رواية حكاية بنت الريف الفصل السادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر بقلم صباح عبد الله حصريه
رواية حكاية بنت الريف الفصل السادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر بقلم صباح عبد الله حصريه
دهب: مش فاهمة قصدك إيه؟
مهند: قصدي يا دهب، إن لو إنتِ مش عايزة أقرّب منك ومحتاجة وقت، أنا مافيش عندي مشكلة وهأصبر عليكِ.
دهب: اتوتّرت ومش عارفة أرد عليه وفضلت سكته لاقيته قام من جنبي وهو بيقول.
مهند: طيب يا دهب، أنا هاسيبك على راحتك. نامي هنا وأنا هنام في الغرفة التانية علشان تاخدي راحتك.
دهب: رايح فين؟ مش هتأكل؟
مهند: يا ربي… اتمنيت لو تقولي خليكِ ما تمشيش. يا دهب، كولي إنتِ ماليش نفس.
دهب: طيب.
مهند سابها ودخل ينام في الغرفة التانية. وبعد حوالي ربع ساعة لقاها بتخبط على الباب. قَمت بسرعة وفتحت.
دهب وقفت بخجل وانا بفرك في أيدي بحركة مرتبكة بعد ما سبتني ماعرفتش أنام. الفستان كان ضايق… حاولت أقلعه بس ما عرفتش. وقفت قدام الباب ومكسوفة أقول له ساعدني علشان أقلع الفستان ومش قادره انطق بحرف.
مهند: خير يا دهب؟ في حاجة؟
دهب (بكسوف): معلش، افتحلي سوست الفستان. مش عارفة أفتحه لوحدي ومش مرتاحة فيه.
مهند: تعالى، معلش… ما جاش على بالي.
دهب لفت عشان يفتح لها السحّاب.
مهند: سيطرت على نفسي علشان مش اغلط معاها في حاجه عارف انها خلاص بقت مراتي بس مش عاوز اخدها غصب فتح لها سوست الفستان وانا بقول. "عايزة حاجة تانية يا دهب؟"
دهب: شكرًا. بس تعال علشان ناكل، أنا جعانة ومش بعرف آكل لوحدي.
مهند: بس أنا مش عايز…
كنت عاوز اهرب منها مش عاوز افضل معاها خايف عليها من نفسي حتي بعد ما بقت مراتي بس بصّت لها لقتها زعلت ما حبتش اكسف. "خلاص ما تزعليش. جهزي الأكل على ما جي، وأنا هاكل علشانك. تمام كده؟"
دهب: ماشي. هقلّع الفستان وهجهّز الأكل، وانت كمان غيّر هدومك.
مهند: طيب، بس الهدوم في أوضة النوم.
دهب: عادي، تعالى غيّر هدومك.
مهند: طيب، روحي إنتي اقلعي فستانك والبسي حاجة مريحة الأول علشان ترتاحي. وأنا هدومي مش ضيقة عليّ، عادي.
دهب: ماشي.
ومشت من قدامه وانا حاسه أنه كان عاوز حاجه مني بص مرضاش يقول عليه نظراته عليا كانت غريبه اول مره اشوف النظرة دي في عيونه اتوترت منها ومش حبيت اقف كتير جريت علي اوض النوم وبعد شويه كنت قلعت الفستان ولبست عباءة وحطّت الطرحة، وطلعت لقيته هو مجهز الأكل وقاعد مستني.
مهند: ده كله يا دهب.
دهب: معلش، الفستان والطرحة خدوا وقت علشان أشلّهم.
لقيته بيبص ليّ وباين عليه مضايق. اتوترت: "خير؟ في حاجة؟ ليه باين عليك مضايق؟"
مهند: فعلاً، أضيقت لما لقيتك لابسة العباءة والطرحة قدامي. اقعدي يا دهب، تعالى ما تخفيش.
دهب قعدت: "هو أنا عملت حاجة زعلتك علشان كده مضايق؟"
مهند ردت بهدوء وانا بحاول ما خوفهاش مني: اسمعي يا دهب، إحنا لازم نتعود على بعض شوية. أنا عارف إني قلتلك إنّي مش هاغصبك على حاجة، بس مش لدرجة إنك تقعدي معايا زي أي واحد غريب. أنا بقيت جوزك، مافيش داعي إنك تقعدي بطرحة أو تلبسي العباءة وأنا موجود. وأنا مش هعمل أي حاجة تضايقك ولا هاغصبك على حاجة.
دهب: حسيت إنّه بجد زعل. فشلت الطرحة وحطّيتها جنبِي: "طيب، زي ما أنت عايز مش هالبس الطرحة تاني. بس أنا ماقدرش أقعد معاك غير بالعباية. اصبر شوية لحد ما آخد عليك.
مهند: معقولة يا دهب؟ بقالك شهر وزيادة عايشة في البيت ولسه مش واخدة عليّا؟
دهب اتوترت بس رديت باللي في قلبي: أنا بصراحة بخاف منك، وإنت عارف كنت بتكلمني إزاي وبتعامل معايا إزاي. علشان كده بخاف منك، وحتى إنت ما قلتش حاجة تخص الجواز علشان كنت خايفة منك علشان كده قولت موافقه حتى انت مش سألتني عن حاجه.
مهند: بجد زعلت. بس مش من كلامها زعلت من نفسي. أنا زرعت الخوف في قلب دهب بسبب غيرتي عليها بدل ما أزرع الأمان وأخليها تحبّني زي ما بحبها.
دهب: مالك ساكت ليه؟
مهند: أقول إيه يا دهب؟ أنا عارف إني كنت حاد شوية معاكي، بس أنا كنت بخاف وبغير عليّك. بس انتِ فهمتي خوفي وغَيرتي غلط.
دهب: ؟؟
مهند: سكتي ليه؟
دهب: أقول إيه؟
مهند: بس تعرفي، حلو كده إن كل واحد فينا فتح قلبه للتاني من أول يوم في حياتنا الجديدة. وإن شاء الله اللي جاي هيكون أحسن. بصّي يا دهب، إحنا هنتعرف على بعض واحدة واحدة من أول وجديد. هنكون صحاب وأخوات قبل ما نكون زوج وزوجة. إيه رأيك؟ ولو حصل أي حاجة معاكي تقوليها ليا، وأنا كمان. إيه رأيك؟ علشان ناخد على بعض أكتر.
دهب: طيب، حلوة الفكرة. هاتعوز شاي؟
مهند: لا، شكرًا.
دهب: أكلنا وشلنا الأكل أنا وهو، وغسلت الصحون وهو فضِل واقف معايا لحد ما خلصت. وفضلنا نتكلم، كل واحد اتكلم عن نفسه: بيحب إيه وبيكره إيه وإيه أكله المفضل… لحد ما خلصت غسيل الصحون. "خلاص خلصت."
مهند: خلصتي بسرعة يعني؟
دهب: ههههه، لا ولا بسرعة ولا حاجة، الصحون مش كتير.
مهند: طيب، هتنامي؟
دهب: مش عارفة… خوفت ليه واتوترت.
مهند: ههههه، مالِك! هو أنا هاكلك؟ أنا بس بسأل علشان أنا عايز أنام.
دهب: ماشي، يلا هنام. وأنا طالعة من المطبخ لقيته واقف قدامي.
مهند: مش هتخافي من النوم لوحدك؟ أنام معاكي؟
دهب: اتوترت وخوفت أكتر. "لا، مش بخاف."
مهند: احم احم… طيب، تصبحي على خير.
وطيت عليه بوستها وسبتها ودخلت اوضي علشان انام قبل ما تهور عليه بصراحه كسوفه ده بيجنني ببقي نفسي اخدها في حضني وخبيها من العالم كله.
دهب: حسيت إن وشي نار طالعة منه، وجسمي كله جاب ميه، وماقدرتش أرد عليه سبني وراح علشان ينام وقبل ما يدخل سمعته بيقولي.
مهند: مش هتقولي "وإنت من أهل الخير" ولا أجي أبوسك تاني؟
دهب: آه… لا قصدي… من التوتر! مش عارفة أنا بقول إيه. واتكسفت وبصيت على الأرض. "وإنت من أهل الخير."
مهند: بصيت له وفضلت أضحك على خجلها مني ودخلت وقفلت الباب بعد ما جريت من قدامي علي اوضتها "بين عليكي هتتعبيني معاكي يا دهب."
تاني يوم
دهب: صحيت من النوم وقومت صليت وجهّزت الفطار علشان لو حب يفطر هنا. ودخلت لاقيته لسه نايم، روحت أصحيه علشان آخد إذنه أنزل أجهز الفطار مع خالتي أم سعيد وأشوف هيفطر هنا ولا مع عمي الحاج.
دهب: مهند… مهند!
مهند بنوم: أيوه يا قلبي، في حاجة؟
دهب: كنت عايزه أشوفك هتفطر هنا ولا تحت، علشان أنا هنزل أجهز الفطار مع خالتي أم سعيد. لقيته ماسك إيدي جامد وهو بيزعق لي.
مهند: عايزه تنزلي دلوقتي؟! إنتي اتجننتي؟
دهب: خوفت منه… ليه فيها إيه؟
مهند: يا رب صبّرني! يا بت الناس افهمي بقى… أنا وإنتي لسه متجوزين إمبارح، وإنتي عايزه تنزلي النهارده؟ وامتى؟ الساعة 7 الصبح!
دهب: دموعي نزلت من عصبيته وزعيقه في وشي على الصبح، فكرني بخالي إسلام لما كان بيضربني أول ما يقوم من النوم.
مهند بزهق: مالك بتعيطي ليه دلوقتي؟! ولسه هيمسح دموعها.
دهب بخوف: خلاص، والله مش هنزل… بالله عليك ما تضربنيش زي خالي إسلام.
ومن خوفي حطيت إيدي على وشي علشان ما يضربنيش.
مهند: زعلت أوي من الحِتة دي وخدتها في حضني: "هششش، ما تخافيش يا دهب. أنا مش هضربك. أنا كنت بس همسحلك دموعك."
دهب: ضميته جامد وانا بعيط من كتر خوفي وصورة خالي اسلام وهو بيضربني مش قادره اشلها من بالي: "ما تزعقش ليا تاني بالله عليك، أنا بخاف من الصوت العالي. خالي إسلام كان على طول يضربني وكان على طول يزعق ليا زيك كده."
مهند: زعلت من نفسي جدًا. أنا بدل ما أحاول أعدل أسلوبي معاها بخليها تخاف مني أكتر. "آسف يا قلبي، مش هعلي صوتي تاني… أنا آسف." وفضِلت أهدي فيها لحد ما هديت.
دهب: هتفطر هنا ولا تحت مع عمي الحاج؟
مهند: لا، أنا هنزل أنا وإنتي نفطر تحت ونطلع تاني علشان أبويا ما يزعلش. بس إنتي ما تنزليش لوحدك، ماشي؟
دهب: ماشي، هقوم أجهزلك الحمام.
مهند: طيب.
دهب كنت هبعد عنه علشان اروح اجهز له الحمام، لقيته شدني جامد علي السرير وهو بيقولي.
مهند: رايح فين؟ من قبل ما أصبّح على القمر الأول؟
وماحستش علي نفسي غير وانا بقرب منها وقسمت اني لازم ادوق طعم شفايفها. كان طعمهم حلو أوي لدرجة ماكنتش قادر أبعد نفسي عنها. اتمنيت لو الوقت يقف لحد هنا.
دهب: ياخرابي! كنت هموت من كتر التوتر بس كان قلبي يطبل من كتر الفرحة. اتمنيت لو يفضل جمبي طول العمر وما يبعدش لحظة واحدة.
مهند بعدت عنها وانا مش قادر بس خوفت تزعل او تاخد فكره غلط: صباح الورد على أجمل وردة في الدنيا.
دهب: من كتر الكسوف ماقدرتش أحط عيني في عينه، وزقيته بعيد عني وطلعت أجري على برّه.
مهند: دهب! يا بتّ استني!
بس كانت المجنونة دخلت الأوضة التانية وقفلت الباب ورها، غيرت هدومي وصليّت الضحى ورجعت تاني له: "إيه يا دهب؟ مش هاتفتحي؟"
فضلت وقف مستني ترد بس ما ردتش. فتحت الباب مالقتهاش. معقولة نزلت؟ بس أنا فاهمتها ما تنزلش من غيري عصبيتي سيطرت عليا ونزلت وانا مش ناوي لها خير ازاي تعصي كلامي من اول يوم بشكل ده.
دهب: ماكنتش هانزل من غيره زي ما هو قالي، بس التليفون رن وكانت حماتي، وقالتلي انزلي لها على طول. وماقدرتش أقولها لأ، هي أصلاً مش طايقاني، فنزلت. دخلت أوضة حماي وحماتي وانا مبتسمة بحاول اخفف الجو شويه
دهب: صباح الخير يا خالتي سماح.
سماح: وها ييجي منين الخير إن شاء الله؟
دهب بصت لها وسكتت؛ ما ردتش.
سماح: اسمعي يا دهب، أنا وإنتي عارفين إن أنا مش قبلاكِ مرات ابن ليا، علشان كده مش هيبقى في حاجة بيني وبينك غير شغالة وستها فاهمني يا دهب؟ وبعدين، أنا مش ظالِمِك في حاجة. في الأول والآخر إحنا جِبناكِ من الشارع، صح ولا أنا غلطانة؟
دهب: دموعي نزلت؛ مع أني عارفة إنها بتقول الحقيقة بس الجرحتني. هي كانت على طول الست الطيبة والحنينة واللي عمرها ما جرحتني بكلمة. لقيت عمي الحاج دخل، ومسحت دموعي بسرعة.
