تستيقظ هناء كل صباحا عفوا كل فجرا فهي امرأة عاملة..

 تعمل معلمة رسم باحدي المدارس الحكومية ومتزوجه من عادل يعمل مدرس لغة عربية في مدرسة حكومية أخري، 

 بإدارة اخري بمرحلة ابتدائي ...

ولديها طفلين حسن والذي علي اسم جده وهو بالصف الثالث الابتدائي والاصغر انس وهو بالصف الاول الابتدائي .

وحتى تكتمل المتاهة فإن حسن وعمر بمدارس أخري غير مدارس والديهم وإدارة أخري ايضا ...

بسبب رغبة والديهم  في اختيار مدرسة جيدة في إدارة جيدة لهم.

بدأت هناء في الاغتسال فور استيقاظها ثم توضأت وصلت وذهبت لتوقظ أبناءها .

دلفت لغرفة أبنائها فامتعض وجهها مما تراه فهم دائما برغم تشديدها عليهم بأن يجمعوا ادواتهم بعد المذاكرة إلا أنهم فور انتهائهم من واجباتهم ينامون بلا تردد ولم يجمعوا شيئا.

ظلت تدور انظارها في الغرفه يمينا ويسارا ...

ثم بدأت في المناداه عليهم لايقاظهم وهي تلتقط بعض الملابس الموضوعة أرضا،  وتلملم ادواتهم التي سيحتاجونها بمدرستهم وهي تقول/ استغفر الله العظيم، مفيش مرة اطلب منهم يلموا هدومهم وادواتهم ويلموها ....

الله يسامحكوا يا اولادي.

ثم نادت عليهم قائلة/ يا حسن اصحي الساعة ٥ ونص ،يا حسن اصحي يا ابني.

استكملت نداءها وهي تلملم باقي الادوات قائلة/ عمور حبيب ماما اصحي يا سكر، اصحي قبل حسن انت شاطر .

تململ عمر في نومه فهو يستيقظ سريعا عن أخيه نظرا لطبيعة نومه الخفيف بينما حسن يريد من يهزه حتي يفيق .

رأته هناء يتمطع فنادت مرة أخري وهي قريبة منه/ صباح الخير يا عمور شاطر حبيبي قوم يالا علشان المدرسة شاطر يا سكر .

رد عمر بصوت ناعس وهو يقف على الفراش يفتح يده لوالدته قائلا/ صباح الخير يا ماما.

ففتحت هناء يداها تستقبله ليرتمي باحضانها فتحمله وتذهب به الي المرحاض تغسل له وجهه ثم تطلب منه الذهاب لتغيير ملابسه فهو يستطيع أن يرتديها بمفرده.

كما طلبت منه محاولة إيقاظ أخيه حسن الكبير وبالفعل توجه عمر وحاول مرارا أن يوقظ أخيه حتي استيقظ اخيرا بينما هناء دخلت لتوقظ زوجها عادل الذي فور أن استيقظ لم ينطق ببنت كلمه كعادته..

 فهو كثير الصمت نادر الكلام ربما لطبيعة عمله التى تطلب كثرة الحديث والشرح بالخارج فيأتي للمنزل وهو غير مستعد للنطق بكلمة واحدة ، وربما لطبيعة شخصيتة الهادئة.

دخل المرحاض يغتسل وتوضا وصلى وهناء تعد سندوتشات المدارس والابناء يرتدون ملابسهم ليمر وقت قصير لا يتجاوز النصف ساعة فكانت تدق الساعة السادسة صباحا فودعتهم منطلقين مع والدهم الي مدارسهم ...

فوالدهم يوميا يقوم بتوصيلهم الي مدارسهم بسيارته الصغيرة التي بالكاد تسير بعد أن يقوموا معها بتمارين الصباح من دفع وسحب ثم يذهب هو الي مدرسته مكان عمله.

فور خروج زوجها واولادها بدأت هناء تستعد ليوم عملها فارتدت ملابسها في وقت لا يتجاوز العشر دقائق واسرعت مهرولة علي الدرج تسابق الزمن فليس أمامها متسع من الوقت فيجب أن تصل لعملها في غضون ثلث ساعة فكانت حقا تهرول حرفيا بالشارع غير عابئة بنظرات الناس إليها ....

ومن يتشدق على كونها امرأة وتهرول بين السيارات فهذا ليس بجديد عليها ....

فهي يوميا تكرر نفس الأفعال صباحا مع اختلافها بعد الظهيرة.

وصلت هناء الي عملها في الوقت المحدد لتزفر أنفاسها وهي تمضي بدفتر الحضور وتنطلق لطابور الصباح فقابلت صديقتها حسنة التي قالت فور رؤيتها/ صباح الخير يا هناء مالك بتنهجي كدة ليه؟

زفرت هناء نفسها قائلة/ بنهج علشان جاية جري ،يا دوب اخدت توكتوك ونزلني على اول الشارع خدتها جري لحد هنا.

استمعوا كليهما لصوت مدرس الالعاب وهو ينادي بالميكروفون....

 ليجتمعا التلاميذ يقفون في صفوفهم ويبدأ كل معلم يقف بمقدمة كل فصل حتي يتم طابور الصباح وبعد انتهاءه يتوجه كل معلم بالصف الذي أمامه الي فصله وتبدأ مسيرة اليوم الدراسي .

بدأت هناء اول الحصص بمحاولة تهداة حالها فهي معلمة رسم ولذلك لم يرضى أحدا من التلاميذ أو أولياء الأمور أن تضغط عليهم لتعليمهم هذه المادة..

 فكانت تحاول معهم بطرق بسيطة فمنهم من يتجاوب ومنهم من يري أن ليس للحصة اي أهمية سوى أنها وقت للراحة أو التحدث.

انتهت هناء من الحصة متوجهه الي غرفة الرسم فقابلت أمامها زميلها خالد الذي ابتسم بكل سماجة قائلا/ مس هنااااااء كويس انى لاقيتك عايزنك في فصل ٦/٣ بسرعة علشان حصة احتياطي.

قضبت هناء وجهها سائلة إياه / حصة مكان مين يا مستر خالد ،ده حصة فاضية عندي وعايزة أفطر مفطرتش والله .

