القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية مذكرات عاشق الفصل السابع والثامن والتاسع بقلم صفاء حسنى

 


رواية مذكرات عاشق الفصل السابع والثامن والتاسع بقلم صفاء حسنى




رواية مذكرات عاشق الفصل السابع والثامن والتاسع بقلم صفاء حسنى


 



الحلقه السابعه 

الجو كان مشمس والبحر بيبرق تحت ضوء النهار، النسيم بيعدي خفيف على سطح المركب، بيحرك خصل شعر حنين اللي كانت بتطيرها الريح وهي غايبة في عالمها.

مذاكرت عاشق 

الفصل ٧ 

الكاتبه صفاء حسني 

خرج حازم من الكبينة، طويل، شكله مهندم، يرتدي تيشيرت أبيض ونظارة شمس، وصوته فيه وقار.

ضحك وهو يسلم:

"نورت الرحلة، وأتمنى تكونوا مبسوطين فيها."


ضحك حسام وهو يحضنه، ملامحه فيها بهجة حقيقية كإنه شاف حد عزيز:

"جميلة جداً، تعالى أعرفك بالعيلة."


لف حازم ناحيتهم، ووجهه تبدل أول ما رأى حنين.

كانت جالسة وماسكة كتابًا تقرأ فيه، شعرها بيقع على خدها بخفة، وهدوءها لفت نظره أكتر من أي حاجة تانية.

رفع حسام صوته بابتسامة فخورة:

"دي بنت أخويا، حنين... نجحت السنة دي وجايين نحتفل بيها."


حنين وقفت بسرعة، ووجهها احمرّ خجلاً، ومدت يدها بتردد:

"أهلاً بحضرتك..."


ابتسم حازم وهو يمد يده برفق، نظراته فيها دفء غريب وصادق:

"ألف مبروك يا حنين... النجاح يستاهل بحر وجمبري كمان."


ضحكت بخفة، وصوتها كان بيرن زي موجة خفيفة:

"شكراً... دي أول مرة أجي مصيف من غير مذاكرة."


وفاء وهي تضحك:

"هو فعلاً النجاح له طعم تاني لما تشوفي الموج."


جلسوا سوياً، الجو كان خفيفاً ومليئاً بالطاقة الجديدة.

ضحكاتهم كانت بتتعالى مع صوت البحر، والموج بيغني أغنية فرح صيفية.

حازم كان يحاول إخفاء نظرات إعجابه البريئة، لا بعين رجل، ولكن بعين رجل رأى في البنت نقاءً مش متعود عليه.

وحنين كانت كلما سمعت صوته، تحس بدقة زائدة في قلبها من غير ما تفهم لماذا.


حتى وصلوا الإسكندرية ورست المركبة على شاطئ، وبدأوا ينزلون بعد العصر.

رائحة البحر كانت مالية الجو، والرمل بيغوص تحت أقدامهم بخفة.

ولحق بهم حازم، حسام كان يمزح معهم ويرش الماء، وحنين تجري وتهرب وتضحك.

وفجأة كادت أن تقع من على موجة عالية، لكن حازم مد يده بسرعة وسندها.

لمسة خفيفة، لكن فيها كهرباء ساكنة جعلت الوقت يقف لحظة.


نظرت إليه بخجل وهي تهمس:

"شكراً..."


رد بابتسامة هادئة وعينه فيها دفء وحرص:

"خلي بالك، البحر مش دائماً أمان."


نادت وفاء من بعيد بصوت عالي مليان حنية:

"تعالوا يا أولاد، الأكل جاهز!"


ضحك حسام وهو ينظر لحازم:

"أهو يا سيدي، العيلة كلها مستنيينك على الغدا، تعالى وريهم إنت بتاكل قد إيه."


ضحك حازم، لكن في قلبه شيء تغير.

لم يكن يعرف أن يصفه، لكن كان حاسسًا أن الرحلة دي مش عادية... يمكن بداية لحكاية، بدأت من لحظة بريئة... على رمل البحر.


جاء معهم شاب وسيم — صديق حسام — اسمه سامح.

وبصراحة بقيت بغير منه، رغم إني عارف إنه مجرد صديق عمك.

بس كنت خايف تكوني بتحبيه 😥

كنت كل مرة أشوفك بتتكلمي معاه، نفسي أكون مكانه.


كنت أحس بشيء غريب، وجعي كأنه سكينة في قلبي.

ومن اللحظة دي، عرفت إني بحبك بجنون... بعشقك يا حنين.


ولما عرفت إنه قريب والدتك كمان، مش بس صديق عمك،

وفي يوم عرفت إنهم عاوزين ينقلوا من الصعيد لكلية الشرطة بالقاهرة،

حاولوا كتير بس النقل رُفض، لأنه محتاج واسطة.


قلت: فرصة! 😏

أنقل حسام... وأسيب سامح هناك.

كده أكسب ودّ حسام، وأزيح سامح بعيد عنك.

هههه مش شرير أنا... بس حظي وحش، الأستاذ اتنقل معاه.


حنين (تضحك وهي تقلب الصفحة):

"ههههه يعني ما عرفتش."


حازم (يرد في المذكرات):

"للأسف، لا. بس أقولك إزاي ساعدته؟

في النادي سألت على حد مهم في كلية الشرطة من الأعضاء، وطلبت منه المساعدة، ووافق من غير تردد.

وقتها عرفت قيمة النجاح، وأديته الكارت، وفعلاً بعد فترة شوفت والدك لابس الزي الرسمي في القاهرة، وإنتِ كنتِ واقفة بتبصي عليهم بفرحة."


كنتِ بتصفّري وبتقولي:

"أوووه! أيوه يا عم، تجننوا بلبس الشرطة!"


حازم (يكمل):

"سامح قرب منك وقال لك: بجد يا حنونة؟

وإنتي ضحكتي، ولبستِ الكاب بتاعه.

كنتِ جميلة جدًا... هو وحسام بيضحكوا وبيجروا وراكي.

يااه يا حنين... إحساس الغيرة صعب!"


بدأت أحسدهم، أتمنى أكون مكانهم.

ولما رفعتِ يدك وقدمتي التحية وقلتي:

"تمام يا فندم!"

ضحكتي وضحكوا، بس فجأة عينك جت في عيني... وسكتي.


ساعتها حسيت إنك حسّيتي بي.

يمكن خفتي على زعلي، بس كنت مبسوط إنك وقفتي هزارك مع سامح، وكمّلتِ مع عمك.


كنتِ جميلة قوي يا حنين، وضميتي عمك وودعتيه.

تمنيت أكون مكانه، علشان أعيش اللحظة دي وآخذ حضنك الدافئ.