الحاج محمد: ايه ده! العروسة عندنا أجمل صباح على أجمل عروسة في الدنيا، صباحية مباركة يا عروستنا.
دهب ضحكت لعمي محمد كأني مش سمعت حاجه علشان مش ياخد باله ويقول لها حاجة تزعلها: الله يبارك فيك ويكرمك يا رب العالمين.
مهند (بصوت عالي): دهب!
دهب (اتخضيت لما سمعت صوت مهند من وراي): استرها يا رب.
الحاج محمد: مالك يا مهند؟ طيب قول السلام عليكم حتى.
مهند (بصيت لها بغضب بس كان لازم اهدي واحترم وجود ابوي وأمي ومهما كان بقت مراتي واللى بيني وبينها يكون في شقتنا. رديت بهدوء): السلام عليكم يا حاج، أخبار صحتك إيه؟
الحاج محمد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، الحمد لله بخير يا بني، تعالى نفطر.
مهند: بالف هنا ليك يا حاج. انا ودهب فطرنا من بدري تعالى يا دهب، عايزك.
دهب ارتعبت من نظرته ومش قادرة انطق انا عارفه انه مش هيعديها بالساهل. لقيته ماسك إيديها وشدني جامد وخدني وطلعنا علي شقتنا واول ما دخلنا قفل الباب جامد ووقفني قدامه زي العيله الصغيره اللي ابوها بيعاقبها علي حاجه غلط عملتها وهو بيقولي بزعيق.
مهند (بصوتٍ عالي): أنا قلت لك إيه؟ مش فاهمتك. وعرفتك إنك ما تنزلِش من غيري. آه، من أولها تكسرِي كلامي يا دهب؟ ده أنا أكسِر راسِك قبل ما تعمليها!
دهب فضلت ساكته مش قادرة انطق لاقيته مسك دراعي جامد صرخت غصب عني من الوجع وانا بقول.
دهب: أيدي يامهند وجعني
مهند (من كتر عصبتي أتكيت عليه أقوى وانا بزعق له): إيدِك وجعاكي؟ أنا بقول إيه وانتي بتقولِي إيه؟ بس تستاهلي علشان تاني مرة ما تكسرِيش كلامي.
صرخة خرجت من فم دهب من غير استئذان من شدة الألم الجسدي والخوف. لم تعد تقدر أن تقف وانهار جسدها على الأرض، وصرخت متألّمة: "إيدي يا مهند بالله عليك، مش قادرة، دراعي محروق!"
مهند (بدهشة وخوف): إنتِ بتقولي إيه؟ وإيدِك محروقة من إيه؟
مهند نظرتي اتغيّرت أول ما شُفت الدم نازل من دراعها. مع إني كنت غضبان، بس حسّيت بخوف على حبيبة قلبي. قربت أشوف إيه اللي جرالها، لقيتها بتتراجع لورا خايفة مني. قلبي اتقبض… ومكنتش واخد بالي إن أسلوبي القاسي بيخوّفها مني أوي كده. قربت منها بالراحة، غصب عنها، ورفعت دراعها أشوف إيه اللي حصل، واتوسّعت عيني من الصدمة وأنا بقول:
"إيه اللي حرّقك بالشكل ده؟"
دهب بصيت له وأنا مذهولة… ومش عارفه هو بيحبني ولا بيكرهني؟ الكلام خرج من بُقّي متلخبط ومش عارفه انا بقول اي:
"إنت يهمّك إيه؟ وبعدين إنت مالك بتغيّر لونك زي الحرباية كده ليه؟"
مهند لما سمعت كلامها، الغضب عَمَاني. من غير ما أحس لقيت إيدي على وشها، وانا بقول لها بزعيق:
"إنتِ اتجننتي يا بت؟ إزّاي تكلّمي بالطريقة دي؟"
دهب جسمي اترمى على الأرض ودموعي سيبتها تنزل تغرق جسمي كله. حطيت إيديا على وشي من كتر الوجع. الصفعة كانت قاسية اوى … كلامي خرج مكسور وانا ببص له بوجع وعتاب:
"إنت زيّهم يا مهند… فكرتك مش زيّهم. فكرتك هتكون مصدر حنان، بس لأ… إنت زيّهم بتضربني وتهني فيا زيهم بالظبط."
مهند ساعتها، من شدّة الغضب والندم، حسّيت إني عايز أقطع الإيد اللي تمدّت على وِشّها… على جمالها.
قلت لها وأنا بضُمّها لصدري:
"أنا آسف يا دهب… مش قصدي. آسف يا حبيبتي، مش قصدي أزعلك والله."
دهب (ما حستش غير وجسمي بقي يرتعش وحاسه برعب منه مش بس خوف صرخت وانا ببعد عنها كأنه عفريت قدامي مش بني ادم وحطيت ايدي الاتنين علي وشي): "ابعد عني… ما تضربنيش تاني بالله عليك. والله مش هعمل حاجة تاني."
مهند بصيت لها وانا حقيقي مذهول مش مصدق درجة الخوف مني اللي وصلتها لها جيت اقرب منها احاول اصلح اللي هببته لقتها ارتعشت اكتر وبعدت عني اكتر وهي بتقولي: "لا... بالله عليك يا مهند ما تضربنيش. والله ما هاعمل كده تاني. هاعمل كل حاجة انت عايزها، ومش هكلمك ولا هتكلم مع حد تاني، بس بالله عليك ما تضربنيش... أنا بخاف، والله بخاف."
مهند مش حسيت بنفسي غير وانا بخطفها في حضني ودموعي نزلت غصب عني وفضلت ساكت مش قادر اقول حرف واحد لحد ما قدرت اسيطر.
دهب: ولما لقيته متألم من خوفي، حسّيت برغبة أهرب وأبقى حتة صغيرة في حضنه؛ لما همس وقال: "دهب، متخفيش مني" وحط إيده على وشي وقال "مش قادر أحتمل إنك بتخافي مني بشكل ده... والله العظيم مش قصدي اخوافك مني خالص"
قلبي اتلخبط. لما قرب مني وحسيت بشفيفه نزله علي رقبتي وباسني كذا مرة، مقدرتش أبعده مهما كان هو جوزي وحبيبي، ومهما حصل انا ما قدرش أكره ما قدرش ابعد عن حضنه اللي مهما كان قاسي هو اللي بيدفني هو اللي حساسني بالأمان حتى اكتر من حضن ستي اللي يرحمها.
في الدور السفلي من المنزل:
سماح: شايف يا حاج؟ ابنك ما استحملش مراته تقعد ولا حتى سال، قال "عمله إيه يا مي؟"
الحاج محمد: معلش يا سماح، ده لسه عريس. وعايز مراته. واتلاقي ماخدش باله. ما تزعليش نفسك على حاجات صغيرة زي دي.
سماح (بغضب): لا يا حاج، ابنك زعلان علشَان أنا مش راضيه بدهب. علشان كده هو مش عايزها تنزل وتقعد معانا. أنا غلطت في إيه؟ يعني إيه الحق عليّ إنّي عايزة أجبله بنت ناس محترمة ونكون عارفين أصلها وفصلها؟
الحاج محمد: استغفر الله العظيم واتوب إليه. مالها دهب يا سماح؟ البت طيبة ونعمة الأدب والاحترام. عاشت معنا شهر وزيادة وما شفنا منها حاجة غلط. ولا إنتِ عايزة وحده تتفشخري بيها وبأهلها قدام الناس؟
سماح (بزعل): بقى كده يا حاج انت شايفني عايزة أتفشخري قدام الناس"!
الحاج محمد: معلش يا حبيبتي، مش قصدي أزعلك والله. بس البت طيبة وغلبانة، والأهم إنها محترمة وتعرف ربنا.
سماح: يا حاج، انت نسيت أهل القرية اللي كانت عايشة فيها؟ بيقولوا عليها إيه؟ طيب هنعمل إيه لو حد عمل فيها حاجة بجد؟
الحاج محمد: (ينظر لها) ساعتها هيبقى في كلام تاني.
يدخل هاني وهو بيقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. متجمعين عند النبي صلى الله عليه وسلم.
سماح ومحمد: وعليكم السلام.
سماح: حمد لله على السلامة يا بني. ثواني والغدا هيبقى جاهز.
هاني (بتوتر): استني بس يا ست الكل. كنت عايز آخد رأيِك إنتِ والحاج في حاجة كده.
الحاج محمد: خير يا هاني يا بني؟
هاني (بتوتر): بصراحة يا حاج، أنا عايز أخطب. بقى مهند الحمد لله اتجوز اهو ومالكوش حجة.
سماح: ده يكون يوم الهنا يا بني… بس اصبر على ما ألاقي لك عروسة.
هاني: العروسة موجودة يا حجة ما تشليش هم، بس انتو قولوا ماشي.
الحاج محمد: ومين دي إن شاء الله؟
هاني: دي نور بنت عمي ابراهيم اللي بيشتغل في الوكالة اللي جنبنا يا حاج. بنت محترمة قوي.
الحاج محمد (بدهشة): وإنت عرفتها منين دي؟ أنا أول مرة أسمع إن عنده بنت اسمها نور.
سماح: آه؟ صحيح يا هاني، تعرفها منين؟
هاني (بتوتر): بصراحة، هي في الكلية اللي أنا فيها، بس لسه في أول سنة.
الحاج محمد: أهو كويس. قول كده.
سماح: خلاص طيب، أنت عايزها خلاص؟ إيه رأيك يا حاج؟
الحاج محمد: طيب ابنك محضر كل حاجة. أقول إيه؟ ربنا يتمم على خير.
هاني (بفرحة): بجد يا حاج؟ موافق؟ (يقوم ويحضن أمه ويقبّل إيد أبوه).
سماح: رايح فين يا هاني؟ مش هتتغدى؟
هاني: (يرد وهو يجرى على بره) لأ يا حجّة، كُلوا أنتم بالف هنا.
سماح: شوف عيالك يا حاج.
الحاج محمد (يضحك): ههههه ربنا يسعدهم يا سماح، عيالك كبروا!
سماح: يا رب. هتتغدى ولا انت كمان وراك حاجة؟
الحاج محمد (يغمز لها): هو أنا وراي حاجة غيرِك يا جميل؟
سماح (بضحكة): عيب عليك يا حاج! كبرنا على الكلام ده. هناخد زمانه وزماننا غيرنا.
الحاج محمد: عيب عليّك يا وليّة، ده أنا لسه في عز شبابي، بس إنتِ اللي عجزتي.
سماح: بقى كده أنا برضه اللي عجزت.
الحاج محمد: طيب اثبتي لي إنك لسه صغيرة.
(أنا رأيي نسيب الاتنين دول شوية، عيب) 😂
في شقة مهند:
مهند فجأة بعد عن دهب، وبغضب ماسكها جامد من دراعها وجاي ضربها على وشها...
(يتبع)
الفصل 7من حكاية بت الريف * بقلم صباح عبدالله فتحي
بسم الله الرحمن الرحيم
دهب: كنت عايشة حلم جميل قوي، بس زي أي حلم بينتهي بكابوس فجأة حسّيت بصوت القلم اللي وقع على وشي ومش فاهمة إيه السبب. قعدت وحطيت إيدي مكان القلم، لقيته ماسكني من شعري، ومن كتر الخوف ماقدرتش أفهم اللي بيحصل. بصوت عالي وبخوف: «حرام عليك، أنا عملت إيه؟ طيب ليه تضربني بالشكل ده؟»
مهند: كنت في منتهى الغضب، ماقدرتش أسيطر على نفسي، وفضلت أضرب فيها بدون أي رحمة.
وانا بقول بقساوة كأن اللي قدامي دي مش دهب حبيبتي: «إنتي مش بت! إنتي زي ما أهل القرية قالوا عليكي إنتي مش بت!»
وبعد عنها وانا في منتهي الغضب وعمال اشد على شعري علشآان اهدي وماقتلهاش.
دهب دموعي نزلت ونسيت الوجع من الصدمة وبصيت له بذهول وانا مش مصدقه اللي سمعته: انت بتقول اي ازي مش بت.
مهند مسكتها من شعرها.. وانا بقول بغضب وزعيق: انا برضو اللي هقولك ازي مش بت.
وكنت جبت اخرى ومش قادر اسيطر علي نفسي ولا على غضبي وفضلت اضربها على وشها.
دهب بوجع وعياط: مهند.. حرام عليك كفاية مش قادرة اها بالله عليك كفاية اهاااا.
فضل يضرب فيا من غير أي رحمة لحد ما غمّي عليا من كتر الضرب والخوف. مبقيتش حاسّة بحاجة.
مهند: حسيت إن جسمها تقل وما بقاش بيتحرك. قعدت جنبها خايف عليها ومن نفسي، أخذتها في حضني، وفضلت أعيط. دموعي نزلت من كتر الغضب والوجع اللي جوايا إزاي مراتي وحبيبة قلبي تطلع "مش بت"؟ آه، أنا كنت عارف الكلام اللي بيقولوه عنها، بس كنت فاكر أنه مجرد كلام وخلاص، وما تخيلتش إنه ممكن يكون حقيقة. قمت وشلتها بحزن وحطيتها على السرير، وقعدت جمبها وعيوني على وشها اللي من كتر ضربي مبقاش فيه حتة تثبت إن دي بشره إنسانة. قمت وجبت لها كريم وحطيتله وسبتها وطلعت.
دهب: حسيت بوجع جامد في وشي وشوّفت حلم ومهند بيضرب فيا أو افتكرت اللي حصل صحيت وانا بقول بصوت عالي: "لا بالله عليك ما تضربنيش! أنا ما عملتش حاجة آه!" بس لما فتحت عيني ما لقيتش حد غير انعكاس وشي في المرايا. فضلت أبص لنفسي بحزن وقهر، ضميت رجلي على صدري وفضلت أعيط لحد ما لقيته دخل. أول ما شافته ارتعبت، وجسمي كله بقى يرتعش من كتر الخوف.