بنفس الابتسامة السمجة اكمل خالد حديثه / معلش يا مس هناء ادخلي الحصه وافطري متعمليش حاجه.

هناء بضيق/ ازاي معملش حاجه ده كفاية بس وهس وكمان الحصه اللي بعدها عندي سنة سادسة ودول بيتعبوني جدا.

تحدث خالد وهو يوليها ظهره/ خلاص يا مس هناء انا كتبت أن الحصه بتاعتك وانتي المسؤولة لو في حاجه حصلت بالفصل سلامو عليكم.

ويختفي من أمامها بينما هي تخرج دخان من أذنها فمتي سيجلبون مدرسين ليخف عنهم هذا الضغط فمن المفترض أن نصابها الاسبوعي من الحصص لا يتجاوز الخمسة وعشرون حصة بواقع خمس حصص يوميا ....

لتكون فترات الاستراحة ثلاث حصص أو حصتان ولكن مع وجود عجز معلمين ودخولها حصص احتياطي يوميا فأصبح نصابها الواقعي يترواح ما بين الثماني وثلاثون حصة أو أربعون فلم يكن لها وقت حتي للإفطار......

 وللاحقية فهذا حال جميع المعلمين الا البعض المقرب من المدير أو ما يسمي بالحاشية.

دخلت هناء حصتها مرغمة وحاولت تهداة الفصل واشغالهم ببعض الرسومات فهولاء اطفال لم يستطيعوا الجلوس بدون أن يفعلوا شيئا...

 فأما اشغالهم بشكل ما أو يشغلون هم أنفسهم بطريقة ربما يضروا بهم أنفسهم.

ظل الحال بها تتناقل ما بين الفصل والآخر حتى انتهي اليوم الدراسي بعد أن انتهت قوتها ....

لا تعلم باي طاقة ستكمل يومها مع أبناءها .

خرجت هناء من المدرسة تهرول كعادتها الي موقف السيارات فهي تذهب مباشرة الي مدرسة أبناءها حتي تجلبهم فكل يوم ينتظرونها بساحة المدرسة حتي تأتي إليهم...

 فهي المسؤولة عن عودتهم كما كان والدهم هو المسؤول عن ذهابهم وهكذا الحال كل يوم.

استقلت هناء ميكروباص وجلست وهي تهدأ من أنفاسها المتسارعة نتيجة هرولتها ثم أخرجت سندوتشات الافطار من حقيبتها فهذا هو الوقت الوحيد التي من الممكن أن تتخذ فيه أنفاسها وتتناول افطارها حتي تصل إلي مدرسة أبناءها.


انتهت من فطارها بطريقة سريعة قبل أن تصل فلم يوجد وقت للتلذذ بطعم الشطائر.

وصلت فهرولت مجددا بداخل الشارع الذي به مدرسة أبناءها حتي وصلت إليهم وجدتهم يلعبون بالكرة مع أصدقائهم نادت عليهم فحمل كلا منهم حقيبته وهرولوا إليها .

قبلتهم هناء وامسكت يدهم مهرولين الي الميكروباص ليعودوا الي منزلهم كما اعتادوا يوميا...

 فوالدتهم دائما متعجلة لا يعرفون سبب تعجلها ولكنهم يسرعون معها فقد تعودا على ذلك.

صعدا سيارة الاجرة ليجلس حسن بجوار النافذه فيتذمر عمر قائلا/ كل يوم حسن يقعد جنب الشباك مليش دعوة انا عايز اقعد انا بقي.

قبلته هناء من وجنته قائلة/ انت حبيبي تقعد على رجل ماما حبيبتك لكن حسن كبير مينفعش اخده على رجلي.

حرك عمر كتفيه للأعلي قائلا/ مليش دعوة انا عايز اقعد مرة من نفسي.

انحنت هناء علي إذن حسن تقول له/ حسن حبيبي تعالي علي رجلي انت النهارده وخلي عمر هو اللي جنب الشباك.

تذمر حسن قائلا/ انا كبير يا ماما مينفعش اقعد على رجلك.

هناء بمحاولة الهدوء / معلش يا حسن لو معايا فلوس كنت خليتك تقعد على كرسي لوحدك بس ممعيش فخليه يقعد هو جنب الشباك النهارده وانت بكرة يا حبيبي شاطر.

علي مضض استقام حسن لتغير موقعه وجلست هناء وعمر على قدميها بجوار النافذة..

 ولم تتعدي لحظات حاولت هناء تسألهم عن يومهم الدراسي ولكنها وجدتهم وقد غفى كليهما مستندين عليها.

فقد غفي عمر علي صدرها بينما حسن غفي علي كتفها حتي وصلوا الي منطقتهم حاولت افاقتهم وبالكاد .....

هبطوا من السيارة فحملت هناء حقيبة عمر  بكتفها الأيمن وحملت حقيبة حسن بكتفها الايسر وامسكت كلا منهم بيد وبدأت تعبر طريقها وتصعد شقتها التي بالسادس وهي تجرهم خلفها جرا.

وصلا الشقة ودلفا بداخلها التي فور دخولهم وكأنها كانت بحرب فزفرت أنفاسها وهمت للاغتسال ولكن عمر وحسن كانا لهم رأي آخر.

بدأ حسن يتذمر قائلا/ ماما انا جعان اوي مفيش اكل؟

هناء باجهاد/ حاضر يا حبيبي عقبال ما تتشطف وتغير هدومك اكون عملتلك سندوتشات انت واخوك.

حسن بتمرد/ سندوتشات ايه عايزين نتغدي يا ماما.

التفتت هناء إليه سائلة بسخرية/ يعني كنت اطبخ وانا جاية بالطريق؟؟ 

مانا لسه جاية معاكم اهو من برة يا حسن، يالا اتفضل روح اتشطف وغير هدومك ،اتفضل من قدامي

دبدب حسن باقدامه على الارض معارضا لحجتها ذاهبا الي المرحاض.

مر قليل من الوقت كانت هناء أعدت بعض السندوتشات البطاطس وقدمتها لابناءها والتي تناولها بالفعل على مضض .....

لتبدأ هي في إعداد طعام الغداء وهي تكاد تقف على أقدامها تحاول أن تتحمل الاجهاد الفظيع الذي تشعر به.

