رواية عاشق زوجتي الفصل الأول والثاني والثالث والرابع والخامس بقلم الكاتبه صباح عبدالله فتحي حصريه
رواية عاشق زوجتي الفصل الأول والثاني والثالث والرابع والخامس بقلم الكاتبه صباح عبدالله فتحي حصريه
الأول من "عاشق زوجتي"
بقلم: صباح عبدالله فتحي
كان الليل ساكن والشارع شبه فاضي، بس صوت بكاء خافت قطع هدوء المكان. على أحد الطرق، وقفت فتاة تبكي بحرقة، تحاول تمسح دموعها بيد مرتعشة، وكأن الدنيا كلها اتخلت عنها. وفجأة، ظهر شاب من بعيد. كان راجع من شغله متعب، لكن منظرها شدّه ووقف قدامها وقال بنبرة هادئة:
ــ "خير يا آنسة، في حاجة؟"
انتفضت الفتاة بخوف، وارتجف صوتها:
ــ "إنت مين؟ وعاوز إيه؟"
ابتسم الشاب محاولاً يطمنها:
ــ "لا لا، ما تخافيش. أنا والله مش قصدي حاجة."
قالت بعصبية وهي تمسح دموعها:
ــ "لو سمحت امشي من هنا.. مش عاوزة مشاكل."
هزّ رأسه مستغرب وقال بنبرة شبه مازحة:
ــ "معقولة أمشي وأسيب القمر لوحده؟"
وبسرعة أضاف وهو يرفع يديه كأنه بيأكد كلامه:
ــ "بصّي، إنتِ زي أختي والله العظيم. أنا كنت راجع من الشغل وشوفتك بالصدفة واقفة، قولت أجي أطمن عليكي. ممكن أعرف إيه اللي يخلي بنت زيك في الشارع دلوقتي؟ باين عليكي إنك بنت ناس."
لكنها صرخت باكية:
ــ "لو سمحت امشي من هنا.. وسبني في حالي."
ثم جلست على الرصيف، ودموعها بتنهمر وهي تردد بصوت مخنوق:
ــ "أنا والله العظيم اللي فيا مكفّيني.. مش ناقصة أكتر من اللي أنا فيه."
اقترب الشاب خطوة صغيرة وقال برفق:
ــ "طيب اهدي.. ما تعيطيش. أنا بس حبيت أساعدك، لو محتاجة مساعدة قولي."
رفعت رأسها نحوه والدموع ما زالت تبلل وجهها:
ــ "أنا فعلاً محتاجة مساعدة أوي. لو حضرتك ناوي تساعدني بجد.. ممكن تدلّني على مكان أبات فيه الليلة. بس بالله عليك ما تسألنيش عن حاجة. ولو مش ناوي خير، امشي من هنا وسبني في حالي."
تنهد الشاب وقال متردداً:
ــ "طيب.. ممكن تيجي البيت عندي."
انتفضت واقفة، عينيها مليانة صدمة:
ــ "إيه؟! أجي البيت عندك ليه؟ لأ، لو سمحت امشي من هنا.. مش محتاجة مساعدة من حد."
ضحك بخفة يحاول يكسر خوفها:
ــ "اهدي يا حجة.. دماغك راحت فين؟ أنا عايش مع أمي وأختي، وطول النهار في الشغل. تعالي، ما تخافيش. حتى أنا مش هبات في البيت النهاردة، عشان تاخدي راحتك. وأهلي ناس طيبين والله مش هيقولوا حاجة."
صمتت لحظة، ثم قالت بصوت ضعيف:
ــ "بجد.. شكراً. مش عارفة أشكرك إزاي."
ابتسم وقال:
ــ "ولا يهمك، إحنا إخوات. يلا بينا."
ترددت وهي ما زالت متوجسة:
ــ "هو حضرتك بجد ناوي تساعدني؟"
أجاب بجدية وهو يضع يده على صدره:
ــ "عارف إن الموضوع يخوّف بالنسبة لكِ، بس والله مش ناوي غير على الخير. أنا ماقدرش أشوف أختي في الشارع في الوقت ده. وإنتِ زي أختي، وأكيد مش هسيبك. تعالي، والله أمي وأخواتي في البيت. زي ما قولتلك، أنا مش هكون موجود عشان تاخدي راحتك."
أخفضت رأسها وقالت بخجل:
ــ "طيب.. شكراً. أنا موافقة أروح معاك. بس أتمنى تكون فعلاً زي ما بتقول، وأمك وأخواتك في البيت."
ضحك وقال مطمئناً:
ــ "يا ستي تعالي وهتشوفي بنفسك. وأنا والله العظيم مش ناوي غير على الخير، وعاوز أساعدك.. مش أكتر."
ثم سار بجانبها بخطوات هادئة، بينما هي ما زالت مترددة، لكن قلبها كان بيهمس لها إنها يمكن أخيراً لقت طوق نجاة ينقذها من ليلتها الطويلة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في منزل عائلة الشاب
جلست الأم في الصالة وهي بتتأمل الساعة بعين قلقة، بينما ابنتها سمر خرجت من أحد الغرف نظرة الي أمها قالت باستغراب:
ــ "خير يا ماما، إنتي إيه اللي مصحيكي لحد دلوقتي؟"
تنهدت الأم وقالت بصوت ممتزج بالقلق:
ــ "أخوكي يوسف لسه ما رجعش من شغله.. وإنتي عارفة إني ما بنامش قبل ما أحط له الأكل."
رفعت سمر حاجبها وقالت:
ــ "غريبة.. اتأخر قوي النهارده."
انفعلت الأم بحدة من القلق:
ــ "يا بنتي ارحميني، أنا متوترة وقلقانة لوحدي."
وفجأة، رن جرس الباب. تنهدت الأم براحة وقالت:
ــ "أهو أخوكي جه.. روحي افتحي له وأنا هسخن له الأكل."
ركضت سمر نحو الباب وفتحته، لتجد يوسف واقف ومعاه فتاة غريبة. قالت الأم بابتسامة:
ــ "حمد الله على السلامة يا يوسف، إيه اللي أخرك كده؟"
ابتسم يوسف وهو يدخل:
ــ "الله يسلمك يا ماما.. معلش، كان عندي شوية شغل بخلصه."
لكن سمر لمحت الفتاة واقفة بخجل خلف يوسف، فتجمدت مكانها وقالت باستغراب:
ــ "إيه ده؟ مين اللي واقفة برة دي يا يوسف؟"
التفت يوسف سريعاً وقال:
ــ "يا خبر! لسة واقفة برة؟ اتفضلي يا آنسة، البيت بيتك."
دخلت الفتاة بخجل شديد، وقالت بصوت واطي:
ــ "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. إزيكوا؟ عاملين إيه؟"
رد يوسف بابتسامة:
ــ "وعليكم السلام.. اتفضلي يا آنسة."