مهند (بحزن): "ماتخفيش، مش هاعمل فيكي حاجة."
دهب: مسحت دموعي من علي وشي وإيدي كانت لسه بترتعش.
مهند: "أنا آسف يا دهب، بس أنا مش هقدر أكمل معاكي. آه، كنت عارف الكلام اللي بيتقال عنك، بس أخلاقك كانت بتثبت العكس. قوليلي مين عمل فيكي كده؟ بوعدك هاجيبلك حقك منه."
دهب (بدموع وقهر): "أنا والله ماعرف.. أنا والله من يوم ما عرفت يعني إيه حياة، ما سمحتش لحد يشوف شعري غيرك يا مهند. وأقسم بالله العظيم إنّي مش بكذّب عليك."
مهند: حسيت إن كلامها فيه صدق، بس أنا راجل في النهاية… "يا ريت أقدر أصدقك يا دهب. أنا آسف. احنا كل واحد لازم يروح في طريق. أنا مش هقدر أكمل معاكي."
دهب (بصدمة): قصدك إيه؟!
مهند (بدموع وهو بيحضن دهب): أنا آسف يا حبيبتي، بس أنا ماقدرش أكمل معاكي. حتى لو بحبك، إنتي طالق يا دهب.
دهب (في حالة من الزهول): معقولة؟! أطلقت؟ تاني يوم جوزي... حتى دموعي نشِفت، مابقاش في دموع بتنزل.
دهب: إنت بتقول إيه يا مهند؟! ده أنا لسه عروستك! لا بالله عليك، اعمل أي حاجة غير كده. طيب هاعمل إيه؟ أروح فين؟ أنا ماعرفش حد غيرك إنت وأهلك.
مهند قومت من حضنها وجبت لها عباية من الدولاب وانا بقول بحزن: البسي الهدوم دي يا دهب.
دهب (وعينيها على الهدوم): ليه؟ هنروح فين؟
مهند (من غير ما يبص لها): إجهزي واطلعي، وإنتي هتعرفي كل حاجة.
دهب: وسبني وطلع. من كتر القهر نفسي أعيط، بس حتى دموعي اتخلّت عني. لبست زي ما قاللي وطلعت.
مهند: خلاصتي؟
دهب: أيوه… بس هنروح فين؟
مهند مسكنب من إيدي ونزلنا من غير ما ترد عليا.
طلعنا من البيت وفتح باب العربية و قعدني، فضلت سكتها وببص له وانا مش عارفة هيودّيني فين. وبعد ساعة وقفنا العربية في مكان غريب. كان فاضي مش في غير مبني كبير في أخرى الشارع.
مهند: انزلي يا دهب.
دهب (بستغراب): انزل فين؟!
بصيت حواليها، ما فيش غير بيت كبير قوي قدامنا.
دهب: هو إحنا فين يا مهند؟
مهند خد نفس عميق.
«انزلي يا دهب. إنتي خلاص مبقاش ليكي مكان في قلبي ومش بقتي مراتي، مبقاش ليكي الحق تعيشي في بيتي. وده ملجأ لأي حد عايز يعيش فيه. روحي قدام الباب وخبطي، وأول حد تشوفيه قولي له إنك يتيمة وما لقيش حد، وهما هيخدوكي. وانزلي بقى علشان أنا والله قرفان منك.»
دهب (وأخيرًا دموعي رجعت ليا): غمّضت عيني وسبّت دموعي تنزل زي ما هي عايزة، وبصوت بيحارب علشان يطلع، قلت له وانا بتذلّله: «يا مهند، ممكن تِحنّ عليا؟ معقولة أهون عليك إنت كمان؟
بالله عليك ما تسبنيش يا مهند. والله أنا مظلومة، يا مهند. والله العظيم ما أعرف حاجة. بالله عليك ما ترميني في الشارع زي جدي وخالي. هاعيش معاك خادمة، بس ما تسبنيش. أنا بخاف لو وانا لوحدي، بالله ما تسبني.»
مهند: دموعي نزلت. أنا بحبها أيوه والله بحبها بس أنا مش قادر أكمل. بجد خايف عليها من نفسي، ومش قادر أقبلها دلوقتي. نزلت من العربية وفتحت الباب وطلعتها من العربيه، بس وأنا بطلع كنت حاسس إن قلبي طالع من جسمي. عارف إن هي مالهاش ذنب بس مش قادر اجي علي نفسي.
دهب بصتله بذهول وانا بقول: «هاترميني أنت كمان يا مهند؟ هاتتخلي عني وهاتسبني في الشارع؟»
مهند: «وإيه الجديد؟ إحنا أخدناكي من الشارع. روحي يا دهب، زي ما قولتلك.»
وركب العربية ومشي قبل ما أضعف قدمها، وانا بصرخ على آخر ما عندي: «ليه يا ربي زرعت الحب ده جوه قلبي؟ ليه هي؟ ليه قلبي الخاين حبها وما حبش غيرها؟»
دهب حسّت إن جسمها ما بقى يقدر يصمد أكتر من كده، فانهار تمامًا على الأرض القاسية — زي قلوب البشر. روحها كانت بتصرخ بأعلى صوت، لكن لسانها مابقدِرش ينطق. وأخيرًا حسّت إنها لسه عايشة، ورجعت زي المتحجّرة اللي اتخدعت بكلامه: «هو ده الحب؟ إزاي قدر يشوف الدموع المنهارة على وشي ومعملش حاجة؟» هو راح ومش هيرجع. فضلت زي ما كانت لوحدها.
دهب رحت قدام الباب وخبطت، وفتح ليّ راجل كبير في السن.
الراجل: «خير يا بنتي؟ عايزة حاجة؟»
دهب (بدموع): أنا يتيمة… واحد ابن حلال وصلني هنا.
الرجل: والله يا بنتي مش عارف أقولك إيه… بس الملجأ ده مبقاش بيقبل أكبر من تمن سنين.
دهب (بدموع): يعني إيه؟
الرجل: آسف يا بنتي… بس دي أوامر — ممنوع ندخل غير أطفال.
دهب (بدموع وقهر): طيب هاعمل إيه دلوقتي؟ هاروح فين؟
الرجل: الله يعينك… معليش يا بنتي، دي حال الدنيا الظلمة. خدي يا بنتي الكرشتين دول معاكي، ومين عارف يمكن ربنا يبعتلك حد ابن حلال يخدك ويعيشك.
دهب (تضحك بوجع وقهر): والله يا عمي، ابن حلال؟ تعرف حاجة؟ أنا أصلاً مبقيتش أصدق إن في حاجة اسمها بشر كلهم وحوش من غير قلب.
سبّتوها ومشت، ومبقيتش عارفة هاروح فين ولا هاعمل إيه. دموعي كانت واقفة جمبي. وصلت عند باب مسجد، دخلت، اتوضيت وصليت، وفضلت أشكي همّي للّٰه؛ ما بقى ليا غيره.
واحد: إنتِ مين يا بنتي؟
دهب: أنا دهب.
الرجل: عاشت اسمك يا دهب. بس بتعملي إيه هنا يا بنتي؟
دهب (بدموع): مش ده بيت ربنا برضه؟
الرجل: أيوه يا بنتي، ده بيت ربنا.
دهب: وربنا سبحان وتعالى مش بيرد حد من على بابه؟
الرجل: ونعمة بالله العلي العظيم يا بنتي. بس باين عليكي إنك بتعيطي كتير. إيه حكايتك يا بنتي؟
دهب: والله أنا مش عارفة إذا كانت حكاية ولا كابوس.
الرجل: معليش يا بنتي، ده حال الدنيا. ربنا سبحانه وتعالى بيختبر صبر وإيمان العباد بالهم والمِحنة. وربنا سبحانه وتعالى لو بيحب حد مش دايمًا بيكتبلُه الراحة في الدنيا، لأنه ممكن يكون شايله لِليّ أغلى وأحسن من الدنيا مليون مرة.
دهب: طيب أنا من يوم ما جيت للدنيا ما شُفتش ساعة حلوة.
الرجل: يا بنتي، قدرك عند ربنا كبير. قولي الحمد لله يا بنتي، وماتفتكريش إن تعب الدنيا كله شر. واوعي تفكري إن الراحة في الدنيا خير دائم — ربنا قال: "عسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم، وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شرّ لكم." اصبري يا بنتي وقولي الحمد لله، وما تخافيش. طول ما إنتِ بتقولِي "يا رب" ما تفكريش إنك لوحدك.
دهب: طيب إنت مين؟ باين عليك راجل طيِّب.
الرجل: قولّي "الحمد لله على كل حال" واصبري على اللي أصابك. ده كله خير، ما تخفيش منه.
دهب: طيب استنى... خدني معاك، أنا بخاف من اللي هنا دول، مش بشر. استنى يا راجل يا طيِّب.
الرجل: ارجعي يا دهب.
دهب فضلت ماشية ورا الراجل الطيِّب لحد ما وقعت وصرخت من الوجع: "آهاااا!"
واحدة جات قومتني وهي بتقول: "اسم الله عليكي يا بنتي."
دهب: "إنتي مين؟"
المرأة: "تعالي يا دهب يا حبيبتي، اقعدي هنا."
دهب: "إنتي ستي مش كده؟"
المرأة: "أيوه يا دهب، أنا ستك."
دهب (بدموع): "شوفتي يا ستي؟ حصل في إيه بعد ما مشيتي وسبتِني؟ ما بقى ليا حد يا ستي."
المرأة: "استغفر الله العظيم واتوب إليه. ليه بتقولي كده يا دهب؟ إنتِ معاكي اللي أحسن من كل البشر: ربنا. قولي يا رب يا بنتي، ومتخليش هموم الدنيا تنسيكي الكلمة دي. قوليها وفضّلي قوليها على طول."
دهب: "طيب انتي رايحه فين؟ سيبيني تاني!"
المرأة: "ما تنسيش يا دهب، قولي يا رب دايمًا يا حبيبتي، وخلي عندك ثقة إن اللي بيقول يا رب ما بيتكسرش ومش بيبقى لوحده."
دهب: "طيب استنى، ليه ماشية؟ وتسيني خدوني معاك، أنا ماليش حد هنا."
المرأة: "ارجعي يا دهب، إنتي ليكي ربنا وبيحبك. ارجعي يا بنتي وفضّلي قولي يا رب، هو الوحيد اللي مش هيسيبك ودايمًا هيبقى جنبك."
دهب: "طيب أنا عايزة أجي عندك، أنا تعبت من كل حاجة."
المرأة: "ما تخافيش يا دهب، هتيجي أيام أحسن إن شاء الرحمن."
دهب (بصوت عالي): "استنى يا ستي، ما تسبنّيش! خدّيني معاكي."
وفجاة سمعت صوت واحد: "يا بنتي يا بنتي، إنتِ مين وبتعملي إيه هنا؟ وإزاي نِمتي كده؟"
دهب كانت لسه في حالة من النعاس مش عارفة نِمت إمتى. لقيت نفسها قاعدة في الجامع، بتبص حواليها وبتدوّر على الراجل الطيِّب وستها، لكن ما لقيتش حد غير شيخ واقف قدامها.
الشيخ: "إنتِ مين يا بنتي؟ وإيه اللي نايمك هنا؟ ده مسجد يا بنتي، ومش بيدخل هنا غير الرجالة."
دهب: "طب الراجل الطيِّب وستّي فين؟"
الشيخ: "الراجل الطيِّب مين يا بنتي؟ وستّك مين؟"
وهنا فهمت دهب إنّها كانت بتحلم.
الشخص: يلا يا بنتي، عايز أقفل المسجد — وإنتِ قاعدة هنا من بعد ما صلينا المغرب وصلينا العشاء وإنتِ لسه قاعدة. وأنا لازم أقفل المسجد دلوقتي، الوقت اتأخر.
دهب: طيب… أنا هاروح فين؟ أنا ما بقى ليا مكان غير هنا. (ودموعها نزلت وانا بقول) دهب: هو ربنا مش هيسيبني في بيته؟
الشخص: إزاي يا بنتي ما لقيش مكان غير هنا؟ تعالى معايا واحكيلي حكايتك. بس أنا لازم أقفل المسجد دلوقتي، الوقت اتأخر.
في منزل محمد خطاب:
سماح (بستغراب): هي البت دهب مالها ياأم سعيد؟ من ساعة ما مهند خدها ما نزلتش.
أم سعيد: مش عارفة والله يا ست سماح… دول لسه عرسان سبيهم على راحتهم.
سماح: هو مهند مش هنا علشان كده بسألك.
أم سعيد: مش عارفة بقى يا ست سماح… أهو مهند وصل، اسأليه.
سماح: مهند! يا مهند!
مهند ماشي ومش حاسس بحاجة، ودموعه بتنزل وخلاص.. سماح تمسك إيد مهند: إيه يا ابني؟ مش أنادي عليك؟
ولما شافت دموعه: بسم الله الرحمن الرحيم — مالك يا ضنايا؟
مهند يحضن أمه: أنا تعبَان أوي يا مي.
سماح (تصرخ بخوف): الحقني يا حاج!
الحاج محمد: خير؟ مالك يا سماح؟
هاني: خير يا أمي؟
(يبصوا على مهند اللي قاعد على الأرض وهو بعيط)
الحاج محمد (بخوف): مالك يا مهند يا بني؟
هاني: خير؟ مالك يا مهند؟
مهند (من بين دموعه): أنا طلّقت دهب.