انتهت هناء من اعداد الطعام فذهبت لغرفة أطفالها لتجد كلا منهم نائم في سبات عميق تنهدت ثم رجعت لتبدأ في إعداد السفرة ووضعت عليها الطعام ثم بدأت في إيقاظ اطفالها ليتناولا غدائهم وبعدها طلبت منهم اعداد دفاترهم لكتابة واجباتهم قائلة/ جهزولي الواجب بسرعة عقبال ما اعمل فنجان قهوة علشان مش قادرة افتح عيني.

توجهت هناء الي المطبخ ثانية لتعد لنفسها قدح من القهوة بل كوبا كبيرا فقد انتهت الطاقة لديها ويجب أن يكون هناك عامل اضافي لخلق طاقة جديدة لاستكمال باقي أعمالها ....

اثناء اعداد قهوتها بدأت بغسل بعض الصحون فإذا بهاتفها يصدح معلنا عن اتصال من والدتها .

سكبت القهوة وارتشفت اول رشفة ثم أعادت الاتصال بوالدتها وهي حاملة فنجانها بيد والهاتف باليد الأخري متوجهه الي غرفة الأطفال الذين كانا يتعاركا من أجل قلم فوبختهم على فعلتهم حتى انتبهت على رد والدتها قائلة بصوت متعب/ أيوة يا هناء انتي فين يا بنتي؟

هناء بتعجب من نبرة صوت والدتها فقد خفق قلبها قلقا فسألت وهي تجلس على المقعد أمام ابنائها/ مالك يا ماما صوتك مش مريحني.

ردت الام بالاتجاه الاخر بكلمات متقطعة من أثر نهجها وتزايد أنفاسها فقالت/ اتصلت بيكي علشان اقولك تعالي علشان انا تعبانه اوي مش قادرة اخد نفسي.

انتفضت هناء من مكانها قائلة /طب اقفلي يا ماما دلوقتي ومتتعبيش نفسك انا جاية حالا.

ثم أغلقت هاتفها هادرة بابناءها بصوت عالي ومضطرب/ عمر وحسن لموا واجباتكم في شنطة هوديكوا عند جدو علشان هروح مع تيتا للدكتور  ،بسرعة يالا عقبال ما البس.

وهرولت الي داخل غرفتها ترتدي ملابسها فوالدتها مريضة قلب وهي ابنتها الوحيدة التي يجب أن تهتم بها مهما كانت ظروفها .

خرجت وسحبت ابنائها خلفها تحاول الاتصال بعادل زوجها لإبلاغه أنها ذاهبه بوالدتها الي الطبيب حتى لا ينزعج عند حضوره ولم يجدها ولكن كالعادة لم يجيب عادل علي مهاتفتها لتتغافل عن ذلك فهي اعتادت التصرف بمفردها وهو اعتاد اعتمادها على ذاتها.

وصلت هناء باقصي سرعة لمنزل والدتها فهو لا يبعد كثيرا منها حيث بينها وبين والدتها مدة نصف ساعة بالتوكتوك .

وبالفعل تركت الاطفال مع والدها واصطحبت والدتها للمشفي والتي أخبرها الطبيب بعد الكشف المبدأي أنها لديها ارتفاع بضغط الدم أدى إلي ارتفاع في نبضات القلب؟...

 حتي تم بالمشفي ضبط نبضات قلبها وضبط ضغطها وجلست بجوارها لمدة ساعة وهي تكاد تغفو على ذاتها من أثر الإرهاق حتي استقرت حالتها وعادوا مرة أخري للمنزل .

انتظرت قليلا حتى اطمئنت على والدتها ثم تركتها مرغمة فهي مازال خلفها بعض المهام لم تنجز بعد ولكنها تشعر أنها لن تستطيع إتمام اي شيء اخر.

اصطحبت أطفالها وهي تكاد تزفر أنفاسها الأخيرة فقال لها عمر مستفسرا وهم بطريق العودة/ لما هنروح هنذاكر يا ماما؟

أجابت عليه بصعوبه / لا يا عمر مش قادرة يا حبيبي.

رد حسن بدوره معلقا/ الحمد لله احنا كمان مش قادرين انا نفسي اناااام.

ابتسمت هناء علي براءة أطفالها حتي وصلوا معا فوجدت عادل يغير ملابسه فقضب جبينه يسألها بتعجب من هيئتهم ....

فهي منهكة وأطفاله بملابس المنزل فسال مستفسرا/ كنتوا فين كدة بعد الشر.

التفتت هناء لأبنائها قائلة/ ادخلوا انتوا يا حبايبي جهزوا شنطكم وناموا .

وبالفعل توجهوا الاطفال لغرفتهم ليناموا بدون تجهيز شئ فقد انهكوا اليوم بينما هي التفتت إليه قائلة/ شوف موبايلك اتصلت عليك كام مرة عقبال ما اجهزلك الغدا.

وانسحبت من أمامه ذاهبة لتعد له الغداء كالالة التي لا تكل ولا تمل فحتي زوجها لا يشعر بما تفعله ولم يستجب لأي من اتصالاتها وكل ما يفعله هو ان يحضر بنهاية اليوم بدون حتي السؤال كيف انقضي يومهم أو ماذا فعلا أطفاله .

بل يأتي ويتناول طعامه ويهنأ بنوم عميق ليستيقظ بكامل طاقته.

انتهت من إعداد طعامه لتضعه على السفرة تزامنا مع خروجه من الغرفة فسألها مجددا/ برضه مقولتيش كنتوا فين ؟

ولو هتسأليني مردتش ليه على تليفونك، هقولك علشان وقت اتصالك الفون كنت ناسيه في العربية وانا كنت في حصة.

نظرت له بدون ملامح واضحه قائلة/ماما تعبت شوية وودتها للدكتور.

عقد حاجبيه قائلا بلهفة/ الف سلامة عليها وبعدين هي عاملة ايه دلوقتي؟

اخذت هناء نفسا عميقا ثم قالت/ هي افضل كتير الحمد لله.....

 بس انا اللي مش كويسه وتعبانة جدا ،فلو سمحت بعد ما تخلص ابقي شيل الاكل علشان بجد مش قادرة.