لكن سمر لم تترك الموقف يمر، وقالت وهي تحدق في الفتاة بشك:
ــ "وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. أنا الحمد لله. بس مين أنتي؟"
خفضت الفتاة رأسها وقالت بخجل:
ــ "أنا نور."
رفعت سمر حاجبها وقالت ببرود:
ــ "أهلاً بيكي يا نور.. بس نور مين يعني؟"
التفتت نور نحو يوسف، ولم تنطق بكلمة. وهنا دخلت الأم، مستغربة الموقف:
ــ "نور مين؟ مين دي يا يوسف؟"
رفع يوسف يده محاولاً تهدئة الموقف:
ــ "اهدي بس يا ماما، أنا هفاهمك كل حاجة. الأنسة هتكون ضيفتنا يومين."
لكن نور انسحبت خطوة للخلف وقالت بحزن:
ــ "لا خلاص يا أستاذ يوسف، لو فيها مشاكل أنا همشي من هنا."
قال يوسف بضيق:
ــ "استني بس يا آنسة! هتمشي تروحي فين دلوقتي؟"
ابتسمت الأم بحنان وقالت:
ــ "ولا مشاكل ولا حاجة يا بنتي.. البيت بيتك. اقعدي زي ما إنتي عاوزة. أنا بس استغربت شوية، أصل دي أول مرة يوسف يرجع من الشغل مع حد."
---
في منزل عائلة جاسر
في نفس الوقت، كان الأب "أحمد" داخل البيت متعب، لكنه لقى مراته "هانم" قاعدة على الكنبة وعيونها مليانة حزن. قال وهو بيخلع جاكيت ويضعه علي الكرسي:
ــ "خير يا هانم، إيه اللي مصحيكي لحد دلوقتي؟"
ردت بحزن:
ــ "حمد الله على السلامة يا أحمد."
جلس بجانبها وقال بقلق:
ــ "خير يا هانم.. مالك؟ إيه اللي مزعلك؟"
تنهدت والدموع في عينيها:
ــ "جاسر اتخانق هو ونور تاني.. بس المرة دي هي خرجت ولسه ما رجعتش. وحتى جاسر من ساعتها ما رجعش. وأنا قاعدة من الصبح على نار.. لا عارفة هو فين، ولا عارفة نور راحت فين."
قال أحمد بدهشة وغضب:
ــ "إيه؟ اتخانقوا تاني؟ ليه؟ حصل إيه؟ ونور فين؟"
هزت كتفيها وقالت:
ــ "والله ما أعرف.. أهو الأستاذ جاسر رجع، اسأله بنفسك. أنا خلاص أعصابي تعبت."
دخل جاسر من الباب ببرود واضح وقال:
ــ "مساء الخير يا جماعة."
صرخ أحمد بحدة:
ــ "وهيجي منين الخير يا أستاذ؟ فين مراتك؟"
رد جاسر ببرود:
ــ "مراتي؟ هي فين يعني؟"
تدخلت هانم بقلق:
ــ "نور.. من ساعة ما خرجت ما رجعتش يا أستاذ."
قال جاسر بضيق:
ــ "وهي إزاي تسيب البيت من غير إذني؟"
ضرب أحمد الطاولة بيده وقال بغضب:
ــ "وهو ده كل اللي همك؟ إذنك؟!"
اقترب أكثر وحدق في ابنه:
ــ "اسمع يا جاسر.. لو نور ما رجعتش البيت خلال ساعة، اعتبر نفسك محروم من كل حاجة. أنا مجوّزتك علشان تحميها، مش علشان تزعلها كل يوم."
رفع جاسر صوته:
ــ "ما هي اللي سابت البيت بمزاجها.. ترجع بقى بمزاجها! أنا مش هطلع أدور على حد."
صرخ أحمد بغضب أكبر:
ــ "زي ما قلتلك.. لو نور ما رجعتش، اعتبر نفسك محروم من كل حاجة!"
تنفس جاسر بحدة وقال:
ــ "ماشي! أنا هطلع أشوفها فين وأرجعها.. بس بلاش تلوموني بعد كده على اللي هيحصل."
---
اليوم التالي في بيت يوسف
دخلت أم يوسف على نور في غرفتها، لقتها قاعدة على السرير ودموعها بتنزل. اقتربت منها وقالت بحنان:
ــ "خير يا بنتي، مالك علي الصبح؟ إيه اللي مزعلك؟"
ردت نور وهي تبكي:
ــ "الدنيا كلها مزعلاني."
جلست الأم بجانبها وربتت على كتفها:
ــ "من ساعة ما شوفتك وإنتي مش مبطلة عياط. احكيلي يا بنتي.. أنا زي أمك، يمكن أقدر أساعدك."
شهقت نور وقالت بوجع:
ــ "أنا فعلاً محتاجة أمي أوي في الفترة دي."
ابتسمت الأم بحنان:
ــ "وأنا زي أمك يا بنتي.. احكيلي، مين أهلك؟ فين أمك وأبوك؟"
ردت نور بعياط أكبر:
ــ "ماما وبابا ميتين.. ماليش غير عمي ومراته."
انقبض قلب الأم وقالت بحزن:
ــ "الله يرحمهم. بس معلش على السؤال.. إيه اللي يخلي بنت زيك تكون في الشارع لحد نص الليل؟"
قالت نور والدموع تنهمر أكتر:
ــ "حصلت مشكلة.. سبت البيت. وماكنتش عارفة أروح فين ولا أعمل إيه.. وربنا بعتلي الأستاذ يوسف من السما."
قالت الأم بقلق:
ــ "مشكلة إيه يا بنتي اللي تخليكي تسيبي بيتك وتباتي في الشارع؟ ربنا وحده اللي يعلم كان ممكن يحصل لك إيه لو يوسف ما لقاكيش."
ردت نور بصوت مكسور:
ــ "الخيانة."
شهقت الأم بدهشة:
ــ "خيانة؟! خيانة إيه يا بنتي؟"
لكن نور مسحت دموعها بسرعة وقالت:
ــ "لو سمحتي.. مش عاوزة أتكلم في الموضوع ده."
ابتسمت الأم بحنان وربتت على يدها:
ــ "برحتك يا بنتي.. بس اعتبريني زي أمك. منين ما تحبي تتكلمي أو تحتاجي حاجة، تعالي لي."
خفضت نور رأسها بخجل وقالت:
ــ "ربنا يخليكي ليا يا رب.. شكراً أوي لحضرتك."
ضحكت الأم:
ــ "ويخليكي يا بنتي. أنا كنت جاية أزعقلك عشان تفطري."
هزت نور رأسها:
ــ "لا، شكراً.. مش ليّا نفس للأكل."
قالت الأم بحزم لطيف:
ــ "ودي تيجي برضه؟! لازم تاكلي."