بس كنتِ زي زهرة وسط صبار كتير...

البيت كان مليان شباب: أولاد عمي، والدكتور عماد وأولاده.

قلبي كان بيتألم لأني مش قادر أكون معاكي حتى بالصدفة.


لكن لما دخلتِ الجامعة... حظي أخيرًا ابتسم.

لأن الجامعة كانت جنب النادي.

كنت بشوفك وقت الدخول ووقت الخروج كل يوم...

كنتِ أميرة خارجة من قصرها، والحاشية قدامها في كل مكان 


جلسَت حنين على طرف السرير، ضوء خافت بينعكس على وشها، وهي بتقلب في صفحات الدفتر اللي بقى جزء من روحها. كانت عيونها بتمشي على السطور كأنها بترجع تشوف شريط حياتها من جديد، كل كلمة فيه كانت وجع وحنين، وكل جملة كانت بتفتح باب لذكرى.


بدأت تقرأ بصوت هادي، ونبرتها فيها رعشة خفيفة...


> "أنتِ عارفة، اكتشفت في يوم وأنا بصلي مع وليد وعمي محمد أنه يبقى صديق بابا. لأني تقربت منهم علشان يتعرفوا عليا قبل أن أخطو الخطوة اللي كنت منتظرها، وتحدثنا كثيراً، كان يعرف كل حاجة عن بابا، الله يرحمهم جميعاً."


رفعت حنين راسها لحظة، وابتسمت ابتسامة حزينة كأنها بتحاول تهدي قلبها:

"آمين يا رب العالمين."

رجعت تكمل وهي بتقلب الصفحة بإيدها المرتعشة...


> "المهم، جه معهم شاب وسيم (سامح، صديق حسام)، وبقيت بغير منه، رغم إني عارفة إنه مجرد صديق عمك، لكن كنت خايف تكوني بتحبيه 😥😥 وحتى دلوقتي، صدقيني، كنت كل ما بشوفك بتتكلمي معاه وتحكي وتتكلموا، أتمنى أكون مكانه..."


كانت كل كلمة بتوجعها، ومع كلمه “سكين في قلبي” دمعت عينيها من غير ما تحس. الصوت جوه سطور الدفتر كان صوت حازم، صوته اللي حافظاه بنغمة حنين.


> "ومن هذه اللحظات علمت أني أحبك بجنون، بل أعشقك يا (حنين)!"


ابتسمت بخجل رغم الدموع، وهي تهمس كأنها بترد على شبح صوته:

"هههههه يعني مش عرفت؟"


الصفحة اللي بعدها كانت بداية اعتراف كبير، سطورها مليانة تفاصيل بتلمس القلب:


> "آه، للأسف. المهم، أقولك إزاي ساعدته؟ في النادي سألت على حد يكون مهم في كلية الشرطة ويكون من أعضاء النادي، وطلبت منه وفعلاً وافق بدون تردد..."


حنين كانت بتعيش كل لحظة وهو بيحكيها. تشوفه في خيالها وهو بيتكلم، وتسمع ضحكته وقت ما بيقول:


> "كنتِ بتصفّري وبتقولي: أووووه أيوه يا عم، تجننوا بلبس الشرطة!"


ضحكت بخفة، وكأنها فعلاً رجعت لطفلة وقتها.


> "كنتِ جميلة جداً، هو وحسام بيضحكوا وبيجروا وراكي. ياااه يا حنين، إحساس الغيرة صعب!..."


كل كلمة بعد كده كانت بتوجع أكتر. السطور اللي حكى فيها عن الحادث، عن الغيبوبة، عن الغياب، عن الوجع، كانت زي طعنات ناعمة في قلبها.


> "وقعت على الرصيف... لم أشعر بحالي إلا وأنا ملقى على الأرض، وأنتِ كمان نظرتي عليا... عينك كانت مليئة بالحزن الشديد... ابتسمت لكِ ثم أغمضت عيني علشان تكوني آخر واحدة في خيالي..."


هنا دمعت حنين بجد.

قلبها اتوجع، ونفَسها اتقطع وهي تتخيل اللحظة دي، والوجع اللي عاشه من غيرها.


> "لكن أهلك كانوا أعظم أسرة، كانوا على طول يزوروني ويطمنوا عليا، كانت آخر سنة ليكي... تم تخريج حسام وسامح وكانت أول قضيه ليهم قضيتى..."


رفعت إيدها تمسح دموعها، وابتسمت ابتسامة باهتة:

"عارفه يا حازم..."


رجعت تكمل السطور الأخيرة، اللي كانت وجعها الأصدق:


> "أصعب شيء أن الإنسان يشعر بالعجز من كل شيء، كأن جسده مثل الأرض الجافة لا تفيد ولا تضر بدون حركة أو حياة، والعجز مش في الحركة بس، ولكن في عدم الحرية إنك تختار الحياة اللي انت عايز تعيشها حتى لو الحياة اللي انت فيها جنة."


سكتت حنين لحظة طويلة، بعدين همست بصوت متكسر:

"فعلاً..."


غمضت عيونها، والذكريات بدأت تجرها لفلاش باك بعيد، صوت أمها بيرن في ودانها:


> "مش عايزة أتجوز يا ماما."


وفاء (بتحاول تهديها): "ليه يا بنتي؟ أبوكي بيقول شاب ممتاز وابن صاحب العمل صالح؟"


حنين (بصوت متوتر): "ماما أنا مش عارفة إزاي أتجوز واحد مش بحبه... وليه السرعة دي؟"


وفاء: "مش كنتي موافقة؟ إيه اللي حصل؟ جاية النهاردة تبكي يوم كتب كتابك؟"


حنين (بحزن): "أنا ما كنتش موافقة... هما اللي ضغطوا علي."


وفاء (بتقرب منها): "مين اللي ضغط عليكِ؟"


وساد الصمت...


اللقطة انتهت وعيون حنين مليانة دموع، لكن قلبها كان بيحس إنه رجع يسمع صوت حازم من بين السطور...

صوته اللي مازال حي جواها، رغم كل الغياب.

---


كانت حنين قاعدة في أوضتها، الهدوء مالي المكان، مفيش غير صوت أنفاسها وهي بتقلب صفحات الدفتر القديم اللي كان مخبّي بين ذكرياتها.

إيديها بتترعش، وكل ما عينها تقع على سطر، قلبها بيخبط أكتر...

وفجأة توقّفت، اتسعت عينيها، والدموع بدأت تلمع، لحد ما نزلت أول نقطة على الصفحة اللي قدامها.


تفيق حنين وتقلب الصفحة التالية والدموع ملء عينها...