ويقوم ويمسح دموعه: أنا ودهب طلقنا.
الكل في حالة من الزهول يسمع الكلام، وفي صوت واحد: «طلّقت دهب؟ إزاي؟»
الحاج محمد بصدمه:
دهب مين اللي انت طلقتها يا مهند؟! انت اتجننت؟
مهند: أيوه، اتجننت… بس لما اتجوزتها.
سماح: استغفر الله العظيم يا رب… أدي اللي أنا كنت خايفة منه حصل.
هاني باستغراب: طلّق دهب ليه يا مهند؟
مهند بحزن: طلقتها بقا وخلاص… كل شيء نصيب.
ولسه هيمشي، يوقفه الحاج محمد وهو بيقول بصوت عالي:
استنى يا مهند! عندك! انت رايح فين؟ وفين دهب؟
مهند يبص على الكل والدموع في عينه:
يستحسن إنكم تنسوا إن كان في واحدة عايشة هنا اسمها دهب… أنا رجعتها مكان ما جبناها.
الحاج محمد بستغراب:
انت بتقول إيه يا مهند؟! فين البت؟ حرام عليك يا ابني… دي غلبانة ومكسورة الجناح! بقا كده يا مهند؟! هو ده الحب؟! هي دي الرجولة يا مهند؟!
مهند بحزن: ومافيش راجل يقبل حاجة مكان واحد تاني.
سماح بصدمة: قصدك إيه يا مهند؟
مهند بدموع: دهب… مش بت زي ما كنت مفكرها. طلع كلام أهل قريتها عليها مظبوط مية في المية… هي مش بت.
ويسيبهم ويمشي.
الكل في حالة من الصدمة والصمت، والهدوء التام مسيطر على المكان بالكامل. يقطع الصمت صوت الحاج محمد:
الحاج محمد بصدمة: دهب مش بت؟! إزاي؟! استنى يا مهند… طيب هي فين؟!
بس كان مهند اختفى من قدام الجميع.
سماح بدموع: شوفت يا محمد؟ أهو اللي أنا كنت خايفة منه طلع مظبوط.
هاني: حرام… ما نظلمهاش يا أمي. دي عاشت معانا، ما شفناش منها أي حاجة غلط. البنت كانت بتصلي وتعرف ربنا… أنا متأكد إن في حاجة غلط.
الحاج محمد: معاك حق يا هاني، بس أخوك ساب دهب فين؟! حرام… دي غلبانة ومالهاش حد غيرنا من بعد ربنا. تعالى يا هاني… نشوفها فين ونرجعها على البيت.
سماح: انت بتقول إيه يا حاج؟! دي ما بقاش ينفع تعيش هنا… انت عايز الناس تاكل في وشنا؟!
الحاج محمد وهو خارج من غير ما يبص على سماح مراته: وأنا عمري ما همّني كلام الناس ولا خفت منه علشان أسيب بنت مكسورة الجناح زي دهب لوحدها
يتبع…
الكاتبة: صباح عبدالله فتحي...
انا عاوزه تفاعل علشان اقدر استمر بجد عندي احباط
#الفصل الثامن من #حكاية بت الريف
#الكاتبة: صباح عبدالله فتحي
في المسجد عند دهب.. دهب بدموع:
طيب… هتوديني على فين؟
الراجل:
أنا مش هوديكي في حتة يا بنتي، بس انتي مالك؟ وليه قاعدة في المسجد كده؟
دهب:
ما بقاش عندي غيره أقعد فيه.
الرجل:
طيب، معلش يا بنتي… ماقدرش أسيبك قاعدة كده في المسجد، ما ينفعش.
دهب:
طيب… ماشي يا عمي، همشي.
تمسح دهب دموعها وتقوم علشان تمشي، يوقفها صوت الرجل وهو بيقول بشفقه علي حالها:
استني يا بنتي! هتروحي فين دلوقتي؟
دهب تبص له وهي بتمسح دموعها من على خدها
دهب:
والله ما عارفة.
الرجل بشفقة:
لا إله إلا الله… تعالي يا بنتي عندي في البيت.
دهب:
لا، شكراً… مش عايزة أكون حمل تقيل على حد.
الرجل:
ليه بتقولي كده يا بنتي؟! انتي زي بنتي.
دهب:
تسلم يا راجل يا طيب.
الرجل:
تعالي يا بنتي… بس أنا عندي مشوار صغير هروح أعمله وهرجعلك. بصي… استنيني على ما أرجع، بس مش في المسجد.
دهب:
طيب هستناك فين؟
الرجل:
تعالي يا بنتي… ده انتي باين عليكي من أولياء الله.
ياخد الرجل دهب ويطلعوا من المسجد. ييشاور لها على مكان الاستراحة في أول الطريق اللي واقفين فيه.
الرجل:
بصي… اقعدي في الأوضة اللي على أول الطريق دي، على ما أرجعلك. ومعلش يا بنتي مش ينفع آخدك معايا… أنا رايح أدي درس قرآن، واللي هناك كلهم شباب ورجالة.
والمسجد ده له ميعاد يتقفل فيه، علشان كده ماكنش ينفع أسيبك فيه… اعذريني يا بنتي.
دهب:
خلاص يا عم… هستناك زي ما قولت على ما ترجع.
وشكراً يا راجل يا طيب.
الرجل:
الشكر لله يا بنتي… معلش اتأخرت ولازم أمشي.
الرجل ساب دهب ومشي. راحت دهب زي ما قال لها الرجل الطيب، وقعدت في الأوضة بتفكر في اللي حصل لها، وإزاي الحلم الجميل بقى كابوس. سرحانة في تفكيرها وما حستش بالرجل الغريب اللي قرب منها وبصلها بنظرة مش كويسة.
الرجل الغريب:
هو القمر قاعد لوحده زعلان ليه كده؟ يا لهوي! مين الأهبل اللي سايب القمر ده في الشارع لحد نص الليل كده؟
دهب اتخضت جداً من نظراته، وقامت بسرعة علشان تمشي. الراجل وقف قدامها ومسك إيدها.
الرجل الغريب:
إيه يا قمر… ما تخافيش مني، أنا مش هعمل حاجة.
(بدأ يمد إيده عليها بطريقة مقرفة.)
الرجل الغريب:
إيه رأيك تيجي عندي البيت؟ أنا عايش لوحدي… وهننبسط مع بعض.
دهب (بخوف):
لا… أنا هامشي.
(الراجل مسك دهب جامد وقرب منها.)
الرجل الغريب:
هتروحي فين؟ تعالي بس… ما تخافيش.
دهب بدموع:
سبني في حالي بالله عليك… حرام عليك اللي بتعمله ده! سبني… ابعد عني الله يسترك.
(الراجل يتمادى ويحاول الاعتداء عليها. دهب تصرخ وهي بتقاوم بكل قوتها.)
دهب (بتصرخ):
يا لهوييي! الحقوني يا ناس! حد يلحقنييي! ابعد عني بالله عليك…
في عربية عابرة علي نفس الطريق … قاعدين شابين، واحد سايق (تامر) والتاني جنبه (عصام). فجأة يسمعوا صوت صريخ جاي من بعيد.
عصام (متوتر):
إيه ده؟! انت سامع اللي أنا سامعه؟
تامر:
إيه؟
عصام:
مش سامع؟ في صوت صويت… في حد بيصرخ!
(عصام يوقف العربية بسرعة وينزل منها، يركز في اتجاه الصوت.)
عصام (ينادي):
في حد هنااا؟
عند دهب…
(دهب بتصرخ بكل قوتها وهي بتحاول تبعد الراجل عنها.)
دهب (بصوت عالي):
ابعد عني! الحقوني! ابعد عني حرام عليك!
(دهب تسمع صوت الشباب اللي بيدوروا عليها.)
عصام (ينادي):
مين هنا؟! قوليلي انتي فين؟
دهب (بتصرخ):
الحقنييي!
(الراجل بسرعة يحط إيده على بوقها عشان يسكتها.)
عصام (يتمشى في المكان وهو قلقان):
في حد هنااا؟!
تامر (يتنرفز):
في إيه يا عصام؟ مالك؟ مافيش حد… يلا بقى، الوقت اتأخر.
عصام (مصرّ):
لا… أنا متأكد إني سمعت صوت بنت بتطلب المساعدة.
تامر (باستهزاء):
بنت إيه اللي هتكون هنا في الوقت ده؟! وبعدين إيه اللي يجيب بنت في حتة مقطوعة زي دي!
عصام:
مش عارف… بس قلبي مش مطمني.
(دهب شايفة عصام وتامر من بعيد، بس هم مش شايفنها. تبص لهم بعينيها كلها خوف.)
دهب (في نفسها):
لا… ما تمشوش! ساعدوني… بالله عليكم!
(تحاول تتحرر، وتعض إيد الراجل اللي حاططها على بوقها بكل قوتها. الراجل يصرخ من الألم ويبعد إيده.)
دهب (تصرخ بأعلى صوتها):
الحقونييي! بالله عليكم! ساعدوني!
عصام وتامر لسه ما وصلوش العربية، سمعوا صوت دهب.
الراجل (بغضب وخوف): يا بت الكلب!
وفجاة جاب حجر وراح ضرب دهب على دماغها بالحجر وسيبها وجري.
دهب (بصوت عالي): آهاااااا!
وبعدها ماحستش بحاجه وأخر حاجه شوفتها هي نفسي وانا غارقة في دمي، ومابقيتش شايفة حاجة غير شابين جايين بيجروا عليا… وبعد كده مابقيتش شايفة ولا حاسة بحاجة.
-----
في منزل عيلة مهند.
مهند: دخلت الشقة بتاعتي أنا ودهب، وفضلت أعيط كل ما أفكر إنها خلاص مش موجودة. دخلت الأوضة اللي كانت بتنام فيها وفضلت أكسر في كل حاجة من كتر الوجع والألم اللي جوايا لحد ما تعبت ووقعت وقعدت على الأرض وسندت ضهري على طرف السرير. دموعي نزلت من غير رحمة وكل ما أفتكر ضربي لها أكره نفسي أكتر. وفجأة سمعت صوت خبط على الباب.
هاني: مهند، انت كويس؟
سماح: مهند! افتح الباب، الصوت ده قلقني ـ افتح يا بني، ما توجعنيش أكتر من كده.
هاني (بخوف): افتح يا مهند، لا هاكسر الباب.
مهند قام، غسل وشه وراح وفتح الباب.
مهند (مستغرب): هتكسر الباب ليه؟ ادخل.
سماح: مالك يا ضنايا؟
مهند (بهدوء رغم اللي جواه): مالي يا أمي؟ أنا واقف قدامك كويس.
سماح: يا حبيبي ما تزعلش نفسك. لو طلقت واحدة هاتجي لك ألف واحدة، ولا تزعل نفسك.
مهند (بزعيق): يووه بقى! لو سمحتوا سبوني لوحدي دلوقتي.
سماح: يعني كده يا مهند؟ ده ماكنش العشم يا ابني… مش عايزة أمشي وأبقى معاكي؟
هاني بُص له وفهم حالته إن هو فعلاً محتاج يفضّل لوحد هو راجل وشاب كمان، وكان أكتر واحد فاهم وجع مهند في الوقت ده.
هاني: خلاص يا أمي، تعالى ننزل. أحسن حاجة نسيبوا شوية لحد ما يهدي.
سماح: ماشي يا مهند، هاسيبك لوحدك زي ما انت عايز.
مهند وطي وحب على دماغ أمه: معلش يا أمي، حقك عليا بس والله تعبان وزهقان قوي دلوقتي. ما تزعلش مني.
سماح: أنا مش زعلانة منك يا مهند، بالعكس قلبي وجعني عليك يا ضنايا.
-----
في المستشفى
عصام دخل المستشفى وهو شايل دهب ومعاه تامر صاحبه.
عصام (بصوت عالي): هاتوا لي دكتور بسرعة!
دكتور يجي جري عليهن: خير يا فندم، أقدر أساعدك في إيه؟
عصام: البنت دي لقيناها علي الطريق واحنا راجعين.
الدكتور يكشف عليها: باين كده إن حد ضربها على دماغها.
عصام: طيب خدها وعالجها دلوقتي يا دكتور، وانا هادفع مصاريف المستشفى وهعمل كل الإجراءات أهم حاجة تشوف البنت وتعالجها بسرعة.
الدكتور: تمام.
الممرضين ييجوا ياخدوا دهب. جت اتنين من الممرضين وأخدوا دهب والدكتور بدأ يكشف عليها.
تامر (بيهدي عصام): هدي شويّة يا عصام، انت خايف ليه كده؟
عصام (بتوتر): مش عارف… قلبي موجوع عليها، حاسس إني أعرفها.
تامر (بستغراب): إنت تعرفها منين؟
عصام: مش وقت غبائك ده يا تامر.
بعد شوية الدكتور خرج يتكلّم معاهم.
عصام (بقلق): خير يا دكتور، الحالة عاملة إيه؟
الدكتور: أنا آسف… لكن دي تعرضت لحالة اغتصاب وده كان واضح علي جسمها ولازم نعمل محضر الأول.
عصام وتامر (بصدمة): اغتصاب؟ إزاي؟
الدكتور: العلامات اللي على وشها وجسمها بتثبت إنها اتعرضت لحالة اغتصاب أو حد حاول يعتدي عليها جنسياً.
تامر: طيب والبنت عاملة إيه دلوقتي؟
الدكتور: أنا آسف، الإصابة نفسها مش خطيرة جدًا، بس البنت بتعاني حالة اكتئاب شديدة وده خلّاها تهرب من الواقع. هي دلوقتي في حالة أنهيار عصبي وده مع الأصابه ممكن يخليها تدخل في غيبوبة. أنا ما أقدرش أحكم على الحالة غير بعد 24 ساعة، لكن لازم نعمل محضر فورًا.