ردت نور بحزن:
ــ "معليش.. سبيني على راحتي. لما أحب آكل هاجي أقولك. والله دلوقتي ما ليش نفس لأي حاجة."
تنهدت الأم بحزن وقالت:
ــ "طيب يا بنتي براحتك.. بعد نص ساعة هاجيبلك الفطار لحد عندك."
قالت نور بخجل:
ــ "لا حضرتك ما تتعبيش نفسك. لما أحس إني جعانة هاجي بنفسي وأقولك."
ابتسمت الأم وقالت بحنان:
ــ "ولا تعب ولا حاجة يا بنتي."
لو أكملت القراءة صلي على رسول الله وضع لايك. وشاركني رايك ❤❤🥺
الفصل الثاني – عاشق زوجتي
في المطبخ،
دخل يوسف على أمه وهو يقول بابتسامة مرحة:
ــ "صباح الخير يا ست الكل."
ردّت أم يوسف وهي تضع الفطار على الترابيزة:
ــ "صباح النور يا ضنايا، نمت فين امبارح؟"
جلس يوسف على الكرسي بتراخي وقال:
ــ "نمت عند علاء صاحبي يا أمي. بس قوليلي.. سمر فين؟ والآنسة نور عاملة ايه دلوقتي؟"
أمه مسحت يدها في المريلة وقالت بحنان ممزوج بالقلق:
ــ "سمر راحت الجامعة بتاعتها.. ونور في أوضتها يا حبة عيني. من امبارح وهي مش مبطلة عياط. وربنا الواحد اللي يعلم إيه اللي حصل معاها وخلاها زعلانة كده."
قطّب يوسف حاجبيه باستغراب:
ــ "ليه؟ هي مالها؟"
أمه هزت رأسها بأسى:
ــ "ربنا وحده اللي عالم بيها."
يوسف بحزم وهو يقوم من مكانه:
ــ "طيب.. أنا هروح أطمن عليها لحد ما تحطي الفطار."
ابتسمت أمه وقالت:
ــ "ماشي يا بني.. يمكن ربنا يهديها وتيجي تاكل لقمة."
ــ "ليه؟ هي ما كلتش حاجة من امبارح؟" سأل يوسف بدهشة.
ــ "أيوه يا بني. امبارح ما رضيتش تاكل حاجة، ودلوقتي برضه بتقول ما لهاش نفس."
---
في الشركة عند جاسر
كان جاسر جالسًا خلف مكتبه، عينيه يكسوها التوتر. دخلت السكرتيرة بخطوات واثقة وهي تقول بدلع متعمد:
ــ "صباح الخير يا بيبي."
زمّ جاسر شفتيه بضيق:
ــ "أنا ما قلتلك متجيش الشركة غير لما الأمور تهدى شوية؟"
قالت بخبث وهي تتمايل:
ــ "ليه؟ خايف على زعل المدام؟"
اشتعل وجه جاسر غضبًا:
ــ "احترمي نفسك! وخدي بالك إنتي بتكلمي مين. مش علشان حصل بينا حاجة، تفتكري تعملي اللي إنتي عايزاه. لأ.. فوقي لنفسك يا روح أمك وشوفي انتي بتكلمي مين.
ثم صاح بحدة:
ــ "ويلا غوري من وشي دلوقتي!"
نظرت له بضيق قبل أن تغادر وهي تقول بتهديد ساخر:
ــ "ماشي.. أنا همشي دلوقتي. بس إنت اللي هتجري ورايا بعدين. سلام يا بيبي."
جلس جاسر يضرب بيده على المكتب وهو يتمتم بحقد:
ــ "ماشي يا نور.. أنا هوريكي. كل اللي حصللي ده بسبب واحدة زيك. طيب والله، لا أطلع غضبي كله عليكي. بس استني.. أول أعرف إنتي فين."
---
في أوضة نور
فتح يوسف باب الغرفة بهدوء ودخل مبتسمًا:
ــ "صباح الخير يا آنسة نور."
رفعت نور عينيها إليه بخجل وقالت:
ــ "صباح الخير يا أستاذ يوسف."
اقترب منها وجلس على الكرسي:
ــ "خير؟ أمي قالتلي إنك من امبارح مش راضية تاكلي حاجة."
ثم مازحها بخفة دم:
ــ "إيه؟ ولا طبيخ الحجة مش عاجبك؟ ولا نطلبلك درفيلي؟"
ضحكت نور بخجل وهي تهز رأسها:
ــ "لا والله مش كده. أنا بس ماليش نفس خالص."
يوسف بمرح:
ــ "قطيعة يا أختي النفس! ده الحجة فاطمة عاملة شوية فول يستهلوا بوقك الحلو ده."
ابتسمت نور ابتسامة باهتة وقالت بأسى:
ــ "آسفة يا أستاذ يوسف.. بجد والله ماليش نفس لأي حاجة."
تغيرت ملامح يوسف وصار صوته أكثر جدية:
ــ "ممكن أعرف إيه اللي مزعلك بالشكل ده؟"
هزت نور رأسها والدموع تنساب من عينيها:
ــ "لو سمحت.. مش عاوزة أتكلم في الموضوع ده."
تنهد يوسف بحزن وقال:
ــ "طيب خلاص.. بلاش تعيطي. مش لازم أعرف حاجة. بس اعتبريني زي أخوكي. منين ما تعوزي أي حاجة، أنا موجود. ولو حبيتي تتكلمي، هسمعك، وأساعدك، وأقف جنبك."
رفعت نور عينيها إليه بامتنان:
ــ "بجد مش عارفة أقولك إيه. شكراً قوي.. كفاية إنك جبتني بيتك. إنت إنسان نادر في الدنيا دي."
ابتسم يوسف بخفة وقال:
ــ "مش عاوزك تشكريني تاني. أنا ما عملتش حاجة. وأي حد مكاني كان هيعمل أكتر من كده. وبعدين.. كلمة حضرتك دي بتحسسني إني راجل عندي مية سنة وسناني مخلعة."
ضحكت نور ضحكة حزينة، لكن ألم قلبها خفّ قليلًا:
ــ "بجد دمك خفيف أوي.. ربنا يصلح حالك."
نظر إليها يوسف بعينين لامعتين وقال بغزل خرج منه بدون قصد:
ــ "يا لهوي.. أخيرًا الشمس طلعت."
نظرت إليه نور باستغراب:
ــ "نعم؟!"
ارتبك يوسف واحمر وجهه:
ــ "ها.. ولا حاجة."
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في مكتب أحمد دخلت السكرتيرة إلى المكتب وهي تقول:
ـ صباح الخير يا فندم، حضرتك طلبتني؟
رفع أحمد رأسه من فوق الأوراق، وقال بلهجة متعبة:
ـ أيوه يا آنسة ملك، لو سمحتي عايزك تلغي أي اجتماع هيحصل النهارده في الشركة.