---


حازم (من الرسالة):

"لا تبكي، أنا لا أريد أن أرى هذه الدموع، وأسف أنى فكرتك بألم عشتيه، وعارف أنى السبب في كل اللي حصل معاكي، لأنك قررتى تساعديني وقتها انتى وعمك وولدك، ولما اكتشفتوا أن عمى هو اللي كان وراء الحادثة، بدأ يلعب بيكم وبقيتوا انتم الضحية، ولكن حبي ليكى كان أكبر هدف خسرته فى حياتى.

عارف إنك بعد ما اتخرجتى روحتى تدربى فى مكتب محامى معروف وفتحتى القضية وطالبتى بالتعويض ليا من النادى، لان الحادثة كانت ما بين الجامعة والنادى، وكدة يكون أثناء التدريب لكن الاداره لم تقتنع ورفضت، قالت مدام خارج النادي إذن ليس لي تعويض لانهم ليس طرف في الحادثة.

وبعد شهرين من عزيمتك واصرارك ومتابعتك للقضية وافقوا على التعويض، ههههه بس كان الشرط استلمه من النادى المركزي اللي مشرف علي النادى دا كان في اسكندريه، شوفتي يا حبيبتي الظلم... يعنى واحد مشلول لازم يروح وبعد كدة اكشف هناك ويتأكدوا أنها كانت إصابة أثناء التدريبات أو قبل أو بعد... لا مليش تعويض.

وكمان عمك حسام كشف بعد فحص كاميرات المراقبة الخاصة بالجامعة والنادى، عرف أن كانت السيارة قاصدة... يعنى فيه حد بعت واحد يتابعني من وقت خروجي من المنزل لحد وصولي إلى مكان الحادث. لكن للأسف لم يستطيعوا ان يوصلوا إلى السائق أو العربية، وبعد فترة تم غلق القضية.

كنت وقتها مش فاهم حاجة، لكن حسيت بحاجة غير... بسبب كل اللي حصل دا غير حياتى، وانتِ كمان مرة واحدة سبتي المكتب ومسار القضية أصبح مجهول..."


---


كانت حنين بتقرأ والكلمات بتغوص في قلبها، بتحس بكل حرف وكأنه بينزف من جوه.

صوتها خرج مبحوح وهي بتهمس:


حنين:

"فعلاً إحساسك كان صح... وحصل حاجه."


ثم أغلقت الدفتر ببطء، وضمت صدرها بإيديها كأنها بتحاول تحتوي الوجع اللي جوّاها،

وعنيها معلقة في الفراغ، ما بين ماضي موجع... وحب لسه ساكنها رغم كل اللي اتكسر.


تتبع


الصفحة الثامنة 


فتحت حنين الصفحة تخيلت حازم وهو 

كان بيكتب حازم، وهو ووضح من سرده للأحداث إن الغضب ماليه من جوّه، الخط على الورق مهزوز، وكأن كل كلمة بتطلع من وجعه مش من قلمه.

اتسند على المكتب، وبدأ يكتب بسرعة كأنه خايف ينسى التفاصيل:


"انتي عارفة يا حنين، أنا كمان مريت بأيام ما يعلم بيها إلا ربنا.

أولها مرض أبويا، لما عرف إنه عنده سرطان في الدم.

بس كان راجل مؤمن، ما يئسش من رحمة ربنا، وطلب من أمي يقضي آخر أيامه في الشقة القديمة.

أمي كانت متعودة على العيشة المرتاحة والرفاهية، بس رجعت معاه على مضض وضيق.

أبويا كان حاسس بكده."


سكت شوية، أخد نفس عميق، صوته في خياله اتكسر وهو بيكمل كتابة:

"(بيتنهد بقلب موجوع) أنا روحت معاهم كام يوم، بس جه لي ماتش مهم أوي بره مصر، كان في النمسا... وما شوفتش أبويا بعدها.

وما عرفتش إيه اللي حصل إلا لما رجعت. بدأت الخيوط تبان لي."


رفع عينه من على الورق للحظة، كأن الذكريات خنقاه، وبعدين رجع يكمل بحروف مضغوطة:

"أنا قعدت في النمسا حوالي 5 شهور، وفي الشهور دي أبويا مات... وأمي اتجوزت عمي علشان ما تخسرش العيشة الحلوة والمنظرة.

وعمي رشح نفسه في الانتخابات ونجح، وكل حاجة بتاعة جدي وأبويا عمي أخدها بدعم من أمي وعلاقاتها.

أكيد تعرفي عمي صالح السيد، عنده 3 ولاد: ياسر، وآسر، وأمير، كلهم أكبر مني.

اتجوزها بعد مرات عمي ما ماتت، كانت ماتت قبل أبويا بسنة."


وقف لحظة، اتنهد، وضحك ضحكة مرّة وهو بيكتب السطور اللي بعدها:

"وأنا عارف إن عمي كان نفسه يتجوز أمي من زمان، مش دلوقتي بس.

جدي كان غاصب عمي يتجوز علشان كان طايش ومستهتر.

وبرضه، اداله أرض بنى عليها عمارات، ومن ضمنهم العمارة اللي انتي ساكنة فيها.

المهم، عمي كان بيكره أبويا علشان أبويا مش أخوه شقيق... من الأب بس.

وده حكاية تانية، وممكن تكون الحكاية اللي كانت السبب في كل اللي حصل معايا."


رفع القلم لحظة، وبص على السطر الأخير وهو بيبتسم بخفة، كأنه بيكلم نفسه:

"تحبي أحكيهالك؟"


وبعدين كمل، ضاحك بمرارة وهو بيحرك القلم:

"ويبتسم ويرسم ضحكة على الدفتر...

هو أنا بفضفض أصلًا ومش عارف إمتى أتجرأ وأبعتلك الدفتر ده.

وعشان كده شايفيني جايبلك حتة من الشرق وحتة من الغرب، كل ما أفتكر حاجة بكتبها.

اعتبريها مذكرات قصة من القصص اللي بتقريها."


كان حازم لسه ماسك القلم، صوته الداخلي مليان حنين وغضب ووجع وهو بيكتب كأن كل حرف بيحفر جوه قلبه:


"جدى اتجوز على زوجته، واحكيلك شوية عن جدتى اللي هى الزوجة التانية.

جدتي كانت ست بسيطة، من نفس الحتة، من الناس الطيبين اللي بيعيشوا على قدهم، بس قلبها أبيض.

جدي اتعرف على جدتي في الشغل، كانت شغالة في المصنع، وجدي كان لسه شاب، والمصنع كان في أوله بعد ما اتخرج من الجامعة.