عصام (بحزن): لا حول ولاقوة إلا بالله… يا رب. البنت باينة عليها البهدلة. طيب يا دكتور هنعمل المحضر بس طمني عليها الأول.
الدكتور: تمام، بس أنا مش هقدر أقول حاجة أكتر غير بعد 24 ساعة زي ما قلت. المحضر ضروري علشان أتابع الحالة قانونيًا وعلاجياً، وأتمنى تتفهموا موقفي.
تامر: خلاص تمام يا دكتور. أنا هروح أعمل المحضر زي ما حضرتك عايز. أهم حاجة البنت تقوم بالسلامة من غير ما تدخل في غيبوبة زي ما حضرتك قلت.
الدكتور: والله دي حاجة في إيد ربنا وحده، وأنا ما أقدرش أضمن ولا أقول إيه اللي هيحصل.
عصام وتامر (معًا): ونعم بالله يا دكتور.
بعد 12 ساعة… عصام واقف قدام الأوضة اللي فيها دهب. تامر يقرب منه وهو بيقول.
تامر: السلام عليكم… البنت فاقت ولا لسه يا عصام؟
عصام: لا، لسه. هو إنت عملت المحضر ولا إيه؟
تامر: أيوه، عملت المحضر وكل حاجة تمام. بس مستنيين لما البنت تفوق الأول علشان تحكي اللي حصل معاها.
عصام: الدكتور قال إنها مش هتفوق غير بعد 24 ساعة. دلوقتي عدّى أكتر من 12 ساعة.
تامر: ربنا يسترها وما تدخلش في غيبوبة زي ما الدكتور قال.
عصام: يا رب.
في أوضة دهب
دهب فتحت عيوني وانا حاسة إن راسي هتتشل من كتر الوجع. مش كنت شايفه حاجه فضلت أفتح وغمض وبرضة مش شايفة غير ضلمة. خوفت وقلبي انقبض كان الدنيا كلها حولي ضلمة زي اللي ادفنت في قبر حي. صرخت بأعلي صوت وانا بفرق في عيوني ومش فاهمه هم حصل لهم اي
دهب (بصوت عالي): ليه طافيين النور؟! في حد هنا؟ أنا بخاف من الضلمة!
وفجأة سمعت صوت حد جنبي بس مش قادرة أعرف مين.
عصام وتامر دخلوا الأوضة على صوتها العالي.
عصام (بيهديها): إهدي يا آنسة…
دهب (بدموع): هو ليه انتم طافيين النور كده؟
عصام وتامر بصّوا لبعض باستغراب.
تامر: نور إيه اللي مطفي؟
تامر مدّ إيده قدام وشها.
تامر: انتي شايفة إيدي؟
دهب (بدموع وخوف): هي فين إيديك؟! أنا مش شايفة حاجة… كله ضلمة… بالله عليكم شغّلوا النور، أنا خايفة!
عصام بصّ لها بحزن:
عصام: يا آنسة… النور شغال.
دهب (بصدمة): إزاي؟! أمل… أنا مش شايفة حاجة… ليه؟!
تامر وعصام بصّوا لبعض بحزن، وماحدش فيهم عارف يرد.
تامر: أنا هروح أبلّغ الدكتور… وأقول للظابط هشام إن البنت فاقت.
عصام واقف عينيه معلّقة على دهب، وهو بيقول
عصام (بصوت واطي): ماشي.
دهب (بصوت ضعيف): هو أنا فين؟
عصام (بحزن): إنتي في المستشفى يا آنسة.
دهب: هو إيه اللي حصل؟ أنا آخر حاجة فاكرها… كان في واحد… بيحاول…
(دموعي نزلت ومقدرتش أكمل من كتر الوجع).
عصام (بيهديها): إهدي يا آنسة… وقولي الحمد لله. "ولا يصيبنا إلا ما كتب الله لنا". الحمد لله على كل حال.
(يدخل تامر ومعاه الدكتور والظابط هشام).
الثلاثة بصوت واحد: السلام عليكم.
دهب وعصام مع بعض: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الدكتور: عاملة إيه يا آنسة؟ حاسة بإيه؟ أنا عايزك تقوليلي بالظبط إنتي حاسة بإيه دلوقتي.
دهب (بدموع): أنا… مش شايفة أي حاجة… وحاسة بوجع جامد في دماغي.
(الدكتور يمد إيده قدام عينيها).
الدكتور: طيب… شايفة إيدي فين؟
دهب (بدموع): لأ… مش شايفاها.
الدكتور (بحزن): أنا آسف يا آنسة… إنتي فقدتي نظرك.
دهب (بصدمة ودموع): يعني… أنا اتعميت؟!
الدكتور: آسف يا آنسة… بس إن شاء الله هنعمللك إشاعات. وممكن يكون في عملية ترجعي تشوفي زي الأول وأحسن كمان. اصبري وقولي: يا رب.
دهب (ببكاء): هو أنا بقى لي غير ربنا؟ يا رب… يا رب يا حبيبي… أنا ما بقاش ليا غيرك.
الضابط هشام: ألف سلامة عليكِ يا آنسة.
دهب: الله يسلمك… بس مين؟
(هشام يسحب كرسي ويقعد جنب سريرها).
هشام: أنا الضابط هشام… ماسك القضية بتاعت حضرتك.
دهب (مستغربة): قضية إيه؟
هشام: معانا بلاغ إن حضرتك اتعرّضتي للاغتصاب.
دهب (مصدومة): اغتصاب؟! إيه اللي إنت بتقوله ده؟! هو فعلاً في واحد… الله يسامحه… حاول يضايقني… بس ماقربش مني! ولحقني الجدع ده (تبص ناحيه عصام) … مش عارفة هو ولا مين…
هشام: أيوه… هما اللي ساعدوكي. بس يا آنسة… لو اللي حاول يتهجم عليكي ماقربش منك… إيه سبب العلامات دي كلها على وشك وجسمك؟
دهب (من القهر والحزن): … (ساكتة ومش قادرة ترد).
هشام (بهداوة): لو سمحتي يا آنسة… لازم تتعاوني معانا علشان نقدر نساعدك.
عصام (بحزم): خلاص يا هشام… اصبر عليها شوية.
(هشام يبص لدهب بحزن، ويمد لها منديل).
هشام (برفق): اتفضلي يا آنسة… ولو سمحتي إهدي وقوليلي إيه اللي حصل. أنا بوعدك… كأخ قبل ما أكون ضابط… مش هسيبك غير لما أجيبلك حقك.
دهب (بدموع): أنا… أنا متجوزة… وحصلت مشكلة بيني وبين جوزي… وهو… هو اللي عمل فيا كده.
(الكل يبص لها يتصدم من كلامها).
الجميع بصوت واحد تقريبًا: حضرتك متجوزة؟!
عصام (بانفعال): ومين جوزك المتخلف… واي السبب اللي يخلي يمد إيده عليكي بالشكل الفظيع ده؟!
🔻 يتبع…
يا ترى إيه هو مصير دهب بعد اللي حصل لها؟
ويا ترى مين هما عصام وتامر؟
هل هما مجرد ضيوف في الحكاية… ولا ليهم دور أكبر وأخطر في الرواية؟
عاوزه تفاعل حلو علشان نكمل الاحداث الجايه نار وهتعجبكم اوى.
الفصل 9 - من حكاية بت الريف
✍️ الكاتبة: صباح عبدالله فتحي
دهب بدموع: هو كان جوزي... بس خلاص، هو طلقني ورماني في الشارع زي ما جدي وخالي رموني قبل كده.
هشام: طيب اهدي، واحكيلي إيه اللي حصل؟ ومين أهلك؟ وليه كانت واحدة زيك في مكان زي ده لوحده؟
دهب بدموع: أنا أبويا وأمي اتفصلوا من وأنا عندي سنة، أبويا رماني في الشارع، وأمي كمان سابتني... ورباني جدي وستّي أهل أمي.
(وحكيت لهم على كل حاجة حصلت معايا، ودموعي في عيني من كتر القهر... حتى نور عيني مشي وسابني، لحد ما وصلت بيت مهند بدموع أكتر).
دهب: بس هو كمان رماني وتخلى عني... بسبب حاجة أنا والله ما أعرف إيه اللي حصل ولا سببها إيه.
(فضلت أعيط وأصرخ من كتر القهر والحزن والوجع اللي في قلبي. صوتي كان عالي لدرجة إن جدران المستشفى بقت تصرخ معايا).
(هشام وعصام وتامر وحتى الدكتور كلهم كانوا في حالة من الحزن على حال البنت المسكينة دي).
عصام: طيب اهدي شوية، علشان الجرح بيزيد نزيف من كتر العياط.
الدكتور: لو سمحتوا اتفضلوا بره، علشان أشوف شغلي وأعالج النزيف.
(عصام وهشام وتامر خرجوا زي ما الدكتور طلب).
هشام: هو انتوا لاقيتوا البنت دي فين؟
عصام: إحنا كنا رايحين نبارك لوحد صاحبنا لمّا عرفنا إنه اتجوز جديد. وفجأة سمعنا صوت واحدة بتصرخ... ولما وصلنا مكان الصوت لقيناها نايمة وغرقانة في دمها. بس ما قدرناش نمسك اللي كان معاها، لأنه جري وخاف... وما نعرفش إيه اللي حصل بالظبط.
تامر: اللي أنا مش قادر أستوعبه... إزاي واحد يقدر يضرب مراته بالشكل الفظيع ده!؟ وإيه السبب اللي يخليه يبهدلها بالطريقة دي؟
هشام: الله أعلم... البيوت أسرار. بس البنت دي مش بتشوف.
عصام: لأ... دي باين عليها كانت بتشوف قبل كده.
(يخرج الدكتور من أوضة دهب).
الدكتور: أنا اديتها مهدّئ، وغيرت لها على الجرح، وهي نايمة دلوقتي. ولما مفعول المهدّئ يروح هتصحى إن شاء الله.
هشام: لو سمحت يا دكتور... هي عمياء من قبل اللي حصل لها؟ ولا إيه السبب؟
الدكتور بحزن:
أنا والله مش عارف أقول إيه لحضرتك، دي مش اختصاصي، دي عايزة دكتور نظر وهو هايفهم حضرتك أكتر. بس حسب خبرتي، هي كانت بتعاني من حالة اكتئاب وحزن، وكانت بتبكي كتير، وبيبان من عنيها إن عندها التهابات، بس مش في عينيها، ده في النني ذاته. وممكن جدًا يكون ده السبب، وممكن كمان بسبب الخبطة اللي خدتها على دماغها. أنا في رأيي تشوفوا دكتور رمد كويس، وهو اللي هايحدد حالتها.
عصام:
طيب، إنت تعرف دكتور رمد كويس؟ أنا هاتكفل بكل المصاريف، وحتى لو في عملية، مستعد أتكلف بكل حاجة. أهم حاجة إنها تكون كويسة.
الدكتور باستغراب:
هو حضرتك تعرفها؟
عصام:
لأ، أنا معرفهاش، بس حاسس إني شايفها قبل كده، بس مش فاكر فين.
الدكتور:
تمام، أنا أعرف دكتور رمد كويس، هو كان مسافر أمريكا ولسه راجع منها. لو تحبوا، أنا مستعد أكلمه وتتفقوا معاه على كل حاجة.
عصام:
تمام يا دكتور، يا ريت تتكلموا في أسرع وقت، وأنا مستعد أتحمل كل التكاليف. من جنيه لألف، أنا معاكم.
الدكتور:
تمام، أنا هاكلمه وأشوف، بعد إذنكم.
تامر:
أنا في رأيي نروح نبارك لمهند على ما البنت تفوق من المهدئ يا عصام.
عصام يبص على دهب:
ياترى إنتي مين؟ وليه قلبي متعلق بيكي وأنا حتى أول مرة أشوفك؟
تامر:
عصام... عصام! (ويهزه)
عصام:
ها؟ خير؟
تامر:
مالك يا بني؟ بقالي ساعة بنادي عليك.
عصام:
معلش يا تامر ماخدتش بالي. قول تاني، إنت كنت بتقول إيه؟
تامر باستغراب من حال رفيقه عمره:
أنا كنت بقول نروح نبارك لمهند قبل ما البنت تفوق، ونرجع له تاني علشان نشوف الدكتور هايقول إيه.
عصام:
تمام، يلا بينا.
تامر:
هتيجي معانا يا هشام؟
هشام:
طيب، حتى أنا أول مرة أعرف إن مهند اتجوز، ماعرفش حد يعني.
تامر:
حتى ماقاليش! ده إحنا كنا نازلين شغل، وعرفني بالصدفة إنه اتجوز، فقلنا نبارك له بالمرة قبل ما نرجع اسكندرية.
عصام:
أنا مش راجع غير لما أطمن على البنت دي وأعرف مين جوزها اللي عمل فيها كده، وأجيب لها حقها الأول. دي غلبانة وما لهاش حد.
تامر وهشام باستغراب:
غريبة والله، إنت مهتم قوي كده بالبنت دي ليه يا عصام؟
هشام بمشاكسة:
بصراحة، هي بنت حلوة وزي القمر. (يضحك) بس دي بتقول إنها متجوزة، عيب عليك.
عصام يبص له:
تعرف إن دمك تقيل؟
هشام:
ده عسل زيك بالظبط يا عصومة.
عصام بقرف:
"عصومة"! طلعة زبالة زيك.
هشام:
ده من ذوقك يا ريس. بس قولي، البت بتقول إنها مالهاش حد. وأكيد مش هتفضل في المستشفى.