ترددت ملك قليلًا قبل أن ترد:
ـ بس يا فندم… النهارده في مقابلة الموظفين الجُدد، والناس فعلًا ابتدوا ييجوا، ولازم حضرتك تشرف بنفسك.
أحمد بحزن:
ـ خليه الأستاذ جاسر يقابلهم.
ملك وقد ازدادت حيرتها:
ـ بس الأستاذ جاسر مش موجود يا فندم.
نظر أحمد إليها بدهشة:
ـ إيه؟ مش موجود؟ أمال فين؟
أجابت بارتباك:
ـ والله ما عندي فكرة يا فندم… هو جه الشركة الصبح بدري، وبعدها خرج تاني.
أحمد وهو يزفر بضيق:
ـ طيب خلاص، روحي شوفي شغلك، وبلغي الناس اللي جاية علشان المقابلة إن المقابلة هتبدأ بعد نص ساعة.
أومأت ملك سريعًا:
ـ أمرك يا فندم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نرجع ليوسف ونور...
نهض يوسف وهو يعدل ملابسه على عجل:
ـ طيب أنا هنزل بقى… عندي مقابلة شغل جديدة ومش عاوز أتأخر. ادعيلي ربنا يسهّل الحال وأتقبل.
ابتسمت نور بحنان:
ـ ربنا يصلح حالك، إن شاء الله هتتقبل.
ابتسم يوسف وقال محذرًا:
ـ بس لو رجعت ولقيتك ما كلتيش حاجة… بجد هزعل منك.
ضحكت نور بخفة:
ـ حاضر يا أستاذ يوسف.
توقف يوسف قليلًا ثم قال مازحًا:
ـ يا ختييي… نطلع من "حضرتك" ندخل في "أستاذ"؟
أجابته نور بخجل:
ـ ما هو ما ينفعش أقول يوسف كده وخلاص من غير لقب.
يوسف مبتسمًا:
ـ خلاص براحتك. أنا همشي دلوقتي علشان اتأخرت. سلام عليكم.
نور:
ـ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في الشارع…
كان يوسف يعبر الطريق شارد الذهن، لم ينتبه للسيارات من حوله. فجأة ظهرت سيارة مسرعة، لم يلحق سائقها أن يضغط على الفرامل، فاصطدمت به اصطدامًا خفيفًا في ساقه. سقط يوسف أرضًا يصرخ من الألم، ممسكًا رجله. ترجّل السائق بسرعة، لكنه بدلًا من أن يعتذر، اتجه إليه بغضب، وصاح:
ـ إنت أتعميت يا واد؟ مش شايف الطريق كله عربيات؟ ولا عامل نفسك بتموت عشان تطلعلك بقرشين؟
رفع يوسف رأسه، وصاح بغضب ممزوج بالألم:
ـ إنت مجنون ولا شارب حاجة؟ ده أنا كنت هاموت يا حيوان! بدل ما تعتذر وتشوف رجلي حصل لها إيه، جاي تشتم؟
اقترب الرجل منه، أمسكه من ياقة قميصه وضربه بلكمة في وجهه، وهو يقول بغضب:
ـ أنا حيوان يا روح أمك؟ إنت عارف بتكلّم مين يا ابن…؟
لكن يوسف، رغم الألم، رد بعينين مشتعلتين. صفعه بالقلم بقوة وزقه بعيدًا عنه. تجمّد السائق، واضعًا يده على وجهه من شدة الصدمة.
قال يوسف بحدة:
ـ القلم ده علشان تتعلم إزاي تكلم الناس.
ثم عاجله بلكمة أخرى قوية أسقطته أرضًا، وأضاف بسخرية:
ـ أما اللكمة دي… فدي عشان تعرف إنت بتتكلم مع مين.
ابتعد يوسف يعرج على ساقه، تاركًا الرجل ممددًا على الأرض. تجمع الناس من حوله، وحاول أحدهم أن يساعده على النهوض، لكنه زجره بغضب وزقه بعيدًا وهو يهتف:
ـ محدش يقرب مني!
نهض بصعوبة، وصعد إلى سيارته وهو يغلي من الداخل، غير مصدّق ما حدث. قاد السيارة بعصبية، وصوته يخرج من بين أسنانه وهو يتمتم بالوعيد:
ـ ماشي يا ابن الكلب… أنا هعرفك مين جاسر. وحياة أمك… لو كنت تحت الأرض، هطلعك!
لو أتممت القراءة صلي على رسول الله وضع لايك وشاركني رايك 💚💚😀
الحلقة الثالثة من عاشق زوجتي
بقلم: صباح عبدالله
في بيت يوسف...
كانت أم يوسف تقف في المطبخ، منشغلة بتجهيز الطعام استعدادًا لعودة سمر من الجامعة. رائحة الأكل تفوح في المكان، تضفي دفئًا وطمأنينة. فجأة دخلت نور بخطوات مترددة، وملامحها يغلب عليها الخجل.
قالت بصوت خافت وهي تبتسم ابتسامة خجولة:
ـ السلام عليكم يا طنط، محتاجة أساعد حضرتك في حاجة؟
رفعت أم يوسف رأسها إليها بابتسامة حنونة تفيض دفئًا واحتواء، ثم ردّت:
ـ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا بنتي. لا يا حبيبتي، مش محتاجة مساعدة، كتر خيرك. بس عشان خاطري، كلي لك لقمة… إنتِ من امبارح ما كلتيش حاجة.
نور، في محاولة منها للتأقلم مع الجو الجديد، أجابت بمرح وهي تضع يدها على بطنها:
ـ أيوه، بصراحة أنا جعانة أوي… والاستاذ يوسف قال لي إنك عاملة شوية فول، يستاهلوا بقى. هو فين الفول ده؟
ضحكت أم يوسف على كلامها بعفوية، وقالت بحب:
ـ فول إيه يا قمر؟ ده كان الصبح. إنما دلوقتي عملتلك شوية محشي ورق عنب مع دكر بط… حاجة كده تستاهل بقك القمر ده.
أطلقت نور ضحكة صغيرة، ثم تظاهرت بالتعب وهي تربت على بطنها:
ـ اهاا… يلا هاتي بسرعة، والله جوعتيني.
ابتسمت أم يوسف بحنان، أسرعت نحو المطبقية، ثم اتجهت إلى حلة المحشي الموضوعة على النار. فرغت بعضًا منها، وأخرجت ورك البط، حمّرته بالزيت، وجهزت بجواره شوية سلطة. رتبت كل ذلك على صينية فلاحي كبيرة، وفرشتها على الأرض كما اعتادت في بيتها البسيط.
قالت برقة وهي تضع الطعام أمام نور:
ـ تعالي يا حبيبتي كُلي لحد ما تشبعي، ولو الأكل ما كفاش قوليلي، أزودلك تاني.