قرر يفتح مصنع تفصيل هدوم، كان وارث قرشين من أبوه وأمه.


كانت أم عمي صالح بنت ناس كبار، جدي حبها وهي كمان اتجوزها.

لكن هى مكنتش شبهه، كانت ست من المجتمع الراقي، بتحب الشوبينج والسهر، وما كانتش بتهتم بيه، ولا عمرها حست بتعبه ولا شافت شقاه."


(ابتسم حازم وهو بيكمل كأنه شايف المشهد قدامه)

"وهو بقى يلهي نفسه في الشغل، لحد ما في يوم وهو في المصنع، لقى القماش اللي مش مظبوط، وكان باين إن في غلط في الخامة.

طلب من واحد من الصنايعية يجيب حد من المصنع يفهم الفرق ويقارن بين النوع الوحش والنوع الكويس.


وفجأة... ظهرت جدتي فاطمة.

كانت لابسة طرحة بسيطة، وإيديها فيها أثر الشغل، بس وشها منور بالبركة.

كأنها كانت النسمة اللي دخلت قلبه من أول نظرة.

وقتها حس كأن الدنيا وقفت لحظة، واتغير كل حاجة في حياته من بعدها."


(في اللحظة دي، حنين كانت غارقة في القراءة، عايشة كل حرف بيكتبه حازم كأنه بيتقال قدامها، صوت دق خفيف على الباب قطع شرودها المفاجئ.

ارتبكت، بصت حوالينها بسرعة، وضمّت الدفتر على صدرها كأنها خايفة حد ياخده منها.)


(كانت حنين قاعدة في هدوء، عيونها لسه متأثرة بكلام حازم في المذكرات، لحد ما سمعت صوت دق على الباب، فقامت بخطوات مترددة وهي بتتمسح من دموعها.)

قامت بهدوء، خطواتها كانت بطيئة، قلبها بيدق من التوتر، وبصوت واطي قالت:

"يا ترى مين؟"


مدت إيدها على المقبض وهي لسه في عالم تاني، بين الماضي اللي بيكتبه حازم... والواقع اللي على وشك يخبط على بابها.

حنين: (بصت من العين السحرية وابتسمت أول ما شافت مين) "هالة حبيبتي! إيه أخبارك؟ وحشتيني أوي!"


هالة: (حضنتها بحب ودفء) "أنتي أكتر والله. إيه أخبارك إنتي؟ وإيه ريحة الأكل اللي تجنن دي؟"


حنين: (ضحكت وهي ماسكة بطنها من كتر الضحك) "هههه! جاية على طمع بقى؟"


هالة: (غمزت بعفوية) "حاجة كده يعني."


حنين: (مشيت قدامها وبتلوّح بإيديها للمطبخ) "ماشي، تعالي معايا على المطبخ."


هالة: (رفعت حاجبها بخفة دم) "لا يا بت، أنا هدخل على البلكونة، وحشتني القعدة فيها. فاكرة أول مرة زورتك فيها بعد ما نقلتي؟"


حنين: (ابتسمت بنغمة حنين) "ياااه! حد يقدر ينسى؟ كانت أيام زي الفل."


هالة: (ضحكت وهي فاكرة الموقف) "ولما كانت بسنت هتموت على الكابتن حازم، وما صدقتش نفسها لما شافته."


حنين: (ضحكت وهي تفتكر المنظر) "آه! كانت هترمي نفسها من البلكونة علشان بس يمضي لها على صورة."


هالة: (بحركة تمثيلية) "آه، ولزقت فيكي بس علشان تشوف حازم من البلكونة."


حنين: (بتضحك وتخبطها بخفة على دراعها) "وانتي كنتي بتغيري منها أوي، كل ما تيجي عندي تلاقيها لازقة."


هالة: (عملت نفسها زعلانة وبصت بعيد) "طبعًا أغير! مش كل يوم عندك! أنا يادوب يومين بس في الشهر كنت باجي فيهم."


حنين: (نظرت لها بعينين كلها حب) "بس انتي عارفة إنك أغلى صاحبة وأخت ليا."


هالة: (ابتسمت بصدق وهي تلمع عينيها) "أكيد. أخبارها إيه؟"


حنين: (تنهدت بوجع بسيط) "بعد ما اتجوزت قطعت علاقتها بيا، وهي أصلا كانت علاقة على الوش."


هالة: (باستغراب وهي بترفع حاجبها) "إزاي يا بنتي؟ أنا سمعت إنها اتجوزت أخو آسر."


حنين: (ميلت راسها بتفكير) "مين فيهم؟"


هالة: (بتفتكر بسرعة) "أظن أمير."


حنين: (رفعت كتفها ببرود) "الله أعلم..."


(في نفس الوقت، عند الشاب الوسيم، قاعد في أوضته، نور الشمس بيقع على وشه، ماسك الموبايل وبيتكلم بنغمة هادية.)


حازم: (بصوت دافئ) "ألو."


وليد: (بحماس واشتياق) "يا حبيبي! أخبارك إيه؟"


حازم: (ابتسم وهو بيبص على صورتها اللي في قدامه) "لما بشوف ابتسامتها بحس إن الدنيا ملكي."


وليد: (ضحك بخفة) "يا عم الحاج! ماشي يا باشا."


حازم: (بابتسامة حزينة) "آه، أنا بكون باشا بس وأنا بفكر فيها. آه، صحيح، متشكر أوي يا وليد إنك وافقت إن هالة تبات عند حنين النهارده."


وليد: (بجدية رايقة) "يا عم عبيط أنت؟ هالة وحنين دول أكتر من الأخوات، ولازم تكون معاها في الوقت ده، وخصوصًا بعد ما خسرت قضية حضانة ابنها."


حازم: (قبض على العكاز بيده بقوة وعينه لمعت بالغضب) "عارف. وأنا برضه مش هسيب صالح إلا لما يتحاسب على كل اللي عمله. مش كفاية أخد أمي وكان السبب في موت أهل حنين وآسر."


وليد: (بتنهيدة طويلة) "أنا مش معاك في ده. كفاية ترجع الواد ليها، وتعترف لها بحبك وتاخدها معاك."


حازم: (بص على البلكونة بنظرة بعيدة) "لما نشوف الأيام الجاية مخبية لنا إيه."


وليد: (بهدوء) "ماشي يا عم، سلام."


(قفل التليفون، ومد إيده للعكاز، قام ببطء، وخرج على البلكونة. الهوا خبط في وشه وهو بيشوف من بعيد شقتها، مسك المنظار ووجهه ناحيتها، عيونه وقعت على حنين وهي بتضحك مع هالة. ابتسم وهو بيكلم نفسه بالهمس.)