تامر وعصام يبصوا لبعض.
تامر:
فعلاً... هنعمل إيه؟
عصام:
هناخدها معانا لو هاتوفق، وكمان نتابع حالتها في، أحسن من هنا.
هشام: والله أنا نفسي أعرف إيه اللي بينك وبين البت دي يا عصام؟! لو كانت أختك مش كنت هتعمل اللي انت بتعمله ده.
عصام: طيّب يلا يا خوي، خلينا نشوف إحنا رايحين فين.
❈-❈-❈
في بيت مهند
(الحاج محمد راجع البيت)
هاني: إيه يا حاج؟ عرفت حاجة عن دهب؟
الحاج محمد (وعينيه على مهند القاعد على الكنبة): ما هو لو أخوك يقول هو سبها فين هنلاقيها.
مهند ببرود: أحسن حاجة إنك تنساها يا حاج.
الحاج محمد: إنت اي ياخي قلبك أسود قوي كده من امتي يا مهند. طيب إنت هاتنساه؟ دي دهب اللي كنت مستعد تحارب العالم عشانها فين الغيرة؟ فين الرجولة؟ إزاي تسيب بنت زي دهب في الشارع وكمان مراته!
مهند بغضب: أنا طلّقت دهب خلاص، ما بقتش مراتي. ما يشرّفنيش يكون واحدة زيها على ذمتي.
(الحاج محمد يضربه بالقلم بغضب)
الحاج محمد: ده أنا اللي ما يشرّفنيش إن يبقى عندي ابن زيك أناني، مش بيفكر غير في نفسه! ما فكرتش يا محترم إيه اللي هيحصل في الغلبانة دي؟ ما فكرتش إن دي ممكن تكون مظلومة وإن حصل منها حاجة خليتها مش بنت؟ ما فكرتش إن ممكن حد يستغل طيبة دهب ويضحك عليها؟ ما فكرتش ممكن يحصل للبنت دي وهي لوحدها في الشارع وحتى مش بتعرف تقرأ اسمها؟ لا يا مهند، كنت فاكرّك راجل ويعتمد عليك بجد، بس انت بالحركة دي أثبتلي إنك لسه عيل وعايز تتعلم من أول وجديد.
سماح بعصبية: إيه الكلام ده يا محمد؟ مهند راجل طول عمره وهو سيد الرجالة، وانت كنت عايز واحد يبقى مع بنت وهو مش عارف أصلاً من فصّل؟ وكمان البنت طلعت "مش بت" - عيب عليك! هو مش غلطان في اللي عمله.
الحاج محمد (بص لِسماح): انتِ تغيّرِت قوي يا سماح. يا إما طول عمرك قلبك حجر. أنا اللي ما عرفتش طبعك ده كويس، ما فكرتش تسألي البنت دي إيه اللي حصل لها قبل كده؟ ما فكرتيش إنها بنت وست زيك؟ محستيش بيها ولا باللي هي فيه! ما فكرتش إيه اللي ممكن يحصل اي لو واحدة زيها في الشارع؟ لا يا سماح، انتِ غلطانة. وكل اللي فكرتيه إنها "مش بت" - لأول مرة أفهم ليه ربنا ما رزقناش ببنت علشان إنتِ ما تستحقيش. قلبك حجر.
مهند بيحاول يبرر: أنا ما غلطتش في حاجة. لو كان أي حد غيري كان عمل أكتر من كده ممكن كان قتلها لكن أنا ما عملتش كده.
الحاج محمد بغضب شديد: ليه؟! إنت كنت ناوي تقتلها؟ يا ريتك كنت قتلتها وريحتها من العذاب اللي هي فيه! واحدة زي دهب الدنيا ما تستاهلش تعيش فيها. يا خسارة تربيتي فيك يا مهند.
(الحاج محمد يسيبهم ويمشي.)
سماح: استغفر الله العظيم... معلش يا ضنايا، أكيد أبوك مش قصده حاجة، متزعلش نفسك. واحنا عارفين هو كان بيحب دهب قد إيه.
(الباب بيخبط)
سماح: شوفي مين يا أم سعيد.
أم سعيد: حاضر جايه... (وتفتح الباب).
مهند (مستغرب): عصام؟؟
مهند: عصام! تامر! تعالوا اتفضلوا... واقفين برّه ليه؟ اي المفاجأة الحلوه دى وحشني والله.
تامر وعصام يدخلوا ومهند يروح ويسلم عليهم
تامر: مهند حبيبي! عامل إيه يا صاحبي؟ وحشتني والله... (ويسلموا على بعض).
مهند: عصام، أخبارك إيه؟
عصام: الحمد لله... بس أنا زعلان منك، إزاي تتجوز من غير ما تعرفنا؟ كنت قلت يا أخي إنك هتتجوز، كنا جينا نباركلك على الأجل.
مهند (بحزن): تعالوا ادخلوا.
تامر (بمزاح): إيه يا مهند؟ ده منظر عريس؟ هي عروستك مش حلوة ولا إيه؟
مهند: ادخل يا تامر.
(عصام يبص لمهند ويدخل هو وتامر)
سماح: يا مرحب يا بني... اتفضلوا.
تامر وعصام: يا مرحب بيكي يا خالتي.
تامر: أخبار صحتك إيه يامي؟
سماح: الحمد لله والله يا بني. انتوا عاملين إيه؟ وإيه الغيبة دي كلها؟! ده أنتم التلاتة ماكنتش تسيبوا بعض لحظة، هان عليكم مهند؟
عصام: لا والله يا خالتي، بس إحنا بنشتغل في أسكندرية دلوقتي، وعشان كده ما بنعرفش نزوركم. إحنا كنا نازلين هنا بالصدفة، ولما عرفنا إنه اتجوز جينا نباركله.
سماح (بحزن وبصّة على مهند): الله يبارك فيكم يا ابني... تشربوا إيه؟
عصام وتامر بصوت واحد: لا شكراً، إحنا شويه كده وماشيين.
سماح: لا إزاي! ده إحنا إن شاء الله هنتغدى سوا.
عصام: معلش يا خالتي مرّة تانية... (ويبص على مهند) إيه يا مهند، مالك؟ هو إحنا جينا في وقت غير مناسب ولا إيه؟
مهند (يحط إيده على كتف عصام): لا والله يا صاحبي، أنتم تشرفوا في أي وقت.
تامر: مالك يا مهند؟ حاسس إن فيك حاجة... إنت كويس؟
مهند: إيه رأيكم نطلع نقعد في الجنينة أحسن؟
تامر وعصام: زي ما انت عايز... يلا.
(ويطلعوا على الجنينة)
❈-❈-❈
تامر باستغراب: مالك يا مهند؟ مش على بعضك كده ليه؟
مهند (بحزن): أنا طلّقت مراتي.
(تامر وعصام يتصدموا مع بعض)
تامر وعصام: إنت بتقول إيه؟؟
مهند (بحزن): أيوه والله... زي ما بقولكم كده، أنا طلّقت مراتي.
عصام: لا حول ولا قوة لا بالله ليه كده يا ابني؟! ده إنت لسه ما كملتش 3 أيام متجوز! مش حرام عليك؟ ما فكرتش إيه اللي هيحصل في مراتك؟ ولا الناس هتقول عليها إيه؟ ولا يفكروا فيها إزاي؟
مهند (بحزن): أنا أصلاً ما كانش لازم أتجوزها من الأول... ولا كان لازم أفكر في الجواز منها. كنت عارف كل حاجة، بس قلت يمكن تكون مظلومة... بس ما طلعتش مظلومة.
عصام وتامر (باستغراب): قصدك إيه؟ مش فاهمين.
مهند وتامر وعصام أصحاب من زمان... قريبين جدًا من بعض.
مهند (بحزن): أنا هاحكيلكم على كل حاجة حصلت معايا من أول ما شفتها... وانتوا احكموا: أنا على حق ولا ظلمتها أنا كمان؟
(ويبدأ يحكيلهم على كل اللي حصل بينه وبين دهب).
تامر (بصدمة): يعني إنت اتجوزتها وانت عارف إنها ممكن ما تكونش بنت؟ طب ليه يا ابني عملت في نفسك كده؟
مهند (بحزن): حبيتها قوي يا تامر... حبيتها من كل قلبي. أخلاقها كانت دايمًا بتثبتلي إنها مظلومة.
(عصام يبص على مهند، وفجأة يسرح ويفتكر حاجة حصلت معه وهو صغير).
❈-❈-❈
مشهد فلاش باك
(عصام طفل عمره حوالي 15 سنة، ومعاه طفلة عمرها 7 سنين).
الطفلة (مرعوبة): أهي... أهي... أهي...
الطفل: مالك؟ بتعيطي ليه؟ اصبري بس... اللعبة حلوة.
الطفلة: لا... مش حلوة! إنت وجعتني... (تئن بوجع).
الطفل (مرعوب): إيه ده! الدم ده منين؟ أنا ما عوّرتكيش بحاجة... أنا بس بلعب معاكي. أنا شوفت كده في التلفزيون... اللعبة حلوة!
❈-❈-❈
(عصام يرجع للواقع، يمسح دموعه).
عصام (بوجع): يا ريت أقدر ألاقيكي تاني... أنا أوعدك إني هصلّح كل حاجة. أنا كنت طفل... لسه مش فاهم حاجة. آه لو تعرفي أنا قد إيه ضميري بيعذبني... حتى رفضت الجواز لحد دلوقتي، علشان أصلّح الغلط اللي عملته، وأنا مش عارف إيه العواقب اللي هتحصلك دي سببتها.
تامر: عصام!... يا عصام!
عصام (يفوق): إيه؟
تامر: مالك؟ سرحت في إيه؟
مهند: خير يا عصام... فيك حاجة؟
عصام: لا... بس افتكرت موضوع قديم كده.
مهند: آها... انسَ يا عصام. إنت كنت طفل وكنت مش فاهم حاجة.
عصام (بحزن): ضميري بيعذبني قوي من ناحيتها... كل اللي بتمناه من ربنا إنه يوقعها في طريقي. وأنا والله... مستعد أتجوزها وأصلّح كل حاجة. بس عمي الله يرحمه... هو اللي طلعها من البيت ورماها، وأنا ما عرفتش هو ودّاها فين. أنا سبب عذابها... ليّا عشر سنين بدوّر عليها ومش قادر ألاقيها.
(فجأة التلفون يرن).
عصام (يرد بسرعة): السلام عليكم... خير يا دكتور؟
الدكتور: البت اختفت من المستشفى ومش عارف راحت فين.
عصام (بصدمة): إنت بتقول إيه! إزاي يعني؟ دي مش بتشوف!
الدكتور: ما هو ده اللي هايجنني والله.
عصام: طيب دوروا عليها في أي حتة قريبة، يمكن تلاقوها هنا ولا هنا.. أنا مسافة السكة، هكون عندك.
تامر: خير يا عصام، مالك؟
عصام: الدكتور بيقول البت اختفت.
تامر (مصدوم): اختفت إزاي! وهي مش بتشوف!
مهند (بستغراب): بت مين؟ وإيه اللي حصل؟ أنا مش فاهم حاجة.
عصام (وهو بياخد مفاتيح العربية والتليفون من الترابيزة):
مش وقته يا مهند، أنا لازم أروح أشوف الموضوع بنفسي.. دي بنت غلبانة وما لهاش حد.
مهند: بت مين؟ وهي اسمها إيه؟.. أنا مش عارف ليه قلبي مقبوض، وخايف تكون دهب.. بس لأ، دهب أنا سايبها في الملجأ.. أكيد مش هي.
تامر: مش فاكر اسمها.. هي ماقالتش اسمها.
عصام: هتجي يا تامر ولا أروح لوحدي؟
تامر: لا، أنا جاي.. بس والله مش فاهم البت دي عاملة لك إيه عشان خايف عليها بالشكل ده.
عصام: يلا.. مش وقت الكلام الفارغ ده.
مهند: أنا مش عارف ليه قلبي وجعني وحاسس إنها دهب.. استنوا، أنا هاجي معاكم.. ألبس حاجة وأنزل.
عصام: طيب يلا بسرعة.
(بعد وقت، مهند لبس هدومه ونزل من على السلم).
سماح: رايح فين يا مهند ومستعجل كده؟
مهند (وهو خارج): رايح المستشفى.. يومي مع تامر وعصام.
سماح: طيب أقف يا ابني، وإنت بتكلمني.. مستشفى إيه؟ خير في حاجة؟
مهند (وهو بيخرج من الباب): مش وقته يا أمي.. لما أرجع هافهمك كل حاجة.
(ركب العربية مع عصام وتامر علشان يتأكد إذا شكوكه صح ولا لأ).
في مكان آخر
دهب : لما صحيت ماكنش في حد جنبي، دورت على الطرحة ولبستها وطلعت.. وأنا مش شايفة أي حاجة ولا عارفة أنا رايحة فين. سمعت صوت الأذان، وفضلت ماشية وراه لحد ما وصلت قدام الجامع وقعدت. أنا مش بحب جو المستشفى، وكمان الدكتور بيقول هيعمل لي عملية.. وأنا بخاف من الإبر! إزاي هاعمل عملية في عيني؟
---
في الجانب الآخر
مهند: العصر أذّن.. تعالوا نصلي في المسجد اللي هناك الأول.
عصام: طيب نصلي الأول وبعدين نكمل.
(مهند نزل من العربية، وحط إيده على قلبه، يبص حوالين المكان)
مهند (بهمس لنفسه): مش عارف ليه حاسس إن دهب قريبة مني.
تامر: مالك يا مهند؟
مهند: لا مافيش.. يلا بسرعة نلحق أول ركعة.