ودخلت مباشرة الي الفراش لتجده لم يتأخر ودخل بجوارها على الفراش واحتضنها من الخلف هامسا بأذنها/ وحشتيني يا هناء، كدة هتنامي وتسبيني؟

أغلقت هناء عيونها بشدة وزفرت أنفاسها فماذا تقول له وهو بكل بساطة يطلب حقه وكأنها منعمة بالراحة طوال اليوم وتنتظره على احر من الجمر ولم ينقصها سوى وصله.

فالتفتت إليه بعيون متقدة من الغضب قائلة/ يعني اقولك ايه علشان تحس بيا؟؟

أو علشان تعرف اني تعبانة وبموت من التعب كمان ؟؟

بقولك مش قادرة اقف ولا اتكلم يا عادل تقولي وحشتيني!

بينما هو لم يرى سوى حقه بها ووصاله بعد يوم من الشقاء.....

 يرى أنه يكد ويتعب من أجل لحظة تجمعهم سويا بنهاية اليوم ليصر هو على رغبته الملحه فحاول وضع يده ليلامس وجنتها قائلا/ طب مالك بس يا حبيبتي؟

استشاطت هناء غضبا من كم بروده أعصابه .

هل في حديثها وما سردته عن يومها حديث غير مفهوم !؟

زفرت انفاسها بشدة وعقدت حاجبيها قائلة بوعيد / والله يا عادل أن ما سيبتني دلوقتي لأقوم انام جنب اولادي انا بجد هموت من التعب حس بيا يا اخي بقي.

ثم التفتت تاركة زوجها مندهش من حدتها فهو لا يعلم سبب عصبيتها.....

 بينما لو كان كلفه الأمر شئ بسيط واجري بها اتصالا واحدا باليوم ليعلم ماذا فعلوا أو إذا سألها عن يومهم واشعرها بتحمله بعض المسؤوليات معها لكان الامر اختلف تماما ...

فهي تشعر أنها وحيدة في كل حياتها وقراراتها والتزاماتها وهذا ما جعلها دائمة التعصب.

تحرك عادل بهمجية على الفراش ليلتفت موليا إياها ظهره بعد أن نفخ بفمه أنفاسه وقال جملته الشهيرة/ ده عيشه تقصر العمر.

سمعت هناء جملته التي تؤمن خلفها دائما وابدا حقا فهذه الحياة وبهذه الطريقة تقصف العمر وليس تقصيره فقط.


..................

انتبهت من قراءتي على صراخ شمس لاطوي الخطاب سريعا واذهب لغرفتهم لأجدهم يتنازعون على لعبة فانهيت الاشتباك وتوجهت لابدأ في إعداد الغداء فإذا عاد مازن ولم يجد غداء وبعد رفضي له بالامس وانا إجازة فمن المؤكد أن القيامة ستقوم.

دونت اولا ملاحظاتي على الجزء الذي قرأته بدفتر ملاحظاتي ثم استقمت وبدأت باعداد الطعام وغسيل الصحون ووضع الملابس المتسخة بالغسالة .

ثم بدانا في المذاكرة حتى غفيا الاولاد مني تماما ، توجهت لغرفتي ووقفت أمام خزينة ملابسي احاول إقناع ذاتي بارتداء شئ ما .

مسحت وجههي بيدي وانا اشعر وكانني اقدم على شئ ثقيل علي....

نعم فقد مضى وقتا وانا لم ارتدي شيئا كهذا حتى أنني الان أشعر بالخجل وكأنه اول مرة .

فانشغالي في الحياة وابتعاده عني الا بهذه الفترات يجعلني أشعر وكان هذا هو كل همه من هذه الحياة الزوجية.....

 واحيانا أخرى يحدث تحت مسمى قضاء واجب بالنسبة لكلانا.

لذلك أشعر بالنفور والامتعاض ولكني اذعنت بالنهاية واخرجت بيجامة عبارة عن بدي وشورت برغم أن تصميمها لم تختلف كليا عن ما ارتديه بالعادي سوى نوع القماش....

 ولكن مجرد اختلاف نوع قماشها للشفاف جعلني أشعر باختلافها كليا .

وقفت أمام المرآة لاصفف شعري شعرت بحلاوة الاهتمام بالذات وكم كانت لحظات جميلة أشعر بالاشتياق والحنين إليها .

لابتسم لنفسي بالمرآه وانا اذكر حالي / الأمر ليس بصعب....

يحتاج القليل جدا من الوقت ...

وبعض من الحالة المزاجية الحسنة ( إذا وجدت).....

مع قليل من المجهود الضئيل.

.....................

انتظروني فللحكاية بقية منتظرة..

رايكم من هناء مقصرة ولا حقيقي مستحملة ؟؟

وبالنسبة لعادل ايه رايكم هل يستحق حقه اللي بيطللب بيه حتى في عز اجهادها ؟ ومن أخطأ ؟




البارت الثالث

#كانت_أنثى

#لولي_سامي

الروتين كلمة عند سماعها تشعرك للوهلة الأولي بشعور الملل والرتابة...

 ولكن حين تدقق الإمعان بها تجدها ذو وجهان..

ككل شئ بحياتنا فحتي الروتين عملة لها وجهين ...

وجة الملل والرتابة ...

والوجه الآخر هو الاستقرار النفسي والعصبي...

 لدرجة تجعلك تستطيع الترتيب والتخطيط لما تود القيام به في المستقبل.

وهذا ما كانت تفتقده هناء أو بالأحرى كل امرأة عاملة ...

وهو الاستقرار والتخطيط للغد بل كانت أمنية حياتها التخطيط ليومها فقط وليس الغد .

فحتي يومها لا تستطيع تخطيطه بشكل صحيح فهي ليست ملك نفسها.

برغم أن الهدف الأساسي في سعيها للعمل كان أن تكون ملك نفسها ...

إلا أن الواقع يتنافى تماما مع الاحلام ...

لطالما تمنت هناء حياة مستقرة يتخللها بعض الروتين الذي يؤهلها ان تخطط لما تود أن تقوم به...

 ولكن ليس كل الامنيات تتحقق.

............

هذا ما دونته من خلال قراءتي لجزء من خطاب هناء ،

لم اعرف بعد هل هذا اسمها الحقيقي ام مجرد أمنية ترجوها ؟؟

ذهبت للعمل بعد وصلة روتيني الصباحي على حد قول هناء ...

ولكني للحق انا أقل منها وطأة ...