لكن نور لم تتحرك. وقفت تحدّق في أم يوسف بعيون دامعة. المشهد كله ـ يدان حانيتان تعدان لها الطعام، قلب أموي لا يملك لها إلا الحب ـ أعاد إليها حرمانها القديم منذ وفاة أبيها وأمها. لم تستطع أن تتمالك نفسها، فانسابت دموعها بغزارة.
لاحظت أم يوسف بكاءها، فارتبكت واقتربت منها بخوف، قائلة:
ـ خير يا حبيبتي، مالك؟ رجعتي تعيطي تاني ليه؟
لم تتمالك نور نفسها أكثر، ارتمت في حضن أم يوسف تبكي بحرقة، وصوتها يتقطع بالعَبرات:
ـ أنا تعبانة أوي… أوي. والله العظيم محتاجة ماما وبابا يكونوا جنبي في الفترة دي. هم ليه مشيوا؟ ليه سبوني لوحدي في عالم ظالم زي ده؟ هو إنسان خائن وكذاب… عارف إني مليش ضهر يحميني، عشان كده بيعمل اللي هو عاوزه!
تساقطت دموع أم يوسف هي الأخرى، وهي تحتضنها كأنها طفلتها، غير مستوعبة من تقصد بكلامها، لكنها شعرت بقلبها يحنّ للغلبانة اللي تبكي بحرقة بين ذراعيها. قالت وهي تربّت على ظهرها بحنان:
ـ هو مين يا حبيبتي… الخاين ده؟
ـــــــــــــــــــــــــــــ
في شركة أحمد ـ والد جاسر
شركة كبيرة تعمل في مجال تصدير واستيراد المواد الغذائية.
دخل يوسف من باب الشركة وهو يعرج على قدمه، ملابسه متسخة من أثر الحادث، ووجهه يحمل كدمة واضحة وانتفاخ بسيط في مكان لكمة جاسر. كان يتنفس بصعوبة، لكن رغم ذلك تقدم بخطوات مثقلة حتى وصل أمام مكتب السكرتيرة ملك.
وقف أمامها وقال بصوت متقطع:
ـ لو سمحتي يا آنسة… أنا يوسف إبراهيم… عندي معاد لمقابلة شغل.
رفعت ملك عينيها إليه بكبرياء، نظرت له من أعلى لأسفل باستخفاف، ثم ردّت من بين أسنانها:
ـ بعتذر… بس حضرتك اتأخرت كتير.
قال يوسف برجاء، وصوته يحمل بقايا أمل:
ـ لو سمحتي… اسمحيلي أدخل. عارف إني جيت متأخر، بس والله… عربية خبطتني وأنا في الطريق، وده اللي أخّرني. والله مش بإيدي.
حدّقت فيه ملك بطرف عينها، ولوت شفتيها باحتقار:
ـ بقولك المقابلة انتهت… جيت متأخر. إيه يا حيوان، مش فاهم أنا بقول إيه؟! وبعدين أنا مالي… عربية خبطتك ولا زفت! إيه القرف ده على الصبح؟
تصلّبت ملامح يوسف، شدّ على قبضته محاولًا التحكم في غضبه، لكن صوته خرج عاليًا:
ـ تعـرفي… لولا إنك بنت، كنت وريتك مين الحيوان اللي مش بيفهم!
في هذه اللحظة، خرج أحمد من مكتبه، متجهًا نحوهم بعدما لفت صوته العالي أنظار الموظفين. وقف أمام يوسف، يرمقه من رأسه حتى قدميه، وقال بجمود:
ـ إيه اللي بيحصل هنا؟… وإنت مالك يا ابني، إيه اللي عمل فيك كده؟
اقترب يوسف وهو يعرج، غير مدرك أن الرجل الواقف أمامه هو صاحب ورئيس الشركة ذاته، وقال بحماس وغضب مكبوت:
ـ أسمعني يا أستاذ… أنا جاي علشان مقابلة شغل. بس وأنا في الطريق عربية خبطتني، علشان كده اتأخرت. جيت هنا لقيت الأنسة دي مش عاوزة تدخلني، بل بالعكس… غلطت فيا. وأنا… لولا إني راجل وأبوي رباني إن إيدي ما تتشال على ست، كنت علمتها الأدب.
التفت أحمد نحو ملك بعينين ضيقتين من الغضب، بينما حاولت ملك أن تبرر بسرعة:
ـ هو… هو اتأخر علشان…
قاطعها أحمد بصوت حازم مرتفع:
ـ علشان إيه يا آنسة ملك؟! مش أنا لسه قايلك إن المقابلة هتبدأ بعد نص ساعة؟ ولسه ماعداش حتى خمس دقايق! إزاي تقولي له إنها خلصت؟!
تلعثمت ملك وهي تحاول الدفاع عن نفسها:
ـ آسفة يا فندم… بس حضرتك مش شايف منظره؟ أنا… فكرته بلطجي، وخوفت حضرتك تضايق مني لو دخلته.
قال يوسف بغيظ، وقد ضاق صدره:
ـ بلطجي إيه؟! استغفر الله العظيم… أنا لسه قايلك اللي حصل! إزاي بلطجي بقى؟
تأمل أحمد يوسف لبرهة، ثم قال بنبرة أهدأ:
ـ خلاص يا ابني، حصل خير. روح عالج نفسك… وما تقلقش، المقابلة اتأجلت لبكرة.
ثم استدار متجهًا نحو مكتبه، وهو يلقي أوامره:
ـ لحقيني على مكتبي يا آنسة ملك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في منزل عائلة جاسر
عاد جاسر إلى البيت وهو لا يطيق نفسه، ملامحه متوترة، وما حدث معه في الشارع لا يفارق ذاكرته للحظة. صعد الدرج نحو غرفته في الطابق الثاني وهو يضع يده على جبينه وكأنه يبحث عن شيء من الاسترخاء أو الراحة.
لكن صوت أمه هانم، التي كانت تجلس على الأريكة تراقب تحركاته، أوقفه:
ـ استنى عندك يا جاسر… إيه؟ مش شايفني قاعدة؟
التفت جاسر إليها كأنه يراها لأول مرة، وقال بفتور:
ـ آسف يا ماما… ما أخدتش بالي.
رمقته هانم بنظرة فاحصة وقالت بحدة يغلبها القلق:
ـ وإنت من إمتى بتاخد بالك أصلاً؟ على العموم… فين نور؟ ليه لسه ما رجعتش البيت لحد دلوقتي؟
ازدادت حركة يد جاسر على جبينه، ورد بتوتر ظاهر:
ـ هي عند واحدة صاحبتها… وما وافقتش ترجع معايا. قولت أسيبها يومين ترتاح، وبعدين ترجع من نفسها.
رفعت هانم حاجبيها باستغراب:
ـ غريبة! أنا امبارح كلمت كل صاحبات نور اللي أعرفهم… ما فيش واحدة فيهم عارفة عنها حاجة.