حازم: (بصوت مبحوح) "يا حبيبتي يا معشوقتي. عارف إنك عرفتيني، بس لازم تعرفي كل حاجة من الأول، وليه ما قدرتش أبوح بحبي ليكي قبل كده. حازم، دي حبيبتي حنين، دي الروح والقلب. لما بتكون مع هالة بتنسى نفسها وبتعيش الماضي وبتضحك."


(في البلكونة التانية، هالة كانت مستمتعة بالجو وريحة النسيم، وبصت للبحر في البعيد بنظرة حالمة.)


هالة: (بابتسامة شوق) "وحشتني البلكونة دي أوي، ليها طعم خاص غير أي مكان تاني."


حنين: (بضحكة خفيفة وهي بتحط الشاي) "هههه! أكيد، علشان هنا كنتي بتشوفي وليد، صح؟"


هالة: (اتكسفت وعضت شفايفها بخجل) "وقتها كنت خايفة أبويا ما يرضاش أجي عندكم."


(وكأن العدوى جات للجميع، وسرحت هالة فجأة في ذكرياتها القديمة...)


فلاش باك:


هالة: (بصوت طفولي وهي ماسكة طرف فستانها) "بابا، بكرة الخميس، عايزة أروح عند حنين، وحشتني."


ممدوح عباس: (ابتسم وهو بيقلب الجورنال) "يا حبيبتي، ما فاتش على نقلهم إلا أسبوعين، وأنا وعدتك هنروح كل شهر."


هالة: (بلهفة) "أنت عارف يا بابا إني بعتبر حنين أختي مش جارة ولا صاحبة."


ممدوح: (ضحك وهو بيهز راسه) "طيب يا هالة، أنا هتصل بعمك محمد."


(دخل أوضة النوم، قعد على الكرسي جنب التليفون وبدأ يتصل.)


ممدوح: (بصوت ودي) "ألو."


محمد الدسوقي: (بحماس ودفء) "يا صاحبي وأخويا، واحشني."


ممدوح: (ضحك بصدق) "وانت أكتر. هنصلي الجمعة مع بعض في السيدة زينب؟"


محمد: (بصوت مطمئن) "أكيد، كل جمعة إن شاء الله لحد ما ربنا ياخد أمانته."


ممدوح: (بلهفة وقلق خفيف) "بعد الشر عليك من كل سوء. كنت عايز أقولك على حاجة."


محمد: (بصوت حنون) "هالة تنور في أي وقت، السواق هيكون عندها من الصبح."


ممدوح: (ضحك بخجل وهو بيحك دماغه) "عرفت إزاي؟"


محمد: (ابتسم بثقة) "أنا وعدت حنين يوم ما نقلتوا مش هتقطع علاقتها مع حد من الحتة، وخصوصًا هالة دي، دي توأمها."


ممدوح: (ابتسم بدفء) "ربنا يديم المحبة دايمًا."

باك 


(الليل كان ساكن، والقمر نوره خفيف بيعدي من بين ستارة الشباك. البيت كله غرقان في هدوء مريب، إلا حنين اللي كانت قاعدة على الكنبة، عينيها فيها لمعة حنين ووجع.)


حنين: (بصت للسقف بتنهيدة حارة وقالت بصوت واطي) "الله يرحمك يا بابا ويغفر لك، طول عمره بيحب يوفي بوعده."


(هالة اللي كانت قاعدة قصادها على الأرض، رفعت راسها وابتسمت بخفة حزن.)


هالة: (بهدوء دافي) "فعلا، قليل أوي اللي الصداقة بتستمر سنين من غير انقطاع ولا مشاغل في الحياة."


(ضحكوا شوية، ورجعوا يفتكروا أيامهم القديمة، فضلوا يرغوا كتير... لحد ما هالة بدأت تتكلم بكلام متقطع من كتر النعاس، وبعدين نامت وهي مسنودة على المخدة الصغيرة على الكنبة.)


(حنين بصتلها بحنان، وعدلت الغطا عليها، بس هي ما قدرتش تنام. كانت الأفكار بتلف في دماغها زي دوامة... القضية الجديدة، ابنها اللي بكرة هيكمل أربع سنين، سنة ونص بعيد عن حضنها... الوجع كان بيعض قلبها كل يوم شوية.)


(قامت بهدوء، مشت على أطراف صوابعها علشان ما تصحيش هالة، وخرجت من الأوضة. راحت على أوضة أمها وأبوها، النور الخافت خلاها تحس إنهم لسه هناك. وقفت قدام صورتهم المعلقة، ومدت إيديها وهي بتقرأ الفاتحة والدموع بتلمع على خدها.)


(بعدها فتحت الشباك، الهوا البارد دخل بهدوء، خلى شعرها يتحرك على خدها. قعدت على كرسي أبوها القديم، اللي لسه محتفظ بريحته، وطلعت الدفتر اللي بقى هو المتنفس الوحيد ليها. فتحته عند آخر صفحة كانت وقفت عندها، ومسكت القلم بس ما كتبتش... عينها كانت بتدور على معنى في السطور.)


(في الناحية التانية من الشارع، في شقة مقابلة، كان حازم واقف في العتمة. نور الأوضة عندها لمّح وشها من بعيد. حس بيها كأن في خيط بينه وبينها. خرج من أوضته على الصالة وهو ماسك العكاز، قرب من البلكونة بهدوء علشان يشوفها أكتر. شافها وهي بتقرا في الدفتر، وشفايفها بتتحرك بهمس، فغمض عيونه وتخيل صوتها.)


(ابتسم بخفة، وبدأ يتخيل إنه بيتكلم معاها... في خياله كانت قاعدة قصاده، نفس النظرة، نفس الهدوء اللي كان بيخطفه.)


حازم: (في خياله، وهو بيهمس لنفسه) "مساء الورد وصباح الفل على أحلى عيون في الكون. هههه، أنا كمان مش عارف أنام ومستني أكمل معاكي قصة حب جدي وجدتي، وإزاي اختار البنت الغلبانة على الست الغنية."


(حنين ابتسمت وهي بتقلب الصفحة، كأنها فعلاً سمعته. نظرتها راحت في الفراغ، بس عينيها كانت بتحكي شوق دفين.)


حنين: (بابتسامة شقاوة خفيفة) "صباح الفل. اتفضل احكي يا اللي طيرت النوم من عيني."


(حازم ضحك بخفة، وهو بيهز راسه من إحساسه بيها.)


حازم: (بنغمة مليانة وجع خفي) "هههه، شوية من نفسي. كنت كل يوم بتخيل إني بتكلم معاكي حتى لو في الخيال."