---
في الجانب الآخر
دهب: مش فاهمة إيه اللي بيحصلي.. بس أنا شمّة ريحة العطر اللي مهند بيحطه. خفت يكون هو موجود وأنا مش شايفة! غطيت وشي بالطرحة بسرعة.
(مهند طالع على سُلم الجامع، شاف واحدة قاعدة ومغطيه وشها.. قرب منها)
مهند: (يوطي علشان يديها فلوس) خدي يا خالتي.. ادعي لي إن ربنا يريح قلبي.
(دهب تسمع صوته وتتجمد في مكانها)
دهب: آه.. هو! صوت مهند! أنا متأكدة.. بس اتراعبت من سماع صوته. ماقولتش حاجة، فضلت ساكتة لحد ما مشي من قدامي.. ولسه كنت هاقوم.
مهند: استني عندك!
يتبع...
الكاتبة/ صباح عبدالله فتحي
ياتار اي هتكوون ردت فعل مهند لما يعرف اللي حصل مع دهب..
يلا بقا عاوزه تفاعل حلو ورأيكم علشان نعرف مع بعض اي اللي هيحصل.
#الفصل 10 من #حكاية_بنت_الريف
#الكاتبة #صباح_عبدالله_فتحي
بسم الله الرحمن الرحيم
مهند (بصوت عالي): استنى.
دهب (بدموع): يا رب ما يكونش عرفني. (خدت بعضي وجريت وأنا مش شايفة حاجة.)
مهند (بصوت عالي): استنى! بتجري ليه كده؟
وفجأة وبصوت عالي: حاسب العربية!
دهب: وأنا بجري ما حسّيتش بحاجة غير إن حاجة خبطتني جامد، وبعد كده ما حسّيتش بحاجة ولا اعرف اي اللي حصلي تاني.
مهند (بصوت عالي): لأ!
جريت زي الهبلة وأنا مش عارف ليه، ورحت عند الست والناس ملمومين حوالينها. وفضلت ازعق وانا مش عارف ليه حاسس بخوف رهيب وقلبي مقبوض بشكل ده: «ابعدوا كده، خلّينا ناخدها المستشفى.»
ورحت ولسه هاشيلها من على الأرض. الطرحة اللي كانت على وشها اتشالت، ولما شفت هي مين اتصدمت صدمة عمرى. ومن الصدمة حسّيت إن لساني انقطع وجسمي زَي الحجر، مش قادر أحرك جسمي ولا قادر أتكلم. أخدتها في حضني وصرخت بصوت عالي: لاااااا! دهب!
مهند دموعي نزلت وبقيت أتكلم زي المجنونّ:
«دهب حبيبتي… قومي! أنا آسف… أنا آسف والله حقك عليّا… قومي… اضربني بس أوعي تسبّيني، دهب يا نور عيني قومي!»
بس كانت غرقانة في دمها ومافيش فيها نفس. ما حستش بنفسي غير وعصام وتامر جاين يجروا عليا ويهزوا فيا.
عصام (بخوف): مهند! مالك؟
تامر: في إيه؟ ومين دي؟ (يبص يشوف مين اللي في حضن مهند.)
عصام (بصدمة): دي البت اللي إحنا لقيناها!
مهند (بدموع): دي دهب… حبيبتي ونور عيني!
عصام (مصدوم): دهب!
تامر (بصوت عالي): مش وقت الكلام ده! البت غرقانة في دمها… لازم ناخدها المستشفى فورًا!
مهند: أيوه… هاتوا عربية بسرعة!
قومت بسرعة وهو مش عارف إزاي، شالت دهب من على الأرض وجريت على عربية عصام. ركبت بيها وخدنها على المستشفى وانا مش حاسس وانا درين باللي بيحصل جوليا. كل اللي قدرت اعمله خدها في حضني وبحاول ادفيه علي أمل تصحي وبعد نص ساعة كنت وصلت المستشفى خرجت بيها من العربية وانا بنادي زي المجنون علي دكتور.
مهند (بصوت عالي): هاتوا دكتور بسرعة!
عصام يجري ويجيب سرير من بتوع المستشفى: حطها هنا يا مهند.
مهند حطها على السرير وبصوت عالي: هاتوا لي دكتور بسرعة!
الدكتور: خير يا فندم؟
تامر: البت دي عربية خبطتها على الطريق.
الدكتور يكشف على دهب ويكلم الممرضة بصوت عالي: جهّزوا لي غرفة العمليات فورًا!
مهند (بخوف): ليه عمليات؟ هي فيها إيه؟
الدكتور: عندها نزيف جامد خارجي و داخلي… وده ممكن يكون سبب في موتها.
الممرضة: تفضل يا دكتور، غرفة العمليات جاهزة.
مهند (بحزن، وهو بيحضن دهب وبدموع): بالله عليكي… عاقبيني بأي حاجة تانية غير إنك تمشي وتسيبيني… بلاش العقاب القاسي ده بالله عليكي!
الدكتور: لو سمحت خليني أشوف شغلي.
عصام وتامر يبعدوا مهند عنها:
تامر: خلي الدكتور يعمل اللازم لها يا مهند.
(الدكتور والممرضات ياخدوا دهب على غرفة العمليات.) مهند ينهار على الأرض وهو بيبكي ويكلم نفسها
يارب أنا ماقدرش أعيش من غيرها… يارب علشان حبيبك محمد ماتحرمنيش منها… عارف إني غلطت في حقها وعارف إني ظلمتها انا كمان… بس يا ربي إديني فرصة أخيرة… يارب فرصة واحدة بس كمان أصلّح كل حاجة… يارب ماتحرمنيش منها… إنت وحدك عارف إني ماقدرش أعيش من غيرها…
(وينهار في العياط.) تامر ينزل لمستوى مهند على الأرض: هتكون كويسه يا مهند بس هي مين دي؟
مهند من بين دموعه: دي دهب… مراتي وحبيبة قلبي.
وهنا تكون الصدمة لـ عصام: دهب بتكون مراتك!
تامر باستغراب: طيب ما هي مراتك ليه سبتها في الشارع؟ إنت عارف إيه حصل للغلبانة دي؟
مهند يمسح دموعه وباستغراب:
في الشارع! بس أنا سبتها في الملجأ!
تامر بضحكة سخرية:
في ملجأ؟! يقبل واحدة في سن الجوازة! إنت أهبل يا مهند!
عصام:
إنت عرفت دهب إزاي يا مهند؟ واسم أبوها إيه؟
مهند:
أنا ماعرفش عنها حاجة غير إنها كانت عايشة في قرية مع جدها وخالها وستها، ولما ستها ماتت خالها طردها من البيت لنفس السبب اللي أنا سبتها علشانه. وأنا وأبويا كنا بالصدفة هناك وأبويا أصر إنها تيجي تعيش معانا في البيت عندنا.
عصام (بتوتر): اسم جدها وستها إيه؟
مهند:
كان جدها اسمه جمال وستها ماعرفش بس كانوا بيقولوا لها أم نوال.
عصام يتصدم ويرجع للخلف وهو بيهمس: هي دهب نفسها!
تامر: مالك يا عصام… بتقول إيه؟
عصام يبص على مهند والدموع على وشه على وشك إنها تنزل، وقبل ما دموعه تخونه و تنزل، يمسك تليفونه: أنا هاعمل تليفون وهرجع… (لكن دي كانت مجرد حجة من عصام علشان يهرب من قدام مهند.)
❈-❈-❈
في منزل عائلة مهند
سماح (بقلق): ما ترن على أخوك يا هاني أشوف في إيه.
هاني:
ليه هو في إيه يا ست الكل؟
سماح:
مش عارفة والله يا بني… هو من ساعة ما صحابه كانوا هنا وهو طلع معاهم، ولما سألته رايح فين قال لي إنه رايح المستشفى ومشي من غير ما يكمل كلام.
هاني (بخوف):
مستشفى ليه؟ في إيه؟ علشان يروحوا المستشفى
(ويطلع التليفون بتاعه ويعمل اتصال.)
في المستشفى
تامر:
غريبة… مالُه عصام؟ (ويبص على مهند) اهدي يا مهند إن شاء الله هاتكون كويسة. ولما إنت بتحبها جامد كده بتسيبها ليه؟
مهند يبص على تامر:
بالله عليك يا تامر أنا مش ناقص الكلام ده دلوقتي. أهم حاجة ربنا يقوم دهب بالسلامة… أهم حاجة.
(التليفون يرن، مهند يشوف التليفون ويبص على تامر)
مهند:
ده هاني أخويا.
تامر:
طيب رد.
مهند ياخد نفس ويمسح دموعه:
أيوه يا هاني.
❈-❈-❈
في البيت
هاني:
في إيه يا مهند؟ ست الكل بتقول إنك في المستشفى… خير؟ في حاجة؟
في المستشفى
مهند افتكر اللي حصل والحالة اللي فيها دهب… دموعه نزلت ولسانه واقف عن الكلام، وكلام الدكتور إنها ممكن تموت… ماقدرش يرد على هاني أخوه.
في البيت
هاني (بقلق):
مالك يا مهند مش بترد ليه؟
سماح بتوتر:
في إيه يا هاني؟ أخوك مالُه؟
هاني:
اصبري بس يا أمي لِما يرد… ألو… ألو يا مهند إنت معايا؟
الحاج محمد يطلع من اوضه علي صوت هاني وهو بيقول: مالك يا هاني؟ في إيه؟
هاني:
مش عارف والله يا حاج… ده مهند، الحجة بتقول إنه في المستشفى، وأنا باتصل عليه فتح وما ردش وقفل التليفون في وشي.
الحاج محمد (بقلق):
طيب اتصل تاني نشوف في إيه… ليكون حصل حاجة مع دهب ولا حاجة… البِت من امبارح مش عارفين عنها حاجة.
سماح:
اتصال يا بني نطمن… مهما كانت دي عايشة في البيت فترة وكانت ونِعمة الأدب والأخلاق… ربنا يسترها.
(هاني يتصل تاني على مهند.)
في المستشفى
تامر:
اهدى شوية يا مهند وشد حيلك شوية عن كده.
مهند من بين دموعه:
أعمل إيه؟ غصب عني… كل ما أفتكر المنظر اللي أنا شفتها فيه يصعب عليّ… الحالة اللي هي وصلت لها… وضميري بيعذبني… حاسس إن أنا السبب في كل حاجة… كل ما أفكر باكره نفسي أكتر.
تامر:
لا إله إلا الله… إنت فعلاً غلطت في حقها وظلمتها، بس مالكش ذنب في اللي حصل.
مهند:
عارف والله… بس ربنا يديني فرصة أخيرة وما يحرمنيش منها… وأنا والله هاصلّح كل حاجة وهارجعها تاني… بس أنا ما أقدرش إنها تبعد عني وللأبد.
(التليفون يرن رن رن رن رن.)
تامر:
طيب رد على التليفون اللي عمال يرن ده.
مهند:
ده هاني.
تامر:
طيب رد بسرعة… زمانهم قلقوا.
مهند:
أيوه يا هاني؟
في البيت
هاني:
أيوه يا مهند… قلقتني عليك… مالك وصوتك مش مطمني؟ إنت كويس؟
سماح بخوف:
ماله أخوك يا هاني؟
هاني:
اصبري بس يا حاجة لِما أفهم منه الأول.
الحاج محمد:
اديني التليفون يا هاني. (ياخد التليفون من هاني)
أيوه يا مهند… أنا أبوك… إنت في المستشفى ليه؟
في المستشفى
مهند بدموع:
دهب يا حاج… عربية خبطتها… وأنا معاها.
في البيت
الحاج محمد بصدمة:
إنت بتقول إيه؟… دهب عاملة إيه دلوقت؟
سماح وهاني بصوت واحد:
في إيه يا حاجة؟ طمّنا.
الحاج محمد:
مهند بيقول إن دهب عربية خبطتها وهي في المستشفى.
الحاج محمد:
طيب… قل إنت في أنهي مستشفى… وأنا مسافة الطريق إن شاء الله هكون عندك.
في المستشفى
مهند:
هي في غرفة العمليات دلوقتي… (وبدموع) الدكتور بيقول إن هي ممكن تموت.
في البيت
الحاج محمد بقلق وعجلة:
لا إن شاء الله… تموت إيه؟ إحنا إن شاء الله هنعمل لها اللازم وربك مش هيسيبها إن شاء الله. بس إنت ما تخافش… وافضل معاها لحد ما نيجي لك. (ويقفل التليفون)
الحاج محمد:
يلا يا هاني بسرعة هات العربية علشان نروح لأخوك في المستشفى.
سماح:
استنى بس يا حاج ألبس العباية بتاعتي وأجي معاكم.
الحاج محمد وهو خارج هو وهاني:
مافيش وقت يا سماح… إجهزي وإبقي خلي أي حد يجيبك.
سماح بسرعه
لا استني انا جايه باللي عليا
في المستشفى
مهند يقفل التليفون:
هو في إيه؟ ليه غيّبوا كده؟ ده المغرب أذّن وهم لسه جوه… ومافيش أي أخبار عن دهب.
تامر:
مش عارف والله… بس إهدا إنت… وإن شاء الله كل حاجة هتكون بخير. أنا مش عارف عصام راح فين، قال إنه هايعمل تليفون وييجي بس من ساعة ما شفتوش.