ابتلع جاسر ريقه سريعًا، ثم قال بكذب وهو يشيح بوجهه:
ـ ما هو نور اللي قالتلي ما أقولكش حاجة يا أمي.
أطرقت هانم برأسها للحظة، وقالت بصوت يحمل حزناً واضحاً:
ـ ماشي يا نور… المهم إنها بخير. بس أنا عاوزة أفهم: إيه اللي حصل بينك وبينها امبارح يخليها تسيب البيت؟ ده عمرها ما عملتها قبل كده.
تحرك جاسر بعصبية وهو يحاول التملص:
ـ خلافات عادية يا أمي… بتحصل بين أي اتنين متجوزين. والموضوع مش مستاهل إنها تسيب البيت، بس هنقول إيه… عقل العيال.
حدقت فيه هانم بعينين ثاقبتين وقالت:
ـ طيب إيه هو الموضوع ده؟ عاوزة أعرف. وأنا عارفة إن نور صغيرة في السن، بس عقلها أكبر من كده بكتير. متأكدة إنك عملت حاجة كبيرة علشان تفكر تسيب البيت بالشكل ده.
اقترب جاسر من السلم وهو يتظاهر بالإنهاك:
ـ معلش يا أمي… أنا مصدّع ومحتاج أنام شوية. لما أصحى هاحكيلك كل حاجة.
ابتسمت هانم برفق يخالطه شك:
ـ بقى كده؟ طيب يا جاسر… اطلع ارتاح شوية. وأنا هخلي حد يعملك فنجان قهوة.
التفت إليها وهو يحاول إخفاء قلقه:
ـ تسلمي يا أمي… ربنا يخليكي ليا.
وضعت هانم يدها على صدرها وقالت بدعاء صادق:
ـ الله يسلمك ويحفظك يا بني… ويهديك ويهدي سرك يا رب.
يتبع
آسفة جدًا يا جماعة على التأخير. النت كان فاصل، بس إن شاء الله هعوضكم وهنزل الحلقات اللي فاتت.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحلقة الرابعة من عاشق زوجتي — الكاتبة: صباح عبدالله
في شركة أحمد (أبو جاسر)، داخل مكتبه الخاص، كان يجلس على مقعده، بينما تقف أمامه السكرتيرة "ملك". قال لها أحمد بصوت غاضب:
ممكن أفهم إيه اللي انتي عملتيه ده؟
ملك بتوتر:
والله يا فندم زي ما قلت لحضرتك… أنا شُفت حالته كده خوفت أدخّله على حضرتك ويحصل مشكلة.
أحمد بعدم اقتناع:
بس الشاب قال إيه سبب الحالة اللي هو فيها؟
ملك بخوف:
بصراحة يا فندم… افتكرت إنه بيكذب.
أحمد بعصبية:
استغفر الله العظيم وأتوب إليه! بيكذب إيه بس يا بنتي وهو مش قادر يدوس على رجله؟
ملك بحزن مصطنع:
أنا آسفة يا فندم… ومش هتتكرر تاني، بوعدك.
أحمد بعدم رضا:
طيب، حصل خير. بس خلي في علمك… دي أول وآخر فرصة ليكي. لو الموضوع ده اتكرر تاني، اعتبري نفسك مرفوضة من شغلك.
ملك بارتباك:
إن شاء الله مش هيتكرر تاني يا فندم.
أحمد:
تمام… اتفضلي شوفي شغلك.
ملك:
بعد إذنك يا فندم.
خرجت "ملك" من مكتب أحمد وهي تتمتم بكلمات غير مفهومة:
بقى أنا أتهان بالشكل ده بسبب واحد جربوع زي ده؟! طيب… الأيام جاية كتير يا أستاذ يوسف، وساعتها هانصفّي حساباتنا مع بعض.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في منزل يوسف
كانت نور تجلس مع أم يوسف في المطبخ، فسألتها الأخيرة بقلق عمّا أصابها وجعلها حزينة بهذا الشكل:
خير يا حبيبتي، أنا زي أمك… احكي لي مالك؟ إيه اللي خلاكي زعلانة كده؟
نور وهي تبكي:
إنتي ست طيبة أوي، وقلبي ارتاحلك… هاحكيلِك كل حاجة، بس مش عاوزة حد غيرك يعرف.
أم يوسف بحنان:
حاضر يا بنتي، مش هقول لحد.
تنهدت نور وبصوت متهدّج من البكاء بدأت تحكي:
أنا ماما وبابا الله يرحمهم ماتوا في حادث وأنا عندي 15 سنة، ومن اليوم ده ما شفتش يوم حلو. ولما تمّيت 18، قرر عمي يجوزني لابنه علشان أملاك بابا ما تروحش لحد غريب، خصوصًا إن بابا وعمي كانوا شركاء في الشغل، وطبعًا نص الأملاك كانت ليا… فجوزني لابنه، وهو كان مفكر إن ده هايسعدني… لكن ما كانش عارف إن ابنه شيطان، أقذر إنسان في الدنيا. ما شفتش منه غير الضرب والإهانة.
ثم انهمرت دموعها أكثر وقالت بصوت مبحوح:
حتى ليلة فرحي، اللي أي بنت بتحلم بيها، سبني وخرج من البيت… وبعد يومين بالصدفة عرفت إنه أصلاً مش عاوزني، وإن عمي هو اللي غصبوا. استحملت سنتين، قولت يمكن ربنا يحنّن قلبه يوم… لكن أول إمبارح اكتشفت إنه إنسان قذر وخاين. شوفته بعيني في حضن واحدة تانية… اتأكدت إن ماليش أي قيمة عنده. لما واجهته… ضربني وقال لو كنت آخر إنسانة في الدنيا مش ممكن أفكر فيكي… إنتي بالنسبالي مجرد خدامة وصفقة رخيصة اتغصبت عليها.
وضعت نور يديها على وجهها، ووجهها احمر من شدة البكاء:
ما قدرتش أستحمل… قررت أسيبه وأسيب البيت من غير ما آخد حتى هدومي… والباقي إنتي عارفاه.
وضعت أم يوسف يدها بحنان على كتف نور، تمسح دموعها باليد الأخرى وقالت بحزن:
والله يا بنتي مش عارفة أقولك إيه، لكن حاسة بيكي… وعارفة قد إيه رفض الزوج بيجرح. أنا عشت نفس التجربة دي. بس يا حبيبتي، صدقيني… عوض ربنا كبير، وإن شاء الله ربنا هيعوضك بزوج أفضل منه. إنتي بس قولي: يا رب.