فانا اعد شطائر لاطفالي بالصباح واتركهم يهبطون لحافلة المدرسة...

 بينما ابنتي اوصلها بنفسي وانا ذاهبة للعمل فلم أجد كل الشقاء التي اوضحته هناء في حالتها ...

ربما يرجع ذلك للمستوى المادي....

 فمن الواضح أنني لست افضل شئ ...

ولكني والحمد لله أدركت أنني افضل من غيري بكثير....

 على غرار هناء .

فور وصولي للعمل وجدت رئيس التحرير ينتظرني فذهبت إليه لأجده يعاتبني في عدم كتابة المقال وعرضه عليه...

لاحاول ابرر له سبب خفقي هذه المرة / بعتذر طبعا يا فندم،  وبعتذر اكتر لاني ممكن أجل المقال الاسبوع القادم كمان ...

امتعضت ملامحه ليستقيم واقفا ...

واضعا يده خلف ظهره كعادته دائما ثم توجه ليجلس امامي سائلا / المفروض اني عارفك محررة نشيطة وقدرتي توصلي لمستواكي بعد مجهود مش قليل.....

ودلوقتي عايزة تضحي بكل ده في سبيل ايه !!

لو عندك مشكلة ممكن تقوليلهالي ونفكر مع بعض في حلها..

 لكن اللي انتي بتعمليه ده خسارة .

أعلم جيدا.... 

 أن لا يوجد احد يهتم بمشاكلك الا إذا كانت ستعيقه هو شخصيا ...

لذلك تفهمت نبرة رئيس التحرير القلقة بشأني...

 أو بالأحرى بشأل عمله ...

واذا قمت بسرد ما يؤرقني بالفعل فهو بالنهاية لم يقدم لي اي حل...

 اذا كانت هناك مشكلة من الأساس....

 وسيكون كل حلوله مجرد حديث مرسل ففي كل الأحوال أرى أنه لا داعي من ذكر شئ .

لذلك اصطنعت الابتسامة وقلت له / ابدا يا فندم مفيش مشكلة ولا حاجه كل ما هنالك أني بحاول اجمع داتا تفيدني بعد كدة في مقالاتي....

 علشان احولها من مجرد مقالات مرسلة لتجارب فعلية...

 واعتقد ده هيكون افضل ليا وللمجلة .

استقام مرة أخرى فلم يعد للحديث بطريقة ودية من فائدة فليعود مرة أخرى لمنصبه .

عاد لمقعده وتحدث بعملية تامة / حلوة الفكرة ومعنديش مانع طبعا بس اتمنى متتاخريش عن اسبوعين ...

ثم نظر لي مضيقا عينيه ربما لمحت نظرة شك بعيونه لاترجم حاله أنه متخوف من أن أكون كل هذا مجرد استعداد للعمل بجريدة أو مجلة أخري ليتحدث بنبرة آمره وكأنه يختبر رد فعلي قائلا / وطبعا الاسبوعين دول مش هتقضيهم قدام الكمبيوتر تجمعي في داتا !!

لكن انا شايف انك تساعدي زمايلك في قسم الاخبار....

 اسلوبك في صياغة الخبر جميل وهتكوني إضافة ليهم .

تفهمت تهديده فإما الاستمرار كمحررة وكاتبة لي عمودي الخاص ؟؟

وإما الهبوط بالمستوى لمحررة اخبار كل ما تستطيع القيام به هو صياغة معلومة الخبر بشكل دقيق .

تبسمت مرة أخرى وامات براسي وانا انتصب واقفة واقول بكل ثقة / تمام يا فندم عن اذنك...

تنفست الصعداء فور خروجي من مكتبه فالتحدي بالالفاظ ليس هينا ....

والحمد لله انني استطعت تفهم كل ما كان يرنو إليه بدءا من أسلوب الاستقطاب لجعلي استرسل بالحوار والتحدث عن مشاكلي والتي لم ولن يقدم بها أي جديد...

ثم اسلوب التهديد المبطن مرورا بنظرات الشك تلك..

 كل هذا كان يتطلب منى كم هائل من الثبات الانفعالي الذي يجعلني غير منساقة لاي حديث ناعم...

 أو اهتز لمجرد نظرات شك أو تهديد مبطن 

طرأت لي فكرة بعد خروجي من مكتبه فلم أكن اتحدث معه عن فكرة تجميع بيانات سوى للاستفادة من اكتساب مجرد وقت لدراسة مشكلة هناء....

 وإعادة النظر من جديد في ارائي ومبادئي ولكن لما لا؟؟

لما لا استفيد من هذه التجربة وابدا بالتفاعل الجدي مع المتابعين أو من لديهم مشاكل....

 واحاول بالفعل القيام على حلها أو التوصل لسبب المشكلة معهم فسبب المشكلة هو نصف الحل .....

ومن هنا طرأت الفكرة أنني أقيم تعاون مع قسم المشاكل وابدا بالفعل بتطبيق كلامي النظري علي مشاكل واقعية .

ولكن الان ساركز كل اهتمامي بمعضلة المدعوة هناء .

ذهبت بالبداية الي قسم الاخبار وبدأت بمساعدة زملائي في صياغة الاخبار بطريقة دقيقة .

والتنقل بينهم هنا وهناك حتى يصل له إنني أتممت أوامره على أكمل وجه فمن المؤكد أن هناك من يخبره بادق التفاصيل ....

وحينها سأخمد نيران الشك التي بدأت تتغلغل بداخله.

عدت لمكتبي بعد أن طلبت قهوتي من العم مصيلحي ثم جلست وأخرجت الخطاب لاكمله بإمعان وتركيز.

.....................................


استيقظت هناء فجرا كحالها كل يوم تقوم بادائها الروتيني اليومي في الصباح وكان هذا هو الروتين الوحيد في حياتها أما بعد ذلك لا تعلم ماذا سيحدث بيومها.

أيقظت أبنائها واعدت لهم بعض الشطائر وانصرفوا لتهرول كعادتها الي مدرستها فتصل بالميعاد المحدد لها يوميا لتصطدم بمدير المدرسة الذي كان متجهم الوجه قائلا لها/ مس هناء كويس انك جيتي ،انتي هتنقذينا النهارده.