(حنين غمضت عيونها لحظة، وبعدين فتحتها ببطء، وهي بتقول الجملة بصوت واهن بس فيه صدق عميق.)


حنين: "أنا كنت نسيت الخيال وبدأت أعيش الواقع. ليه رجعتني تاني؟"


(حازم حط إيده على صدره، كأنه بيكلمها بصدق مطلق.)


حازم: "اعتبريني يا ستي حكاية بتقريها زي زمان."


(حنين ضحكت وهي تمسح دمعة نزلت على خدها، وقالت بخفة، بس قلبها كان بيرتعش.)


حنين: "احكي يا كابتن حازم."


تتبع

الكتابه صفاء حسني



مذاكرت عاشق

قلبت حنين الصفحة التاسعة 


وهي بتقرا، ملامح وجهها كانت فيها شوق وحنين، لكن عينيها وقفت فجأة عند كلمة واحدة مكتوبة بخط راجف،


"اعتذر".


رفعت راسها وبصت في الفراغ، ثم كملت بصوت خافت فيه وجع:


"بعتذر يا حنين وانا بكتب ليك كانت عندي معلومة خاطئة إن جدي تزوج زوجة تاني، لكن اللي فهمته بعد كده إنه اتجوزها بعد موت والدة عمي صالح... هبدأ معاك الموقف اللي عرف فيه جدي بجدتي فاطمة."


وأنا دلوقتي بتأمل صورتك اقدمى 


وبسمع اغنيه هانى شاكر البوم صور 


أنا عمري في لحظة يمر


و الذكريات ألبوم صور


في الصورة دي ضحك القمر


لما تقابلنا في السفر


يا حبيبي شفتك حزين


و في كل عين ليه دمعتين


ع الصورة دي مرت سنين


و يا ريتني أغير في الصور


أنا عمري في لحظة يمر


و الذكريات ألبوم صور


في الصورة دي ضحك القمر


لما تقابلنا في السفر


يا حبيبي شفتك حزين


و في كل عين ليه دمعتين


ع الصورة دي مرت سنين


و يا ريتني أغير في الصور


ليه بالصور أنا برسمك


و يكلموني و أكلمك


أنا نفسي مرة أفهمك


الحب مش ألبوم صور


روحي معاك بتونسك


واحشني نفسي ألمسك


و أحضن إيديك و أنا بحرسك


و نعيش سوى من غير صور


ليه بالصور أنا برسمك


و يكلموني و أكلمك


أنا نفسي مرة أفهمك


الحب مش ألبوم صور


روحي معاك بتونسك


واحشني نفسي ألمسك


و أحضن إيديك و أنا بحرسك


و نعيش سوى من غير صور


كان نفسي أحلم معاك


لما أعيش وياك هناك


و انده عليك و أحضن هواك


من غير ما دور ع الصور


ياما قلت أنا مش سعيد


و ما فيش أمل و لا يوم جديد


و أنا حاعمل إيه و إنت بعيد


و العمر بيضيع في الصور


كان نفسي أحلم معاك


لما أعيش وياك هناك


و انده عليك و أحضن هواك


من غير ما دور ع الصور


ياما قلت أنا مش سعيد


و ما فيش أمل و لا يوم جديد


و أنا حاعمل إيه و إنت بعيد


و العمر بيضيع في الصور


ليه بالصور أنا برسمك


و يكلموني و أكلمك


أنا نفسي مرة أفهمك


الحب مش ألبوم صور


روحي معاك بتونسك


واحشني نفسي ألمسك


و أحضن إيديك و أنا بحرسك


و نعيش سوى من غير صور


ليه بالصور أنا برسمك


و يكلموني و أكلمك


أنا نفسي مرة أفهمك


الحب مش ألبوم صور


روحي معاك بتونسك


واحشني نفسي ألمسك


و أحضن إيديك و أنا بحرسك


و نعيش سوى من غير صور


ارتسمت ابتسامة هادئة على وش حازم وهو بيشرح بصوته إللي هى بتحسي إنها سامعه دايمًا فيه حنية وهو بيحكى وقامت شغلت نفس الاغنيه وهى بتقرا 


"جدي كان بيحكي لي إنه ما شافش الحب والتقدير والاحترام والحنان إلا معاها. المهم، جدتي فاطمة بدأت تقارن بين العينة."


رفعت حنين حاجبها باهتمام وهي بتتخيل المشهد، وصوتها الداخلي كان بيقول: "واضح إنها كانت ست مختلفة عن الكل..."


وبصوت تحليلي، كأنها واقفة جوه القصة، قرأت:


"ده نوع رديء أوي، ولو استخدمناه اسم المنتج هيقل، علشان المصنع معروف إنه بينتج منتجات بخامات عالية. أما ده فبيستخدم للأسواق الشعبية اللي بتتباع بأسعار رخيصة. أما ده فبينفع للماركات وبييدي اسم كويس ومكسب مش سريع بس مع الوقت هيعطيني عائد مادي كويس. بس مع الوقت هنخسر اسمنا واحترامنا للزبون."


اتخيل حازم جده وهو بيسمع الكلام ده، ملامحه مليانة إعجاب، فابتسم وهو بيكمل:


"كان الجد مبسوط وهو بيسمع كلامها."


(وسبحان الله، الجد اختار النوع اللي هي اختارته، مع إنه كان ممكن وقتها الصفقة تخسر ونسبة نجاحها 40٪، بس هو غامر. وبعد فترة صغيرة عرف إنها مثقفة وجميلة ومحترمة، خلاها مديرة إدارية في المصنع، وكان بيعتمد عليها في حاجات كتير.)


تبدلت ملامح حنين بالحزن وهي بتقرا الجزء اللي بعده:


"أما جدتي أم عمي صالح كانت بتاخد مخدرات وبتسهر وبتتنطط من ديسكو لديسكو لحد ما اتعودت على المخدرات، وكانت مهملة في عمي وجدي. لحد ما في يوم زودت الجرعة وهي راجعة عملت حادث وماتت. كان عمي صالح عنده 8 سنين."


تنهد حازم وكأنه عايش القصة بنفسه، وصوته اتغير لما قال:


"كان جدي بياخد عمي معاه بعد موت مراته إلى المصنع. فاطمة كانت بتحب الأطفال أوي، بس ربنا ما رزقهاش بالأطفال من جوازها الأولاني وانفصلت. كانت كل ما تشوف عيل تدلعه. شافت صالح كانت بتقعده معاها وتاكله وتذاكر له. كان جدي بيراقب كل ده وحس بحنانها على ابنه، لحد ما صالح عمي اتعلق بيها وجدي برضه اتعلق بيها وهي كمان حبتهم واتجوزها جدي بعد فترة، وكانت المفاجأة إنها خلفت أبويا وكانت بتعامله زي ما هي ما بتتغيرش مع إنها كانت فرحانة إن الأمل في الأمومة بقى حقيقة."