نور وهي تنظر إليها بحزن:
لا… أنا فقدت الثقة في الجواز خلاص، ومش ناوية أعيد التجربة. هاصبر لحد ما أقف على رجلي ونفسيتي تهدى، وساعتها هرجع أطلب حقي وحق بابا… وهاطلب الطلاق. مستحيل أعيش معاه تحت سقف واحد تاني. لازم يعرف إني لا كنت خدامة ولا هكون خدامة لحد. بس ليه حضرتك قلتي إنك عشتي نفس اللي أنا مريت بيه؟
أم يوسف تنهدت، والدموع تلمع في عينيها:
علشان يا بنتي أنا كنت متجوزة واحد قبل أبو سمر الله يرحمه. في الأول كنت سعيدة، لكن بعد سنتين انقلب كل شيء… اتحولت حياتي لجحيم. ضرب وإهانة وذل… وفي الآخر طلقني ورماني في الشارع. بس كان ربنا كاتب إني أكون حامل، وأنا ما كنتش أعرف… عرفت بالصدفة إني حامل بعد ما كل حاجة خلصت. زيك كده، كرهت الرجالة وقررت ما اتجوزش تاني… لحد ما عرفت أبو سمر، الله يرحمه، كان أحن وأطيب راجل. حبني وحب يوسف ابني، وما خلاهوش يحس لحظة إنه مش ابنه.
نور بدهشة:
يعني الأستاذ يوسف أخو الآنسة سمر من الأم بس؟
أم يوسف أومأت:
أيوه، بس لما اتجوزت الحاج أبراهيم الله يرحمه، يوسف كان لسه ابن سنة، وما كانش متسجّل في الحكومة. فالحاج رحمة الله عليه سجله باسمه في المحكمة.
نور دون تفكير:
طيب… مين أبو يوسف الحقيقي؟
أم يوسف بصوت مكسور:
اسمه…
وفجأة رن جرس الباب. نهضت أم يوسف قائلة:
هاروح أفتح، يمكن سمر رجعت من الجامعة.
فتحت الباب، وصدمت:
يا لهوي! إيه اللي عمل فيك كده يا ابني؟!
جرت نور من المطبخ على صوت أم يوسف، وقالت بقلق:
خير يا طنط؟
لتتفاجأ بيوسف واقف على الباب، يسند على عكاز، رجله متجبسة ورأسه ملفوفة بالشاش. اقتربت منه وهي تقول بقلق شديد:
لا حول ولا قوة إلا بالله… خير يا أستاذ يوسف، إيه اللي حصل لحضرتك؟
دخل يوسف متكئًا على العكاز، فأسرعت أمه تسنده من الناحية الثانية، وجلس على الأريكة بتعب:
ما تخافوش يا جماعة… ده حادث صغير، والحمد لله إنها جات على قد كده.
أم يوسف بدموع:
حادث إيه يا ابني؟
يوسف بابتسامة هزيلة:
واحد خبطني بالعربية… الحمد لله كسر صغير في رجلي، وغرزتين في راسي… قدر الله وما شاء فعل.
نور بلطف:
ونِعْم بالله… ألف سلامة عليك يا أستاذ يوسف.
أم يوسف وهي تحتضنه:
الحمد لله يا رب إنها جات على كده… الف سلامة يا قلب أمك. هاقوم أجيبلك حاجة تاكلها.
نور بلطف:
خليكي انتي يا طنط، أنا هجيب الأكل.
أم يوسف:
بس يا بنتي ما يصحش… إنتي ضيفة.
نور بابتسامة حزينة:
عارفة إني غريبة… بس مش عيب إني أجيب الأكل.
يوسف بتعب:
ما غريب إلا الشيطان يا آنسة نور… أنا قولتلك البيت ده بيتك.
أم يوسف بابتسامة:
مش قصدي والله إنك غريبة. روحي هاتي الأكل، واعملي شاي كشري كمان… يوسف ما يحبش غيره.
ابتسمت نور بخجل:
بس كده… حاضر من عيوني.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في منزل عائلة جاسر
في غرفة جاسر، كان يجلس على طرف السرير يتحدث عبر الهاتف مع شخص ما:
جاسر: بقولك إيه، أنا تعبان شوية وعاوزك تجهزي نفسك… هاجي نسهر مع بعض، إيه رأيك؟
صوت ملك (السكرتيرة) عبر الهاتف تقول بسخرية: غريبة دي والله! من شوية كنت مش طايق تشوف وشي وحسستني إني قاتلة لك حد… ودلوقتي بتتصل وتقول مش عارف إيه!
جاسر بحدة: يا بنتي، خدي بالك من كلامك. أنا قادر أجيب مية واحدة تحت رجلي، بس إحنا بينا عشرة عمر يا ملوكة.
ملك بصوت عالي: والله يا جاسر، لو فكرت مجرد تفكير في بنت غيري… هخلص عليك وعليها. أنا مش مجرد واحدة بتتسلى بيها! وانت عارف أنا قصدي إيه… بس أكتر حاجة مضايقاني إنك سبتني واتجوزت بنت عمك الجربوعة دي.
جاسر بغضب: ملك! حذرتك مية مرة ما تجيبيش سيرة نور على لسانك. وهي مش جربوعة… دي أنضف مني ومنك! للأسف أنا اللي ما استهلش واحدة نضيفة زيها… وبعدين ما تنسيش إن نور مش بس مراتي، دي بنت عمي، وأي يغلط فيها تبقى غلط فيا أنا شخصيًا.
ملك بغيظ: الله الله على الحلاوة اي وقعت في غرام المدام يا أستاذ جاسر؟ بقت شاغلة بالك وبتدافع عنها كتير!
جاسر بهدوء متحكم: لا وقعت ولا أتنيلت… بس طبيعي أدافع عنها، لأنها مراتي وشرفي. اقفلي على الموضوع ده بقى، أنا هقوم أخد شور، ومسافة الطريق هكون عندك.
ملك بضيق: بس أنا لسه في الشركة، ما روحتش.
جاسر: طيب، أنا هسبقك… خلصي شغلك وتعالي.
يتبع
ياتارى.. اي حكاية يوسف؟
ونور.. ناوية تعمل إيه بعد اللي حصل؟
وإيه السر اللي مخبيّاه ملك بينها وبين جاسر؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحلقة الخامسة من رواية عاشق زوجتي بقلم الكاتبة صباح عبدالله
في منزل يوسف
تخرج نور من المطبخ وهي تقول بابتسامة خجولة:
– الأكل جاهز يا أستاذ يوسف.. والشاي كمان.
كان يوسف من شدة التعب قد نام على الكنبة دون أن يشعر. نظرت له نور بخجل، ثم التفتت حولها فلم تجد أحدًا غيره. فجأة خرجت أم يوسف من غرفتها، تطل على يوسف بحزن وتقول:
– يا قلب أمك يا ابني.. معليش يا نور يا بنتي، اقعدي جنبه شوية لحد ما أنزل أجيب له شاش ومطهر من الصيدلية، أصل هو نسي يجيب.
ارتبكت نور وقالت بتردد:
– لا لا يا طنط.. خليكي انتي مع الأستاذ يوسف، وأنا أنزل أجيبهم.