هناء ببعض من القلق وبابتسامة طفيفة لم تتعدي ثغرها/ خير يا مستر محمود في ايه؟

محمود وهو متوجه الى ساحة الطابور غير عابئ بها وهي تهرول خلفه...

 تحاول اللحاق بخطواته الواسعة حتى سمعته يملي عليها أوامره / روحي امضي الاول واحضري الطابور...

 وتيجي على مكتبي فورا متطلعيش اي حصة لو حتى قالولك الوزير هنا....

ثم تركها وأكمل طريقة بينما ظلت هي مكانها واقفة غير مطمئنة لحديثه وبدأت تفكر في ماذا سيريدها لهذه الدرجة؟؟

ظلت تفكر لبرهة حتى تذكرت انها لم تمضي شهقت وأسرعت الي غرفة شئون العاملين حتى تلحق بميعاد الحضور...

ولكنها للأسف وصلت متأخرة عشرة دقائق..

 لتحاول مع المسؤولة والتي تدعى مس منال لتجعلها تمضي بدفتر الحضور وهي تستجديها قائلة/ والله يا مس منال انا جاية من بدري من قبل الميعاد كمان ، بقالي هنا عشر دقائق .....

بس مستر محمود ندهني واتكلم معايا تقدري تروحي تسأليه.

منال بوجه مقتضب وبأسلوب حاد كعادتها دائما/ انا مليش دعوة بحد يا مس هناء ...

انتي جيتي قدامي متأخرة خمس دقائق يبقي تمضي بدفتر التأخيرات....

 انا مش هروح لحد ، ولا هسال حد انا ليا الدفتر وبس.

هناء بمحاولة أخري لاقناعها فحاولت التحدث بصوت هادي/ يعني يا مس منال المدير يوقفني علشان يكلمني على شغل وانا اقوله استني لما امضي !؟

انا مش بكدب عليكي تقدري تتصلي بيه تسأليه لو مش عايزة تروحيله.

زفرت منال أنفاسها عندما شعرت بمصداقية حديثها ثم فتحت الدفتر على مضض وجعلتها تمضي به تزامنا مع دخول مدرس اخر هائجا/ اشمعنا بقي!!!!

 تمضينا تأخير وتمضيها حضور عادي!؟

 هو ناس وناس ولا ايه!؟

كانت ستبرر له هناء موقفها بكل احترام ولكن منال قطعت حديثها قائلة بصوت عالي/ احترم نفسك يا استاذ ......

انا مسمحلكش تدخل في شغلي....

وبعدين اه ناس وناس ليك عندي حاجه!؟

اتسعت عيون هناء لا تعرف لما كل هذه المشكلة ؟؟

هي ترى أن من الممكن حل المشكلة بكل هدوء لذلك أرادت توضيح موقفها فنطقت موضحة/ لا يا مستر انا جيت بدري بس كنت بكلم المدير و...

قطعت منال استرسالها وكأنها تحملها مسؤلية الحدث قائلة / اتكلي على الله يا مس علي حصصك مش مكان رغي هنا ....

وكفاية اوي الموقف اللي زي الزفت اللي حطتيني فيه ..

صحيح خيرا تعمل شرا تلقي.

وزعت هناء انظارها بين المدرس ومنال متعجة من الموقف وتطوراته لتقرر عدم إكمال حديثها فمثلهم لا يسمعون لأحد ...

ثم زفرت أنفاسها وخرجت من المكتب لتجد أن الطابور قد انتهي فتوجهت مباشرة الي مكتب مدير المدرسة ودلفت تلقي السلام فدائما باب مكتبه مفتوح.

سمح لها الاستاذ محمود بالجلوس قائلا بوجه بشوش علي غير عادته ومناقض لحالته منذ قليل قائلا/ اتفضلي يا مس هناء دانتي بنت حلال بجد هتنقذينا وهتنقذي نفسك.

هناء بتوجس / خير يا مستر.

محمود ببشاشة وجه وكأنه سيبشرها بخبر سعيد / خير اوي دانتي كان معمولك جدول النهارده من ٨ حصص ....

اليوم كله كومبليت بس انا قولتلهم حرام سيبوها تفك عن نفسها شوية مش كل يوم ٨ حصص.

تعالت اسارير هناء وابتسم وجهها معلقة/ ربنا يخليك يا مستر والله ما بلحق افطر.

اومأ برأسه محمود وقد نجح في زرع فكرة المنقذ بعقلها ليشير بسبابته قائلا/ عارف عارف يا مس هناء إنتي من الناس المجتهدة ....

وعلشان كده اخترتك تطلعي مع مس فتحية مسؤولة المسرح.....

حفلة الإدارة عملاها ومشتركين فيها بفقرة باسم المدرسة وقولت ترفهي عن نفسك شويه ...

ها قولتي ايه؟؟؟

وكأنها تلقت لكمة للتو لتفقد اتزان تفكيرها ...

فهل تترك الحصص التي تحاول الخلاص منها لاجل أن تذهب لحفلة خارج المدرسة ...

وتكون مسؤولة عن تلاميذ !!

ولم تعلم متي ستنتهي الحفلة ؟؟

لتدرك سبب حديثه بهذه الطريقة الغريبة عنه فتساءلت بتلعثم وتيهه / ااااه .... بس حضرتك.... في مشكلة ....

 انا بعد المدرسة بروح لأولادي علشان اجبهم فكنت عايزة اعرف الحفلة ده هتخلص امتي والطلبه اللي معايا هيروحوا ازاي؟ 

ابتسم محمود قائلا بعملية مفرطة محاولا طمأنتها ولو حتى بدون علم مسبق منه عن الموعد الأساسي / لا متقلقيش خالص دانتي هتخلصي قبل ميعاد المدرسة كمان ....

ولو اتاخرتي هيكون بالكتير في ميعاد المدرسة...

 وهتجيبوا الطلبة للمدرسة تاني علشان اهاليهم هيستلموهم من المدرسة،...

يالا بسرعة اخرجي هتلاقي مس فتحية منتظراكي انا بلغتها انك معاها، توكلوا على الله.

لم يترك لها مجال للرفض أو حتى الاستفسار ليستقيم هو تاركا إياها بحجة المرور علي الفصول بينما هي خرجت من المكتب تجر أذيال الخيبة ....