عين حنين دمعت وهي بتكمل:


"لحد ما في يوم عمي راح عند قرايب أمه وكان عنده 12 سنة، ودخلوا في دماغه إن جدي هو السبب في موت أمه علشان كان مهملها وسايبها وقاعد مع عشيقته، كانوا يقصدون جدتي فاطمة. وكان الهدف من ده لأن جدي خلال سنتين بقى رجل أعمال معروف لأن الاستقرار في الأسرة ومحبة جدتي فاطمة له وتعاونها معاه كانت بتعمل وتهتم بجدي وبابا وعمي."


ضغطت حنين بإيديها على الورق وهي بتكمل القراءة، وصوتها بقى فيه غُصة:


"أما أهل أمه كانوا طمعانين، كانوا عايزين يكون تحت وصيتهم، وجدي يصرف عليه في الظاهر وعليهم في الباطن، وفي يوم من الأيام يورث كل حاجة. وفعلا بقى عمي يكره بابا ويضربه، ويعامل جدتي على إنها مرات أبوه، حتى أصبح عمره 16 سنة وذهب إليهم، ومن هذا اليوم بقى بيكره بابا لأن بابا كان متفوق وملتزم، كان واخد الطيبة وحب الناس، وكان بيروح مع جدتي كتير إلى حي السيدة زينب وتعلق بيه. لكن السبب الأكبر في كره عمي لأبويا هي أمي."


سكتت حنين لحظة، نزلت دمعة على خدها وهي حاضنة الدفتر كأنه آخر ما تبقى لها من حكايات العمر، ونظرت إلى الفراغ 


انت بتحكى عشان تبرار لي الا عمله عمك معايا ومعاك لكن أنا مش أتنازل اكشفه سامحنى يا حازم 


وبعد شوية نامت وهي شايلة الدفتر على صدرها.


مع أول ضوء للشمس، صحيت الساعة ٦ على صوت هالة العالي وهي بتنده بغضب من أوضة تانية:


"إنتي فين يا حنين؟!"


رفعت حنين راسها بنعاس وارتباك، وبصت حواليها كأنها رجعت من عالم تاني...


قامت حنين ببطء، ملامحها فيها أثر السهر والتفكير اللي ما نامش،


حطت الدفتر في درج المكتب بتاع أبوها، وسكّرته كأنها بتحمي سر كبير،


وبعدين خرجت ودخلت الحمام، وشها كان هادي والمياه الباردة بتروي وشها المتعب، اتوضت وهي بتحاول تهدي قلبها اللي مش راضي يهدأ.


وبصوت عالي من ورا الباب، نادت:


> "أنا هنا يا هالة، بتوضى، دقايق والفطار هيكون جاهز."


صلت فرضها بخشوع وسكون، الدموع كانت محبوسة جوه عينيها بس ما نزلتش،


وبعد ما خلصت صلاة، خرجت على هالة اللي كانت قاعدة في الصالة مستنياها.


قالت هالة وهي بتبص لها بعتاب واضح في ملامحها:


> "انتي كنتي فين؟ مش هتبطلي اللي بتعمليه ده؟ تسبيني أنام وتروحي تقعدي مع نفسك."


ردت حنين وهي بتخفض راسها وبتحاول تهديها بصوت فيه اعتذار حقيقي:


> "يا حبيبتي، لا والله، ما جاليش نوم بس."


نظرت لها هالة بشك، حاجبها مرفوع وكأنها بتحاول تقرا اللي في دماغها:


> "والله؟ أنا حفظتك، ووليد باعتني علشان ما تحسيش بالوحدة، ما يعرفش إنك بتعشقي الوحدة."


اتنهدت حنين وهي بتحاول تبرر بهدوء، وصوتها فيه دفء:


> "ما اسمهاش وحدة، اسمها بحب الهدوء."


ضحكت هالة بتهكم وهي بتقلب عينيها:


> "والله؟ يعني أنا دوشة ومصدعاكي؟ طيب أنا ماشية."


مدت حنين إيدها بسرعة، عينيها فيها استعطاف وهي بتقول بنبرة ندم:


> "استني يا مجنونة، أنا ما قصدتش."


ضحكت هالة بخفة وهي بتمسك إيدها:


> "عارفة يا حبيبتي، بس أنا لازم أروح لأمي قبل ما أروح المستشفى."


قالت حنين بإصرار واضح، وهي بتحاول تكسب ودها:


> "طيب نفطر وأجي معاكي."


هزت هالة راسها وهي بتبتسم بموافقة بسيطة:


> "تمام."


(بدأت حنين تحضر الفطار، كل حركة منها فيها حنية واهتمام، بتحاول تطرد التعب اللي جواها، وبعد ما خلصوا فطار...)


قالت حنين وهي بتلم الأطباق بخفة:


> "استني يا حبيبتي، أنا جاية معاكي."


ضحكت هالة بخفة وهي بتعدل شنطتها على كتفها:


> "يا بنتي، كان وليد عدى عليا وأخدني، ليه تتعبي نفسك؟ ولا علشان تصالحيني؟ لا يا ماما، الصلح ده ما ينفعش."


قربت حنين منها بخطوة، عينيها فيها دفء وحنية، وصوتها طالع بإصرار ناعم:


> "طيب حقك عليا، أنا أساسًا هروح على القسم اللي في السيدة زينب يعني ما فيش تعب، أنا جاية معاكي لمصلحة."


ضحكت هالة بفضول وهي بترفع حاجبها وبصوتها الخفيف اللي فيه شقاوة:


> "آه، قولي كده، جاية لمين يا ترى؟"


قالت حنين بصراحة وهي بتزفر بهدوء كأنها قررت تواجه:


> "قسم السيدة علشان آخد معلومات عن قضية وأعرف إن كانت ملفقة فعلًا ولا لأ."


انتظرت هالة لحظة، وبصوتها اللي فيه نغمة تذكير قالت وهي بتتأملها:


> "قضية سالم ابن أم سالم بياعة الخضار، صح؟ بس إنتي قلتِ هترفضيها."


وضحت حنين وهي بتتكلم بهدوء وعقل، كأنها بتحاول تقنع نفسها قبلها:


> "كنت عايزة أخلص القضايا القديمة وأركز على استعادة ابني من صالح ومراته، بس القضية اللي في المصنع، عايزة أمسك أي حاجة أضغط بيها عليهم."