أم يوسف باستغراب:
– وليه يا بنتي؟ إنتي لسه جديدة هنا ومش عارفة حد.
نور:
– حضرتك قولي لي بس فين الصيدلية وأنا أجيب الطلب وهرجع على طول. بس معلش ما ينفعش أفضل أنا والأستاذ يوسف لوحدنا في البيت.
أم يوسف بدهشة:
– هو في إيه يا بنتي؟ يعني يوسف يعمل فيكي حاجة؟ حاشا لله!
نور مرتبكة:
– لا والله يا طنط مش قصدي كده.. بس معلش مش هقدر.
أم يوسف بعد تنهيدة:
– طيب يا بنتي، خدي الفلوس اهي.. هتلاقي الصيدلية أول الشارع. معلش هنتعبك معانا يا بنتي. حتى مش عارفة سمر اتأخرت ليه كده.
نور تأخذ النقود وتقول بهدوء:
– الغايب حجته معاه يا طنط.. هانزل أجيب الشاش والمطهر للأستاذ يوسف، وإن شاء الله مش هتأخر.
أم يوسف:
– طيب يا حبيبتي، خدي التليفون معك. لو لقيتي نفسك مش عارفة الطريق اتصلي عليّ وأنا أجيلِك.
تأخذ نور النقود والهاتف وتخرج من الشقة، تركب الأسانسير تنزل به.
بينما قدام العمارة اللي ساكن فيها يوسف. وقف جاسر بعربيته. نزل من العربية، دخل العمارة، واتجه ناحية الأسانسير. كان الأسانسير لسه نازل، وقف قدامه، وفجأة اتفتح الباب، وظهرت نور داخله.
بصت له بصدمة وهمست بخوف:
– جاسر..!؟
لكن جاسر كان ماسك تليفونه وبيتكلم ومخدش باله منها. بسرعة خبّت نور وشها بإيديها وطلعت جري من الأسانسير، بينما دخل هو جوه ولسه مشغول بالمكالمة، ما حسش بيها ولا شافها. قبل ما تبعد عنه، سمعت صوته بيقول في التليفون:
– ملك.. أنا وصلت، إنتي فين؟
وقف لحظة، ثم أكمل بابتسامة:
– طيب يلا انجزي عشان وحشتيني أوي.. ده أنا مجهزلك سهرة ومفاجأة ما حصلتش.
تجمدت نور مكانها للحظة، بعدها جريت برة العمارة وهي بتبكي بحرقة. وقفت قدام الباب، مسنودة على الحيطة، دموعها نازلة وصوتها متهدج:
– حرام عليك يا خيي.. أنا عملت فيك إيه عشان تعمل فيا كده؟ هو أنا كان ناقصني إيه؟ ولا هي زايدة عني في إيه؟ ولا الحرام بقى هو الحلو؟! أنا بأكل في نفسي من القهر.. وأنت بتجهز سهرات ومفاجآت للهانم!
مسحت دموعها بعنف وقالت لنفسها بإصرار:
– بس.. كفاية بقى! أنا مش ضعيفة ولا رخيصة للدرجة دي عشان أضيّع عمري على واحد رخيص زيك. من بكرة هرجع جامعتي، هرجع شغلي، وهعرفك وهعرف الدنيا كلها مين هي نور. نور اللي عمرها ما كانت ضعيفة.. ولا هتكون أبدًا.
بعد ربع ساعة. كانت نور رجعت ومعاها الشاش والمطهر، وقفت قدام العمارة وهي حاسة بالقرف من مجرد الدخول. كل مرة تفتكر إن جاسر موجود فوق مع ملك، كانت بتحس غصة جواها وتقرف أكتر. وفجأة دخلت سمر أخت يوسف العمارة، لمحت نور واقفة قدام السلم، شكلها مترددة.
سمر باستغراب:
– مالك يا نور، واقفة كده ليه؟
انتبهت نور لصوتها، التفتت بسرعة وقالت بتوتر:
– لا أبدًا.. مفيش.
سمر بهزار وهي مبتسمة:
– أمال بتبصي على السلم كده ليه؟ فكرتك شفتي عفريت.
نور قالت بنبرة حزينة ومن غير ما تاخد بالها:
– هو أنا فعلاً شوفت أوسخ عفريت في الدنيا.
سمر باستفهام:
– هاا؟! شوفتِ أوسخ عفريت إزاي يعني؟
نور بسرعة وهي بتحاول تغيّر الموضوع:
– هاا ولا حاجة.. على العموم، حمد لله على سلامتك. طنط كانت قلقانة عليكي جدًا، خصوصًا إنك اتأخرتي. وبالمناسبة.. الأستاذ يوسف رجع متعور، عمل حادث.
سمر بصوت عالي وصدمة:
– يالهوي! يوسف أخويا عمل حادثة!؟
جريت على طول على السلم من غير ما تسمع باقي كلام نور. لحقت نور وراها وهي بتنادي:
– استني يا آنسة سمر! ما تخافيش، هو الحمد لله كويس والله.
تدخل سمر الي البيت وهي عمالها تعيط وتنادي بصوت عالي باسم يوسف، يصحى يوسف مفزوع من صوت عياطها العالي ويقول بفزع:
_سمر! مالك؟ في إيه؟
تجري سمر على يوسف وتحضنه جامد وتقول وهي بتعيط:
_يوسف حبيبي، إنت كويس؟ حصل لك إيه؟ نور قالت لي إنك عملت حادثة؟
يبص يوسف على نور اللي قالت بإحراج:
_والله أنا ما كان قصدي أخوّفها كده.
ترد أم يوسف وهي بتبص على سمر:
_ولا يهمك يا بنتي، هي بتحب يوسف وبتخاف عليه.
يربت يوسف على ضهر سمر وهو بيقول بحب:
_أنا كويس يا سمر يا حبيبتي، ما تخافيش.
سمر بدموع وعياط:
_إنت عارف يا يوسف، لو حصل لك حاجة وحشة لا سمح الله، أنا ممكن يجرالي إيه؟
أم يوسف:
_فال الله ولا فالك يا بنتي، ربنا يحميكم ويحفظكم من كل شر.
وفي اللحظة دي، كانت نور في عالم تاني. عينها وقعت على جاسر وهو داخل الشقة اللي قصاد شقة عيلة يوسف، وكانت ملك وصلت. ومن غير ما تحس بنفسها طلعت من شقة يوسف ورحت على شقة جاسر. دست على الجرس وعيونها مش بترمش، وبعد ثواني فتح جاسر الباب واتصدم بوجود نور، وقال بصدمة:
_نور! إنتِ بتعملي إيه هنا؟
يتابع
تكملة الرواية من هناااااااا
لمتابعة باقى الرواية زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كاملةمن هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هناااااا


تعليقات
إرسال تعليق