لم يأتي بخيالها قط أن يأتي يوم وتتمني لو تعطي حصصها وتنتهي بدلا من الذهاب لحفلة هي تعلم جيدا أنها ليس لها مواعيد ثابتة ...

حصصها التي دائما كانت تحاول الفرار منها تود حاليا لو تؤديها ....

يا لسخرية القدر قد يأتي اليوم الذي تتمنى به ما كنت تهرول منه .

وصلت حيث تقف مس فتحية لتنظم معها التلاميذ وينطلقوا متوجهين لمسرح الإدارة.

وصل حافلة المدرسة الي الإدارة ليتوجهوا بالتلاميذ لداخل القاعة .

جلسوا منتظرين دورهم لتقديم فقراتهم لمدة تتعدى الساعتين وطوال هذه الفترة ظلت فتحية تتحدث بإسهاب في كل شيء وعن كل شيء دون أن تكل او تمل من فتح عدة مواضيع ليس لها علاقة ببعضها.


شعرت هناء بالصداع الشديد من كثرة الحديث والصخب الدائر حولها من فقرات الحفل فاستأذنت منها لإحضار قهوة ربما هدا الصداع والتفكير قليلا ....

أحضرت قهوتها ثم جلست ترتشف منها علي مهل بينما فتحية استعادت ضفة الحديث مرة أخرى حتى قطعت هناء حديثها بسؤال /مس فتحية هي فقرة الاولاد امتي؟ 

احنا كدة هنتاخر ....

ياريت لوتسألي علي ميعادها علشان انا تعبت وفاضل على ميعاد المدرسة ساعة واحدة ولسه مطلعناش ......

وعلشان كمان اعرف هلحق اروح لأولادي اجبهم ولا احاول اتصرف ؟؟

اومأت فتحية برأسها واستقامت من مكانها وهي تقول/ ماشي يا حبيبتي هروح اشوف ميعادنا امتي !؟

 اصل تقريبا كل المدارس مشتركة بفقرة واتنين فالعدد كبير، وعلشان برضه الاولاد زهقوا.

توجهت فتحية لمسؤول الحفل تحدثت معه قليلا ثم عادت ثانية بوجه هادئ لا يبشر بشئ وجلست بجوار هناء تتحدث بهدوء تام وكان الأمر لا يعنيها أو يمثل لها أي معضلة قائلة لها/ لسه بدري ده تقريبا قدامنا ست مدارس لسه.

شهقت هناء لادراكها المشكلة التي باتت بها لتقول معلقة/ يا نهاري ست مدارس!! طب واولادي؟؟؟؟

،ده مستر محمود قال مش هنتاخر.

لوحت فتحية بكفها بعدم اكتراث وبلامبالاه قائلة بسخرية  /وهو مستر محمود يعرف منين !

احنا اللي في الواقع ،.

ثم نظرت إليها بتعجب من أمرها لتسطرد حديثها قائلة لها / وانتي يا اختي مستعجلة على الهم ليه ؟؟

هتروحي تدعكي في البيت اكل ومواعين ومذاكرة خلينا قاعدين مستمتعين شوية.

عبست هناء ملامحها قائلة/ يا مس فتحية اولادي مين هيجبهم من المدرسة يعني ياربي اقعد احرس ولاد الناس واسيب ولادي في الشارع.

لوحت فتحية بيدها قائلة/ ياختي خلي ابوهم يجيبهم النهارده، خليهم يشوفوا شوية اللي بنشوفه.

زمت هناء شفتيها وهي تعلم أن زوجها لم يستطع إلغاء دروسه لجلب أطفاله والجلوس معهم بالمنزل وإعداد طعام لهم من اجل أنها تجلس ومرتبطة بعمل ما.

وبالفعل حاولت الاتصال به ومن أجل اختلافهم بالأمس فتح عادل الخط قائلا/ أيوة يا هناء في حاجة؟

هناء بضيق واضح /أيوة يا عادل انا دلوقتي في حفلة تبع المدرسة المدير كلفني بيها وهتاخر والاولاد مفيش حد ياخدهم من المدرسة لو .......

قطع عادل استرسالها قائلا بحدة/ وحضرتك عايزاني اسيب شغلي والغي الحصص اللي بناكل منها عيش علشان اجيب ولادك واقعد معاهم .

هناء بحدة مماثلة/ ايه ولادك ده! هما مش ولادك برضه ولا ايه!؟

عادل بعصبية/ ولادي يا هانم بس انا متمرمط بره علي اساس انك واخدة بالك منهم.

هناء بقلة حيلة سألته/ اعمل انا ايه دلوقتي؟

عادل بمعانده/ معرفش اتصرفي يا هانم عارفة انك عندك اولاد ليهم ميعاد كنتي رفضتي من البداية مش لازم تحضري حفلات وتهيصي وتصقفي.....

 مش بعد ما تخربيها عايزاني الحقها، الاولاد مسؤوليتك وانا مش هقول اكتر من كدة.

ثم باغتها واغلق الهاتف لتتفاجأ من تصرفه.

تعلم أنه مضغوط أيضا فحقا لولا الدروس ما كان استطاع الصرف على المنزل فراتب الحكومة ضئيل جدا مقارنة باحتياجاتهم الأساسية ولهذا يرفض تماما مجرد الطلب منه إلغاء أي حصة الا للضرورة القصوى ...ولانه يعلم أنها ستتصرف ...

وبالفعل أجرت اتصالا بوالدتها واخبرتها بضرورة الذهاب لابناءها وإحضارهم واطعامهم لحين وصولها.

تعلم أن والدتها مريضة ولكن ليس بيدها حلا اخر.

وبالفعل استجابت الجدة لطلبها فهولاء احفادها ولا تستطيع تركهم بمفردهم بالمدرسة.

هدأت هناء من القلق قليلا ولكن لم تهدأ أعصابها فموقف كذلك ذكرها كيف أنها ليست ملك نفسها حتي في أبناءها.

ظلت جالسه بجوار فتحية التي بدأت احاديثها التي لا تنتهي ولكنها كانت تستمع لها بعقل شارد وبين الحين والآخر تطلب والدتها للاطمئنان على أبناءها.


..........................