نظرت لها هالة بغضب خفيف، نبرة صوتها فيها لوم أكتر من عصبية:


> "من أمتى بتستغلي حاجة الناس لمصلحتك؟"


تنهدت حنين وهي بتحط إيديها على الترابيزة قدامها وتتكلم بتبرير صادق:


> "لو هو بريء هساعده أكيد، أما لو فيه أي شبهة هأكون مسكت أي غلطة على صالح."


رفعت هالة نظرها ليها، وقالت بصوت حزين فيه تساؤل حقيقي:


> "فين حنين أم قلب طيب؟"


سكتت حنين شوية، وبعدين بصت لها بنظرة كلها وجع وكسرة قلب، صوتها طالع مبحوح وهي بتقول:


> "ماتت من اليوم اللي ضغط فيه على أبويا علشان اتجوز ابن صالح، ولما كشفته أنه السبب في حادثة حازم  حاول يخلص مني، بس القدر كان أقوى منه. وجعه على ابنه لكن وجعني على أبويا وأمي معاه، وبرضه ما سكتش، فحاول يوجع قلبي وأخد إياد ابني في لحظة انهياري ومرضي."


قربت هالة منها وربتت على كتفها بحنان وصوتها فيه مواساة صادقة:


> "خلاص يا حنين، انسي الماضي، ابنك جاي النهارده، لازم تكوني مبسوطة."


---


ردت حنين بوجع وهي عينيها مليانة شجن، وصوتها فيه وجع أم موجوعة من البُعد:


> "آه، إن شاء الله هناء هتجيبه على الساعة 7، ولازم أخلص كل حاجة النهارده."


قالتها وهي بتزفر تنهيدة طويلة، وبصت قدامها في الفراغ كأنها شايفة صورت ابنها من بعيد،


كملت بصوت مبحوح:


"بقيت أنا اللي بشوف ابني برؤية، مش جده... مين أحق بابني؟ الأم ولا الجد ومراته؟ بس أقول إيه... ربنا منتقم."


اقتربت هالة منها بهدوء، ومدت إيدها وربتت على إيدها بحنية، عينيها كلها تعاطف وقالت بلطف:


> "ماشي يا ستي، قربنا نوصل. أنا هنزل هنا وإنتي كملي على القسم وبعده السجن، مش عارفة إزاي بتستحملي كل ده."


هزت حنين راسها بابتسامة باهتة وهي بتحاول تخفي تعبها، وقالت بنبرة فيها صلابة رغم الوجع:


> "اتعودت يا قمر، المهم، عاملة إيه مع وليد؟"


ضحكت هالة بخفة، عينيها فيها لمعة سخرية ودهشة في نفس الوقت، وقالت وهي بتبص لها:


> "لسه فاكرة يا أختي؟ نفسي أعرف إيه اللي كان شاغلك إمبارح، ما كنتيش معايا."


سرحت حنين وهي بتبص من الشباك، كأنها خرجت من اللحظة كلها، وعينيها غابت في ذكريات مؤلمة،


وبصوت شبه الهمس قالت كأنها بتكلم نفسها:


> "كنت مع مذكرات عاشق."


نظرت لها هالة باستغراب وهي بتضحك بخفة وقالت وهي بترفع حاجبها:


> "بتقولي إيه؟ فيلم ده ولا حكاية جديدة؟"


استفاقت حنين من شرودها بسرعة، وابتسمت بخجل وهي بتحاول تغير الموضوع:


> "ما تاخديش في بالك."


قالت هالة وهي بتهزر بنبرة خفيفة لكنها بتحاول تخفي قلقها عليها:


> "تمام، سلام يا صاحبة القلب الجامد."


ضحكت حنين وهي بتهز راسها وقالت بابتسامة فيها مزيج من المرارة والفخر:


> "أنا صاحبة القلب الجامد، ماشي يا ستي، سلام."


(نزلت هالة عند أول الشارع، وفضلت حنين سايقة بهدوء، وشها ثابت لكن جواها دوامة من المشاعر، بتحاول تجمع شجاعتها قبل ما توصل القسم.)


بعد شوية دقايق، وقفت العربية قدام القسم، نزلت وهي شايلة شنطتها، خطواتها فيها ثقة بس عينيها فيها حذر.


دخلت عند الضابط وقالت بنبرة رسمية فيها احترام:


> "ممكن أقابل العقيد سامح؟"


رفع العسكري نظره ليها وسأل وهو بيعدل الكاب على راسه:


> "نقول له مين؟"


ردت بابتسامة بسيطة ونغمة هادية:


> "المحامية حنين محمد الدسوقي."


قال العسكري بسرعة وهو بيكتب الاسم:


> "دقيقة."


(دخل العسكري أوضة المكتب، وهناك كان فيه شاب حوالي 35 سنة، طويل القامة، ملامحه قوية وعيونه حادة كالسيف، صوته عالي وهو بيزعق في العسكري.)


قال سامح وهو بيخبط بإيده على المكتب بعصبية:


> "مش قلت لك 100 مرة ما تدخلش قبل ما أطلب منك؟ مش شايفني مشغول؟!"


اتلخبط العسكري وابتدى يتأتأ بخوف، وهو بيقول بسرعة:


> "أصل فيه محامية بره عايزة تقابل حضرتك."


رد سامح بحدة وهو بيبعد الملفات بعصبية:


> "مش فاضي أقابل حد."


قال العسكري بخضوع وهو بيحاول يهرب من غضبه:


> "حاضر."


(سمعت حنين صوته من بره، صوتها اتغير وهي بتهمس لنفسها، عينيها فيها خليط من الحنين والضيق):


> "آه، نسيت، ده بقى أكتر إنسان عصبي في الكون رغم قلبه الطيب. مش وقته يا عم سامح، أنا محتاجاك."


رجع العسكري ليها وقال وهو بيحاول ما يبصش في عينيها:


> "رفض يقابل حد يا أستاذة."


ابتسمت حنين بسخرية خفيفة وهي بترد بنغمة فيها لا مبالاة مقصودة:


> "ما يهمكش."


(العسكري مشي وهو بيكلم نفسه بصوت واطي، وهو طالع من المكتب):


> "هروح أجيب له قهوة وأرجع يكون هدي شوية."


(وقفت حنين بره الباب، إيديها متشابكة، وصوت خطواتها على البلاط كان مسموع، كل ثانية بتعدي كأنها ساعة، مستنية اللحظة اللي الباب يتفتح فيها...)

تكملة الرواية من هناااااااا 

لمتابعة باقى الرواية زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كاملةمن هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

 مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هناااااا






تعليقات

close