---
عند عصام
عصام واقف بالعربية بتاعته في مكان باين عليه مجهول
عصام بدموع:
أنا السبب في كل حاجة… أيوه أنا اللي اعتديت على طفلة عندها خمس سنين… هي دهب بنت عمي. لما كانت قاعدة في البيت كنت بحب ألعب معاها… والله كنت مفكّرها لعبة… بس أنا دمّرتها ودفنتها بالحَيّ. ولما عمي عرف هو ماعاقبنيش أنا… هو عاقب دهب ورماها في الشارع علشان بت وكمان من غير أم… هو أصلاً ماكنش بيحبها. أنا فاكر كل حاجة… فاكر دموع دهب وهي بتنادي عليا وبتقول: "عصام هايضرّبني". (يمسح دموعه) بس أنا لازم أتجوز دهب علشان أخلّص نفسي من العذاب ده… أيوه أنا هاتجوزها مهما كان التمن.
❈-❈-❈
في المستشفى
الحاج محمد يدخل المستشفى هو ومراته سماح وهاني ابنه. الحاج محمد يسأل موظف الاستقبال:
معلش يا ابني… البنت اللي جابوها هنا حادثة عربية فين؟
موظف الاستقبال:
قصدك البنت اللي جابوها تلات شباب من بعد العصر كده في حالة طوارئ؟
الحاج محمد:
مش عارف والله يا ابني هي ولا لأ… بس هي فين؟
موظف الاستقبال:
خلاص تمام… اسألوا في الطوارئ ممكن تلاقوها.
الحاج محمد:
طب معلش يا ابني هو فين قسم الطوارئ؟
موظف الاستقبال:
في الدور التاني على إيدك اليمين.
الحاج محمد يبص على هاني وسماح بخوف.
هاني:
طب شكراً. (ويطلعوا على الدور التاني)
---
الدور التاني من المستشفى
مهند قاعد قدام غرفة العمليات هو وتامر.
مهند:
إيه ده كله؟ معقولة ده كله في غرفة العمليات؟ هي فيها إيه علشان ياخد الوقت ده كله؟
تامر بتوتر:
والله مش عارف… بس دول غيّبه وده بقى لها دلوقتي داخلة على سبع ساعات من الساعة 4 العصر ودلوقتي الساعة داخلة على 11… أهو ربنا يسترها.
في الجانب الآخر
الحاج محمد:
شوف أخوك فين يا هاني، المستشفى كبيرة باين عليها واسعة وأنا مش قادر أدوس على رجلي.
سماح:
وأنا والله كمان يا حاج تعبت من طلوع السلم، بسم الله ما شاء الله كبيرة خالص.
هاني:
طيب اقعدوا إنتوا هنا وأنا هدور على مهند. (يروح ويرجع تاني مع كيسين عصير ويديهم لأمه وأبوه ويروح يدور على مهند).
سماح:
ما تخافش يا محمد إن شاء الله هتكون كويسة وربنا إن شاء الله مش يحرمنا منها.
الحاج محمد:
يا رب يا سماح يا رب… البنت غلبانة وما لهاش حد.
سماح بدموع:
إن شاء الله يا أخويا.
الحاج محمد:
طب إنتِ بتعيطي ليه دلوقت بس يا سماح… ما تفوليش عليها بالعياط.
سماح تمسح دموعها:
لا والله يا محمد ده أنا ضميري بيانبني وبيعذبني من ناحية دهب… حاسة إن أنا ظلمتها وجيت عليها في حاجة ممكن هي ما يكونش ليها ذنب فيها.
الحاج محمد يطبطب على سماح بحنان:
معلش… إحنا في الأول وفي الآخر بشر وكلنا بنغلط… ممكن تكون فعلًا زي ما مهند قال بس هي كانت عيلة مش فاهمة حاجة وما لهاش ذنب في حاجة… منه لله بقى في اللي كان السبب.
(عصام يدخل المستشفى ويسمع كلام الحاج محمد مع امرأته سماح).
سماح تمسح دموعها وبترفع وشها تشوف عصام واقف على أول داخلة للدور التاني:
تقوم بسرعه وهي بتقول: عصام يا ابني فين مهند ودهب حصل لها إيه؟
(عصام يمسح دموعه قبل ما سماح تاخد بالها. سماح تحس إن عصام زعلان من حاجة).
سماح:
مالك يا ابني في حاجة؟ هي دهب حصل لها حاجة؟
(عصام واقف ومش طايق نفسه… كره نفسه… مش قادر… ضميره بيعذبه بيقتله وفي نفس الوقت خايف يعرف مهند إن هو اللي اعتدى على دهب وهما لسه أطفال فيخسره).
سماح تهز عصام:
يا عصام!
عصام:
ها… نعم؟
سماح:
مالك؟ مالك يا ابني بقى لي ساعة بكلمك ولا إنت هنا؟
عصام:
معلش يا خالتي سرحت شوية.
سماح:
ربنا يهدي لك حالك ويريّح بالك من شدة التفكير يا ابني.
الحاج محمد:
مش إنت عصام صاحب مهند يا ابني؟
عصام:
أيوه يا حاج أنا عصام صاحب مهند.
الحاج محمد:
طيب يا ابني فين مهند ودهب وإيه اللي حصل مع دهب بالظبط؟ وإزاي العربية خبطتها؟ وإنتوا لقيتوها فين؟
(عصام يسكت شوية ويفتكر من أول ما شاف دهب والحال اللي هي كانت فيه بس ما يقولش حاجة، ويحكي بس من أول ما شاف دهب والعربية خبطها قدام الجامع).
عصام:
والله يا حاج إحنا كنا نازلين نصلي العصر في جامع من الجوامع وبالصدفة مهند شاف دهب… بس كانت عربية خبطتها ومش عارف إيه اللي حصل بعد كده.
سماح: لا حول ولا قوة الا بالله، والحمد لله إن ربنا بعتكم لها ونزلتوا تصلّوا في الجامع ده بالذات، علشان حد يكون جنب دهب في الشدة دي.
الحاج محمد وعصام (مع بعض): ونِعِم بالله.
الحاج محمد: طيب يا ابني، هي دهب فين؟ وعاملة إيه دلوقت؟
عصام: بصراحة يا حاج، أنا كنت برّه ولسه راجع دلوقتي، بس أنا سِبتهم وهي كانت في أوضة العمليات، مش عارف إيه حصل تاني. تعالوا، أنا هاخدكم عندها.. أنا عارف هي فين بالظبط.
الحاج محمد: طيب يلا يا ابني، بس هارِن على هاني ابني، أعرفه إننا هنروح عند دهب، علشان هو راح يدور عليهم.
عصام: طيب يا حاج برحتك.
الحاج محمد يعمل تليفون: أيوه يا هاني.
–– في الجانب الآخر ––
هاني: معلش يا حاج، والله لسه بدوّر عليهم، المستشفى كبيرة قوي ومش قادر أوصل لهم.
الحاج محمد: لا يا ابني ما تتعبش نفسك، إحنا عصام صاحب مهند أخوك هيودّينا عندها، تعال انت بقا.
–– في الجانب الآخر ––
هاني: هو عصام معاكم؟
الحاج محمد: أيوه يا ابني، هو كان لسه داخل، وإحنا كنا قاعدين شفناه بالصدفة، وإحنا رايحين اهو عند مهند أخوك.. تعال انت.
هاني: طيب يا حاج، أنا شوفتكم اهو.
(ويشاور للحاج محمد)
–– عند مهند ––
باب أوضة العمليات يتفتح.
مهند (يجري على الدكتور وهو بيقول بخوف): طمّني يا دكتور، دهب عاملة إيه؟
الدكتور: هو انت تقرّب للبنت اللي جوا دي؟
مهند: أيوه أنا جوزها.. (يتراجع بحزن) آسف، قصدي كنت جوزها.
الدكتور: تمام.. طيب ما تعرفش أي حد من أهلها أو قرايبها؟
مهند: خير يا دكتور، هي فيها إيه؟ تقدر تحكيلي؟ أنا المسؤول عنها، وإن شاء الله هاردّها على ذمتي في أسرع وقت، بس اطمنّي عليها الأول.
الدكتور: طيب، اتفضّل معايا المكتب بتاعي، علشان أقدر أشرحلك حالتها.
مهند (بتوتر): فيها حاجة خطيرة يا دكتور؟
الدكتور (يحط إيده على كتف مهند): اتفضل معايا وأنا أفهمك كل حاجة.
مهند يبص لتامر بخوف.. تامر (يحط إيده على كتف مهند وبحزن): ما تخافش يا مهند.. إن شاء الله خير.
مهند (يمسك إيد تامر بابتسامة صغيرة): إن شاء الله خير يا صاحبي.. (يبص للدكتور) طيب، اتفضل يا دكتور.
في مكتب الدكتور
الدكتور: اسمع يا أستاذ مهند، أنا مش هكذّب عليك وأطمنك بالكذب. بصراحة كده المدام حالتها ما تطمّنش، وفي احتمال كبير قوي إنها تموت.
مهند (بحزن ودموع): بالله عليك يا دكتور ما تقولش كده! تموت إيه؟ ده أنا أموت وراها. أنا ما اقدرش أعيش من غيرها، دي هي روحي وقلبي وكل حاجة حلوة في حياتي.
الدكتور يناول مهند منديل: أنا فاهم حالتك ومقدّر ظروفك يا أستاذ مهند، بس أنا بقول احتمال مش أكيد. والحياة والموت دي حاجة بإيد ربنا سبحانه وتعالى وحده، ماحدش يقدر يقول مين هيموت ومين هيعيش. بس اللي أنا متأكد منه إن المدام لو عاشت مش هتعيش طبيعية زي ما كانت.
مهند ياخد المنديل من الدكتور ويمسح دموعه (ويقول باستغراب): مش فاهم قصدك إيه؟ مش هتعيش طبيعية زي الأول إزاي؟
الدكتور: أستاذ مهند، المدام بتاعت حضرتك اتعرّضت لارتجاج مرتين في المخ في نفس الفترة. في أول مرة هي خسرت بصرها بسبب الارتجاج الأول، وده كان بسبب خبطة جامدة على دماغها. ولما غابيناها في أوضة العمليات قدرنا نعمل لها عملية، وعملنا لها أكتر من عملية، بس مش متأكدين من النتيجة، لأن هيكون فيه تأثير كبير على حالتها لو عاشت. وغير كده حصل عندها نزيف داخلي. سبحان اللي خلّى المدام لسه عايشة.
مهند (بحزن): طيب يا دكتور، لو عاشت هيكون إيه التأثير على حياتها؟
الدكتور: أنا آسف يا أستاذ مهند، بس أنا ما اقدرش أحدد حالتها غير لما تفوق. وممكن تدخل في غيبوبة، وده احتمال مية في المية، لأنها اتعرّضت لإصابة في الدماغ خارجي وداخلي. لقينا كسر في الجمجمة وركّبنا لها شرائح ومسامير في دماغها. ولو دخلت في غيبوبة فترة، هيكون ده أفضل لها، لأن ما فيش حد هيقدر يستحمل الألم اللي المدام ممكن تحس بيه.
مهند: مقدرتش أمسك نفسي وفضلت أعيط زي الطفل الصغير اللي تايه عن أمه. أنا السبب في كل حاجة حصلت لها. لو ما كنتش سبتها ما كانش ده كله حصل. أنا مش هسامح نفسي طول عمري لو دهب حصل لها حاجة.
الدكتور (بحزن على حالة مهند): اهدى يا أستاذ مهند. المدام في الوقت ده محتاجة إنك تكون أقوى من كده. هي في الفترة دي محتاجة دعمك، إنك تكون سند لها. هي محتاجة حبك وحنانك وعاطفتك عليها. حتى لو دخلت في غيبوبة، هتكون محتاجاك أنت أكتر واحد علشان تقدر ترجعها تستجيب مرة تانية للحياة.
مهند (من بين دموعه): صعب قوي يا دكتور. أنا جرحتها، مش بس جرحتها وزعلتها، أنا ممكن أكون أنا السبب في كل اللي بيحصل.
الدكتور: وجِتلك الفرصة علشان تصلّح كل حاجة. باين عليك إنك بتحب المدام قوي.
مهند: مش بس بحبها يا دكتور، أنا بعشقها. ما اقدرش أعيش لحظة من غيرها. بس في لحظة غضب أنا دمرت كل حاجة كانت بيني وبينها. ممكن لو ما كنتش اتسرّعت بقراري ما كانش ده كله حصل.
الدكتور: الحمد لله يا أستاذ مهند على اللي ربنا بيجيبه.
عند تامر..
عصام والحاج محمد وهاني وسماح.
تامر: عصام هو انت رُحت فين كدا خوفتني عليك.
عصام: ما تخافش يا تامر أنا كويس الحمد لله، بس قولي دهب عملت إيه وفين مهند.
الحاج محمد: طمّني يا ابني إيه الأخبار.
سماح: فين دهب يا ابني؟ أنا عايزة أشوفها وأطمن عليها بنفسي.
تامر: اهدوا يا جماعة، دهب لسه خارجة من العملية وماحدش بيدخل لها، هي في العناية المشددة، ومهند مع الدكتور والدكتور بيشرح لمهند حالتها، وأنا لسه ما أعرفش حاجة.
مهند يخرج من مكتب الدكتور ويشوف أبوه والكل: بابا...
ويجري ويحُضن أبوه وبدموع زي الطفل: كان معاك حق في كل حاجة قولتها لي يا حاج، أنا فعلاً ما استاهلش واحدة زي دهب، أنا ما استاهلش إي حد يعتمد عليّ، أنا خُنتها، خُنت ثقتها فيّا لما سبتها... أنا آسف أوي!!
يتبع
إيه رأيكم في الظرف دي؟ في رأيكم مهند يستاهل فرصة تانية؟. تفاعل حلو بقا علشان ننزل الجديد بسرعة..
تكملة الرواية من هناااااااا
لمتابعة باقى الرواية زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كاملةمن هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هناااااا
تعليقات
إرسال تعليق