انتبهت على طرق زميلتي علي سطح المكتب تخبرني أنها نادت علي عدة مرات لاعتذر لها عن عدم انتباهي لحديثها / معلش يا هناء مخدتش بالي ..

عقدت حاجبيها وتساءلت بتعجب / هناء مين !؟

زفرت انفاسي ومسحت على وجهي بكفي وانا اقول / اسفة يا دعاء اتلغبطت ، المهم كنتي بتقولي ايه ؟

رفعت حاجبيها وهي تقول بسخرية / لا ابدا كنت بقولك لو ناوية تباتي بالمجلة النهارده ابقي اقفلي عليكي كويس.

شهقت وجحظت عيني مما ادركته فنظرت لهاتفي لأجد حقا أن موعد انتهاء الدوام قد انتهى منذ عشر دقائق طويت الخطاب الذي امامي سريعا ووضعته بالحقيبة ولملمت مستلزماتي من مفاتيح وهاتف وتوجهت سريعا للخروج فميعاد حافلة اولادي على وشك الوصول.

وصلت بابنتي للشقة وحمدت الله أن الطريق كان ميسر ليس به صعوبة مرورية كحال كل يوم مما أتاح لي الوصول قبل الاولاد .

بدأت بتغيير ملابس شمس مع قليل .... لا لا بل الكثير من الزن ولكن اذني وعقلي قد تعودوا على ذلك .

شرعت انا الأخرى بتغيير ملابسي لأجد اتصال من مشرفة الحافلة فعلمت أن الأطفال قد وصلوا ارتديت سريعا وتوجهت للشرفة فرأيت اولادي يهبطون من الحافلة وهم يلوحون لي .

بدأ التزمر الخاص بالابناء فور وصولهم حول ما أن كنت انتهيت من اعداد الطعام ام لا فقلت لهم اجابتي المعتادة التي رددها معي ابني الكبير / انا لسه واصلة قبلكم في مفيش لو عايزين تأكلوا عندكم جبنة ومربى بالثلاجة أو اصبروا عقبال ما تتشطفوا وتغيروا وتصلوا اكون خلصت.

وكطبيعة الحال لم أعي جيدا ما يبرطمون به وكل ما يصل لاذني صوت دبدبة أقدامهم كأسلوب اعتراضي....

 فما كان مني إلا أن اتجاهل ما تفوهوا به حتى تأتي شمس وتقوم باخباري.

_ ماما ماما عارفة انس ومروان قالوا ايه ؟

وانا أمام الموقد اشرع في اعداد الطعام نظرت لها بابتسامة فهذه عادتها والتي اعلم انها خاطئة ولكني ابرر لها تصرفها أنها مازالت صغيرة لا تتعدى الثلاث سنوات لاقول لها كلمتي المعتادة / قولي يا رويترز.

_ أنس قال انا زهقت ومروان قال هو كل يوم كدة .

احاول ان اشعرها أن ما قالته لا يمثل أهمية لاتجاهله تماما ولا اعلق عليه بينما الفت انتباهها لشئ اخر فقلت لها / هاتي بططساية من عندك يا شموسة.

عقدت حاجبيها وكانني ارتكبت جرما بحقها لتعلق قائلة بصوت عالي / يوه بقى انا زهقت.

تركتني وانصرفت .... 

تركتني وانصرفت وانا لا اصدق حالي بل حالها !!

اتسعت حدقتي وانا اسال حالي هل هذا نتاج التربية الحديثة الذي يدعون اليها !؟

يقولون حين تتغافل عن الخطأ لم يتكرر ولكنه تكرر وبطريقة أوضح ...

فقد فهمت ابنتي تغافلي عن خطأ اخواتها وخطأها أنه ليس بخطأ !؟

حاولت تهدأة حالي حتى انهي ما أفعله وبعدها يجب أن اغير طريقة التربية الحديثة تلك فلم تؤتي بثمارها اطلاقا.

علي سيرة التربية تذكرت والدتي لافتح الهاتف احاول الاتصال بها للاطمئنان عليها.

بعد وقت قصير انهيت به اعداد الطعام جلسنا جميعا لتناوله ثم اعددت القهوة الخاصة بي وبدأت اشرع بروتين المذاكرة التي دائما وابدا ما يبدأ ببكاء وتذكر وينتهي كما بدأ تماما .

وخاصة انس الذي لم يستطيع الامساك بالقلم بعد بسبب جرحه والذي انتهز الفرصة في محاولة التهرب من المذاكرة.

غفوا الاولاد لاتوجه لغرفتي اغفو بفراشي لحين قدوم مازن الذي تأخر علي غير عادته .

بعد مرور ساعتين استيقظت من غفوتي لأجد مازن مازال بالخارج أمسكت بهاتفي لاهاتفه واطمئن عليه ولكنني استمعت لصوت غلق الباب فعلمت أنه أتى .

دلف علي الغرفة لاساله سبب التأخير فأجابني بعصبية / هيكون ايه السبب يعني ما اكيد شغل الزفت قعدتنا ساعتين زيادة ، انا اصلا بفكر اسيب المكتب وكفاية شغل الصبح .

تثآبت واعتدلت بجلستي لاحاول تهدأته / اهدي بس يا حبيبي يوم وعدى ، ثم انت عارف ان شغل الصبح مش هيقضي مصارفنا .

جلس بجواري ونظر لي باشمئزاز وكاني اهذي ليعلق قائلا / نامي يا شروق....

 نامي ونقطينا بسكاتك علشان انا علي أخري اصلا .

لولا احتياجي الشديد للنوم لكنت أشعلت فتيل  المعركة.......

 ولكني لم امتلك ولا القدرة ولا الوقت فلدي عمل غدا ويوم ملئ بالاحداث فالله وحده هو العالم ماذا سيحدث بالغد.

سحبت الغطاء واعتبرت أن المناقشة كأنها لم تكن.

تململت بعد فترة من النوم لأجد مازن المتزمر من التأخير وإرهاق جسده ما زال مستيقظا وممسكا بالهاتف ولكنه فور ملاحظته لاستيقاظي اغلق الهاتف وتسطح سريعا .

لم اعر الأمر اهتماما والتفت لاذهب بسبات عميق مرة أخرى

تكملة الرواية من هناااااااا 

لمتابعة باقى الرواية زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كاملةمن هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

 مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هناااااا










تعليقات

close